محاكمة الصحافي حميد المهداوي تثير جدلاً واسعاً وتوتر الأجواء الحقوقية في الرباط
بقلم الأستاذ مراد عيدني
أصوات من الرباط
في مساء اليوم الأخير من يونيو، تستمر محاكمة الصحافي حميد المهداوي أمام محكمة الاستئناف بالرباط، في جلسة استمرت لوقتٍ متأخر من الليل، حيث وصلت الساعة إلى الرابعة والنصف فجراً، وهو وقت غير معتاد بالنسبة للدعاوى القضائية ذات الطابع السياسي والإعلامي الحساس. وتُعد هذه المحاكمة، التي انطلقت منذ الساعة الثالثة بعد الزوال من يوم أمس، واحدة من أكثر المحاكمات التي أثارت ردود فعل واسعة في الأوساط الحقوقية والإعلامية بالمغرب، وتطرح العديد من التساؤلات حول مدى احترام حقوق الإنسان والحرية الإعلامية في البلاد.
خلفية القضية وملابساتها
يُذكر أن الصحافي حميد المهداوي، الذي يُعرف بدوره كصوت حر وآخر يُعبر عن قضايا المجتمع المغربي، تم اعتقاله على خلفية تغطيته للأحداث الاجتماعية والسياسية الأخيرة، وخاصة تلك المتعلقة بالحراك الشعبي في الريف، حيث يُتهم في بعض الأوساط بأنه كان من أحد الفاعلين في تحريك الرأي العام ضد السلطة. إلا أن مؤيدي المهداوي يرون في اعتقاله استهدافاً لمدونته الصحفية وتشبثاً بمحاولات السيطرة على الإعلام واستعمال القضاء كوسيلة لتركيع الأصوات الحرة.
جلسة طويلة تبرز تعقيدات الملف
الدعوى التي دامت لليوم بأكمله، تخللتها مرافعات مطولة من قبل الدفاع والنيابة، كما شهدت تدخلات قوية من قبل الحضور، من بينهم حقوقيون، نشطاء، ومراقبون دوليون، الذين طالبوا بضرورة احترام حقوق الإنسان وعدم التضييق على حرية التعبير. ووسط هذا الجو المشحون، لا تزال المحكمة تستمع لأقوال الشهود وتبحث في الأوراق، وسط آمال كبيرة بأن يُحكم للعدالة أن تأخذ مجراها الصحيح.
التوتر وتداخل الحقوق والحريات
ويمكن القول إن مشهد المحاكمة يستدعي وقفة تأمل حول مدى توازن السلطة القضائية مع الحقوق الأساسية للأفراد، خاصة في سياق حساس يتسم بالمواجهة بين حرية الإعلام والضغوط السياسية. ففي ظل التوتر الموجود، تتصارع مواقف عدة، ما بين من يرى في إدانة المهداوي حماية للمؤسسات، وبين من يعتبر أن القضية تعكس تصاعد التضييق على الصحافة ومستوى قمعي غير مقبول للأصوات الحرة.
توقعات المستقبل والآمال في عدالة مستقلة
مُرتقب أن يتم إصدار الحكم في موعده المحدد ليوم 30 يونيو 2025، حيث يتوقف الكثير على مدى استقلالية القضاء واستجابته لمطالب المجتمع المدني والحقوقيين الذين يطالبون بمحاكمة عادلة وشفافة تضمن عدم انحراف العدالة عن مسارها الطبيعي. وفي النهاية، فإن القضية، بكل تعقيداتها، تبرز مرة أخرى أهمية حماية حقوق الإنسان وحرية التعبير، وأن تكون العدالة حاكمة في كل الظروف والأوضاع.
يبقى ملف الصحافي حميد المهداوي أحد علامات الاستفهام الكبيرة حول مستقبل حرية الإعلام بالمغرب، حيث تتشابك المصالح والحقوق، وتتداخل موازين القوة بين الدولة والإعلام، في معركة لا تزال مفتوحة تنتظر نتائجها بفارغ الصبر من قبل مهتمين بالشأن الحقوقي والإعلامي، على أمل أن تكون العدالة هي الحكم النهائي الذي يرد الاعتبار لحقوق الصحافة وحرية التعبير في البلاد.
التعليقات مغلقة.