كورونا.. جائحة أدت إلى الإفلاس وتراكم الديون.. هل تتراجع الحكومة وتبدأ في دعم الشركات والأسر؟
بقلم الأستاذ محمد عيدني
أصوات من الرباط
على مدى أكثر من عامين، كانت جائحة كورونا (كوفيد-19) بمثابة الزلزال الذي هز عرش الاقتصاد العالمي، وترك آثاراً عميقة على مختلف قطاعات الأعمال، لا سيما تلك الشركات والصناعات الصغيرة والمتوسطة التي لم تكن قادرة على الصمود في وجه الأزمات غير المتوقعة. في بلدنا، تبرز العديد من الشهادات والأحاديث التي تؤكد أن كورونا لم تكن مجرد أزمة صحية، بل كانت كارثة اقتصادية حقيقية، أدت إلى إفلاس العديد من الشركات وتراكم الديون على حساب العمال والمواطنين.
أرقام وتحذيرات من الإفلاس الجماعي
تشير تقارير رسمية إلى أن آلاف الشركات، خاصة تلك التي تتعامل في الخدمات والتجارة والصناعات الصغيرة، أغلقت أبوابها نهائياً، فيما تراكمت الديون على المؤسسات المتبقية، فتدهورت وضعيتها المالية بشكل كبير. وبينما كانت الجهات الحكومية تسعى للحد من انتشار الوباء، لم تتخذ إجراءات عاجلة وفعالة لمساندة القطاع الخاص الذي ضاق ذرعاً من الضرائب والتحملات الزائدة، في ظلِّ غياب خطط واضحة لإنقاذ الاقتصاد الوطني من الانهيار.
وجلسات النقاشات والصحافة تناولت بلا توقف تداعيات الأمر، خصوصاً أن الكثير من الشركات واجهت مصيراً مجهولاً، ومعها فقد مئات الآلاف من العمال وظائفهم، وأُغلقت بيوت وتوسعت دائرة البطالة بصورة لم تكن في الحسبان.
غياب التدخل الحكومي الفعّال.. وتراكم الديون على كاهل الشركات والأسر
المثير للدهشة أن الكثير من المشاكل التي تفاقمت جراء الأزمة لم تحظَ بعدُ باهتمام كافٍ من طرف الحكومة، التي لم تتخذ حتى الآن إجراءات ملموسة لإنقاذ الشركات المتعثرة. فبدلاً من تقديم دعم مالي مباشر، أُ العمّال وأصحاب الشركات، تراكمت الضرائب وانتشرت الملاحظات حول قوانين تدقيق صارمة، أدّت إلى إفلاس العديد من الشركات الصغيرة والمتوسطة، وأدت إلى نتائج كارثية تمثلت في زيادة نسبة البطالة وتدهور مستوى المعيشة.
وفي ظل غياب حلول واضحة، أضحى العديد من أصحاب المؤسسات عاجزين عن تسديد ديونهم المتراكمة، ولا يجدون من يسندهم، ما أدى إلى انهيارات اجتماعية ونفسية، وتفتت الأسر التي كانت تكافح من أجل البقاء.
الحاجة إلى تدخل فاعل.. وابتكار حلول إنقاذية
وفي ظل هذه الأزمة غير المسبوقة، تبرز تساؤلات عديدة حول دور الحكومة ومسؤوليتها في حماية القطاع الخاص والعمال، إذ أن الانتظار لم يعد مقبولاً، ويجب أن تكون هناك خطة إنقاذ فعالة تتضمن إجراءات دعم مالية، وتخفيف الأعباء الضريبية، وتسهيلات في سداد الديون، إلى جانب دعم مباشر للمقاولات الصغيرة التي كانت العمود الفقري للاقتصاد.
كما أن على الحكومة أن تراجعت عن بعض القرارات التي زادت العبء على الشركات، وأن تفتح حواراً استراتيجياً مع جميع الأطراف المعنية لتعزيز الاقتصاد الوطني، وتحقيق التوازن بين حماية الصحة العامة واستمرار عجلة الإنتاج والتنمية.
دعوة إلى التضامن والعمل الجماعي
الأزمة التي عصفت بالاقتصاد يمكن تخطيها، لكن ذلك يتطلب تضافر الجهود من جميع الأطراف: الحكومة، القطاع الخاص، والمجتمع المدني. فمثلما كانت كورونا جلسة اختبار لقوة وصلابة بلادنا، فهي الآن تحدٍ للوجدان الوطني وإرادتنا الجماعية، لنتكاتف يداً بيد، ونبدأ خطوات فعلية لإنقاذ ما تبقى من أمل، لضمان مستقبل أفضل للأجيال القادمة.
التعليقات مغلقة.