أول جريدة إلكترونية مغربية تتجدد على مدار الساعة

سوريا تتجه نحو تجريم خطاب التحريض الطائفي لتحقيق السلام والوحدة الوطنية

جريدة أصوات

أصوات من الرباط

على مدى الأشهر الثلاثة الماضية، شهدت سوريا نقاشات موسعة غير مسبوقة حول ظاهرة التحريض الطائفي وخطاب الكراهية، بمشاركة فاعلة من مكونات اجتماعية وإعلامية متنوعة، وصولا إلى تصاعد التوترات الكلامية بين أطراف مختلفة من المجتمع، خاصة مع تصاعد الصراعات على مستوى المكونات الطائفية والأقليات.

وفي هذا السياق، أكد المسؤولون والنخب السورية على أهمية ترسيخ ثقافة وطنية تتجاوز الطائفية، فيما حذر خبراء من مخاطر إحياء النزاعات المناطقية، التي قد تؤدي إلى صراعات داخلية طويلة الأمد تهدد وحدة البلاد وهويتها الوطنية.

وكان وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني قد حذر في خطاب أمام القمة العربية الـ34، من محاولة تفتيت المجتمع السوري عبر مشاريع تهدف إلى إقامة كانتونات طائفية، مؤكدًا رفض حكومة دمشق لأي مساعٍ تمس بنسيجها الوطني أو تسعى لتفكيك وحدته.

وفي الوقت الذي تنظر فيه النخب إلى التحريض الطائفي كممر خطر يؤدي إلى تفتيت المجتمع، ينسب خبراء إلى بعض الأطر القديمة والحديثة، حملات التحريض، خصوصًا تلك المرتبطة بمجموعات محسوبة على النظام أو ذات خلفيات استعمارية، والتي استثمرت في الطائفية لتعزيز مصالحها.

وفي سياق استحضار التاريخ، يتكرر الحديث عن مخططات فرنسية كانت تستهدف تقسيم سوريا إلى دول طائفية خلال عهد الانتداب، وهو ما يؤكد أن الطائفية ليست مجرد ظاهرة سلبية في الوقت الراهن، وإنما استراتيجة استُخدمت على مر العصور لتحقيق أهداف سياسية وعسكرية.

وتؤكد تحليلات خبراء مثل الباحث عبد الله بارودي، إلى أن مشروع الطائفية كوسيلة للاستعمار القديم، ما زال حاضراً عبر بعض المشاريع السياسية الحديثة التي تسعى إلى إدارة ذاتية أو كونفدرالية، بهدف إضعاف وحدة البلاد، وتحقيق مصالح مرتبطة بصراعات النفوذ، سواء على الصعيد المحلي أو الإقليمي والدولي.

على الصعيد الوطني، يسعى المجتمع السوري، ممثلاً بمسيحييه من الأديان والطوائف، للحفاظ على تماسك النسيج الوطني، مؤكدين على أن الوحدة وتكامل المجتمع هو السبيل الأوحد للحفاظ على سلامة البلاد، في مواجهة دعوات التفتيت والتحريض التي يقودها بعض الأطراف.

وفي ظل تنامي خطاب الكراهية، أصبح من الضروري تفعيل القوانين والتشريعات لضمان تجريم كل أشكال الخطاب الطائفي والتحريض على التفرقة، من خلال إصدار قوانين واضحة، وتفعيل المؤسسات المختصة بالملاحقة وتوثيق هذه الظواهر، ويأتي ذلك ضمن استراتيجية شاملة لتحقيق العدالة الانتقالية، التي تعتبر الركيزة الأساسية لمصالحة وطنية حقيقية.

وفي هذا الإطار، أصدر الرئيس السوري مؤخراً إعلانا دستورياً مؤقتاً يحتوي على مواد صارمة تهدف إلى تعزيز السلم الأهلي، وتأكيد المساواة بين جميع مكونات المجتمع، وضرورة محاسبة المجرمين الخطيرين، لضمان استقرار واستمرارية دولة سورية موحدة، تضمن حقوق جميع مواطنيها.

وفي ختام، توصي الجهات المختصة بمضاعفة الجهود على مستوى التشريعات، والإعلام، والتربية، لخلق بيئة تستبعد خطاب الكراهية، وتؤسس لمستقبل يعمه السلام والعيش المشترك، مستندين على معاهدات دولية ومواثيق حقوق الإنسان، لضمان حماية وحدة سوريا، وسلامة نسيجها الوطني من أي محاولات فتنة أو تمزيق.

التعليقات مغلقة.