الحبيب عكي
-
التحدي الرابع: اضطرابات تدبير الفائض والخصاص المتكررة بداية كل موسم: وهو أمر مرتبط أيضا في جزء منه بتنظيم الامتحانات المهنية بداية السنة بدل آخرها، ولا أدري أي جرم شنيع يرتكبه الإداريون عندما يعلنون عن نتائج الامتحانات المهنية بداية السنة بدل آخرها، فإذا بمدراء المؤسسات التربوية يقعون في ورطة كبيرة تربك دخولهم المدرسي واستقرارهم التربوي، إذ يكونون قد دفعوا خريطة مدرسية بدون خصاص آخر السنة، وإذا بهم ينجح بعض الأطر العاملين عندهم في بداية السنة، ولا يجدون ما يعوضونهم به رغم زوبعة الفائض والخصاص، فالمديرية الإقليمية ككل قد يكون عندها خصاص في الأطر في بعض المواد، مع حذف ما كان ساريا من الحركة الانتقالية المحلية والحركة الجهوية التي كانت توازن بعض الشيء. أضف إلى ذلك اللواتي يذهبن في رخصة ولادة أو الذين يذهبون في رخصة مرض، فإذا العديد من المؤسسات في أزمة خصاص مع بداية الموسم الدراسي، وإذا عجز التعويض واستحالتة في بعض الأحيان يفرضان المعالجة المرة على الجميع، بحشر التلاميذ في أقسام أربعينية وخمسينية غاية في الاكتظاظ الذي ندعي محاربته، وحذف التفويج في المواد العلمية على المستوى الإعدادي والثانوي، حتى يفجروا أعصاب الأساتذة العاملين وينغصوا عليهم طريقة عملهم التجريبية وكأنهم هم المسؤولون على هذه الأزمة والاضطراب وعليهم أن يتحملوا وحدهم تكلفة ترقيعها المكلف، بدل العشوائية المقرفة لبرمجة الإمتحانات، وبدل غياب مكاتب التخطيط والتوقعات أو سحب القرار منهم كما يسحب من غيرهم، ناهيك عن العشوائية التي يدبر بها أمر تصريف هذا الفائض، فمرة حسب أخر من التحق، ومرة حسب الأقديمية في المنطقة، ومرة بالتكليف، ومرة بالتعيين الإجباري النهائي..، وكلها تدابير تمزق الأستاذ في عمله وأمنه واستقراره؟.
-
التحدي الخامس: هو خطورة تراجع المبادرة والإخلاص في العمل: الإخلاص ليس بمعنى الحضور والعمل الدائم، ولكن عندما ترى هناك اختلالات ينبغي أن تصلح ولا تصلح ويتغاضى عنها المسؤول رغم كون الأمر ليس ضروريا؟، أولا، لأن الرؤية والمخططات والبرامج لا يمكن إنجازها بغير العمل والعمل الحقيقي، وهذا أمر متعثر في المنظومة على أكثر من صعيد، حتى أن المتتبع للشأن التربوي من الداخل كثيرا ما يتساءل هل هناك فعلا رؤية ومخططات.. برامج ومؤشرات أم لا ؟.، مذكرة تتحدث عن تفويج الأقسام في المواد العلمية ولا تفويج؟، ومذكرة تمنع الاكتظاظ وهو المستشري، وأخرى تتحدث عن الحياة المدرسية ولا حياة؟، وأخرى تتحدث عن العتبة في النجاح ولا عتبة.. وهكذا؟، وكل ذلك استقال من إصلاحه الإطار فسقط في مجرد تدبير أزماتها ومتاهاتها؟، ثانيا، لأن الإطار في هذه المنظومة أصبح مكبلا في المجمل بالعديد من المذكرات والفصول التي لا تسمح له بكثير شيء.. ليس من حقه.. ليس من حقه.. وكل ما من شأنه فليس من حقه.. أولا، تشتيتا للمسؤولية وتمديدا لمسارها حتى تسهل مراقبتها في أية محطة تدعو إلى ذلك.. ثانيا، هذه المقاربة الأمنية الضيقة أدت إلى فقدان الثقة في الجميع من غير الفرق المعلومة التي ترفع شعار ” العام زين” والذي لا يتخذ من القرارات إلا ما يصادم مقاصد أصحاب القرار الفوقي الأكبر في المنظومة..؟، وهكذا أصبح الأستاذ يرى العديد من مواقف التدخل والمبادرة والإصلاح ولا يتدخل لأن القانون لا يسمح له بذلك.. لا تخرج تلميذا.. لا تتدخل في سلوك تلميذة.. لا تجبر تلميذا على واجب.. لا تضعف نقطته.. لا تقف ضد نجاحه وانتقاله.. لا.. لا..؟، حتى أصبح هذا الأستاذ وكأنه غريب عن المنظومة، ولكن ما به من روح إنسانية وطاقة إبداعية تأبى إلا أن تتفتق وبشكل مدهش في أشياء خارج المنظومة، في ممارسة التجارة.. في التعليم الخصوصي.. في العمل الجمعوي.. في النضال السياسي..؟. فبأي رهان وبأي دخول مدرسي يمكن للمنظومة استعادة أطرها البررة المخلصين المبدعين، وتيسير مبادرتهم وعملهم الجماعي التعاوني على أكثر من صعيد؟.
التعليقات مغلقة.