أول جريدة إلكترونية مغربية تتجدد على مدار الساعة

سلا تحت ضغط الإيجارات: أسباب ارتفاع أسعار الكراء ودور السوق غير المنظمة

جريدة أصوات

أصوات من الرباط

شهدت مدينة سلا خلال السنوات الأخيرة ارتفاعًا ملحوظًا في أسعار الإيجارات، حيث تجاوزت قيم الشقق في بعض المناطق حاجز 2400 دينار، ووصلت إلى أكثر من 4000 دينار في مناطق أخرى. هذا الارتفاع غير المسبوق يثير الكثير من القلق والتساؤلات حول الأسباب الحقيقية وراء تفاقم هذه الظاهرة، وتأثيرها على السكان، خاصةً الفئات ذات الدخل المحدود. في هذا المقال، نسلط الضوء على العوامل المتشابكة التي أفرزت هذا الوضع، مع التركيز على دور السوق غير المنظمة، والعوامل الاجتماعية والاقتصادية، وسلوك المستثمرين.

الجزء الأول: السوق غير المنظمة والاحتكار
أحد الأسباب الرئيسة لارتفاع أسعار الكراء في سلا هو غياب تنظيم فعال لسوق العقارات. السوق غير المنظمة يسمح للمستثمرين والملاك بفرض أسعار غير محددة، بدون رقابة أو قوانين صارمة تضبط السوق. أدى ذلك إلى ظاهرة الاحتكار واستغلال الطلب العالي على السكن، خاصة مع تزايد هجرة السكان من الريف والقرى المجاورة إلى المدينة، مما يزيد الضغط على العرض المحدود من الشقق والنمو السكاني المطرد.

الجزء الثاني: الطلب المتزايد على السكن
السكان في سلا يبحثون عن مسكن يلبي حاجاتهم، خاصةً مع تدهور الظروف المعيشية وارتفاع مستوى الوظائف والمشاريع الاقتصادية في المنطقة. الطلب المتزايد على الشقق، خاصة في المناطق المركزية والمناطق ذات البنية التحتية الجيدة، أدى إلى مضاعفة الأسعار، حيث أصبح الكراء مقصدًا للمستثمرين الذين يرون في العقارات مصدر ربح مضمون، وهو ما زاد من حدة الأزمة.

الجزء الثالث: العوامل الاقتصادية والاجتماعية
ضعف السياسات الحكومية وتنظيم القطاع العقاري أدى إلى غياب الضابط في تحديد هوامش الربح وفرض أسعار عادلة. كما أن ارتفاع تكاليف البناء، والمواد الخام، وأجور العمال، ساهم في رفع تكلفة إنشاء أو تجديد الشقق، مما انعكس مباشرة على أسعار الكراء. من جهة أخرى، تزايد الفوارق الاجتماعية وضعف الدخل الميسر جعل العديد من السكان يواجهون صعوبات في تحمل الأجور المرتفعة، مما يفاقم ظاهرة الترحيل أو البحث عن مساكن أقل جودة بأسعار أدنى.

الجزء الرابع: غياب السياسات الحماية للمستأجرين
نقص التشريعات التي تحمي حقوق المستأجرين وتشجع على تنظيم السوق، ساهم في استغلال بعض الملاك لوضعية الحاجة، حيث يفرضون أسعارًا باهظة، ويصرون على عقود غير واضحة. غياب سياسة سكن مدعومة أو برامج لتيسير السكن الميسر يزيد من معاناة الفئات الضعيفة، ويعزز من ظاهرة التفاوت الاجتماعي.

إن ارتفاع أسعار الكراء في سلا حدث ناتج عن عوامل متعددة ومتداخلة، تبدأ من غياب تنظيم السوق، وتصل إلى عوامل اقتصادية واجتماعية، وتأتي انعكاسات السياسات الحكومية غير الكافية على مشهد السكن بالمدينة. لمواجهة هذه الظاهرة، يتطلب الأمر وضع خطة استراتيجية تتضمن تنظيم السوق، وضع قوانين صارمة، وتشجيع برامج السكن الميسر، وتفعيل دور السلطات المحلية في مراقبة الأسعار، لضمان حق السكن الكريم للجميع وتنظيم السوق العقارية بشكل يُعزز الاستقرار والتنمية المستدامة.

التعليقات مغلقة.