وعود انتخابية في مهب الريح: قصة دوار العسكر
بقلم الأستاذ محمد عيدني
لطالما كانت الانتخابات بمثابة محطة يتجمع فيها الأمل وينبعث فيها الوعد بالتغيير، حيث يتطلع المواطنون إلى تحسين واقعهم المعيشي ورفع مستواهم الاقتصادي والاجتماعي.
ولكن للأسف، كثيرًا ما تتحول هذه الوعود إلى كلمات تذهب أدراج الرياح، وتبقى تأثيراتها السلبية مستمرة في حياتهم اليومية.
في دوار العسكر، بحي المعمورة تتجسد هذه المعاناة بشكلٍ واضح، حيث يجد السكان أنفسهم مضطرين للعيش تحت وطأة الوعود المكررة التي تعودوا على سماعها منذ عقود.
منذ عام 1982، شهد الحي العديد من الحملات الانتخابية، وفي كل مرة يظهر فيها مرشحون جدد، يتحدثون بلغة التغيير والتطوير.
يرفعون شعارات جذابة تتعلق بتحسين البنية التحتية وتوفير الخدمات الأساسية، لكن سرعان ما تنقلب هذه الوعود إلى مجرد كلمات، ويتجلى الواقع المرير الذي يعيش فيه السكان.
إن مشكلة الحفر المنتشرة في الشوارع، على سبيل المثال، تعكس حالة الإهمال الذي يعاني منه دوار العسكر. فالطرقات التي تعتبر شريانًا حيويًا للتنقل والوصول إلى الخدمات، أصبحت عبارة عن حفر وأعطاب تعيق حركة المواطنين وتهدد سلامتهم.
لا تكمن المسألة فقط في مرشحي الانتخابات، بل تتعدى ذلك لتشمل السلطات المحلية التي تتحمل مسؤولية صيانة الطرق وتوفير البنية التحتية اللازمة.
إن انعدام التنسيق بين الجهات المعنية وتجاهل مصالح السكان يعكس فشلًا في إدارة الأمور، مما يدفع المواطنين إلى الاستياء وغياب الثقة في المؤسسات.
يتطلب الأمر من القائمين على الحكم أن يكونوا أكثر فعالية في التعامل مع قضايا مثل الحفر في الشوارع، وأن يتعاملوا معها بجدية وبروح المسؤولية.
فلا يمكن أن يُنظر إلى الانتخابات بشكلٍ منفصل عن احتياجات المواطن اليومية. يجب أن يكون تحسين واقع دوار العسكر جزءًا من الأجندة السياسية الحقيقية، حيث ينبغي على المرشحين والممثلين المحليين أن يكونوا صوتًا للمواطنين وأن يرفعوا قضاياهم إلى مستوى الأولويات.
إن الحفرة التي تسد الشوارع ليست مجرد ظاهرة عابرة، بل هي رمز لوضعية مئات العائلات التي تعاني نتيجة انعدام الخدمات الأساسية.
إنها دعوة للتمعن في دور المسؤولين لإحداث تغيير حقيقي ومنشود. فتلك الوعود التي يطلقها المرشحون يجب أن تكون مصحوبة بخطط عمل واضحة وملموسة تترجم إلى نتائج تضع حدًا للمعاناة التي باتت جزءًا من حياتهم اليومية.
إن تكاتف الجهود بين المواطنين والسلطات المحلية هو السبيل لتحقيق تحسينات ملموسة.
يجب على السكان أن يكونوا فاعلين في مناقشة قضاياهم والمطالبة بحقوقهم، حيث أن الوعي بالمصالح المشتركة يجعلهم قوتهم في وجه الوعود الفارغة.
وفي الوقت نفسه، يجب أن يأخذ المرشحون هذه المطالب بعين الاعتبار خلال حملاتهم، ويعملوا على تحقيق التغييرات الفعلية التي تساهم في بناء مجتمع أفضل.
ختامًا، إن قصة دوار العسكر ليست مجرد حكاية عن الوعود الانتخابية التي لم تتحقق فحسب، بل هي دعوة للتغيير ودعوة للحوار المستمر بين المواطن والممثلين.
لنتمسك بالأمل ولنجعل من دوار العسكر رمزًا للتحدي والصمود في وجه التحديات. فالتغيير الحقيقي يبدأ من هنا، من خلال الالتزام والاستجابة الفعالة لمطالب المواطنين وتطلعاتهم.
التعليقات مغلقة.