كشفت صحيفة “هآرتس” الناطقة بالعبرية عن موجة هجرة عكسية غير مسبوقة للمستوطنين الإسرائيليين نحو كندا،. عكست في ظاهرها عمق الأزمة التي يعيشها الاحتلال. إذ أظهرت الأرقام الرسمية تقدم نحو 7.850 مستوطنا (إسرائيليًا) بطلبات للحصول على تأشيرات عمل كندية، خلال العام الجاري. في زيادة تمثل 5 أضعاف أعداد المهاجرين في العام الماضي. ما يشير إلى تزايد القناعة لدى الإسرائيليين بأن مستقبلهم بات خارج الأراضي المحتلة.
تفكك مجتمع الاحتلال الإسرائيلي
كشفت البيانات التي حصلت عليها صحيفة “هآرتس” من دائرة الهجرة الكندية عن حقيقة تتمثل في أن العدد الفعلي للمهاجرين (الإسرائيليين) إلى كندا في 2024 تجاوز 10 آلاف شخص.
وأوضح التقرير أن السلطات الكندية وافقت على 3.425 طلبًا للحصول على تأشيرة عمل مؤقتة منذ ديسمبر الماضي، فيما لا تزال عشرات الطلبات قيد المراجعة.
الهروب الكبير
وهذه الأرقام تكشف عن أزمة ثقة عميقة بين المستوطنين (الإسرائيليين) ودولة الاحتلال. إذ ترصد الصحيفة العبرية تنوعًا لافتًا في خلفيات المهاجرين (الإسرائيليين) إلى كندا، من المهندسين والأطباء إلى رجال الأعمال والمبرمجين.
ونقلت “هآرتس” عن “ستاف أديفي”، مستشار العقارات والهجرة المقيم في كندا منذ 16 عامًا، إن فريقه ساعد أكثر من 120 عائلة (إسرائيلية) على الهجرة إلى تورونتو وحدها خلال العام الحالي.
وأضاف “أديفي” أن المهاجرين الحاليين يأتون مدفوعين بالخوف من أن إسرائيل لن تكون موجودة بعد ثلاث سنوات ويشعرون أنهم أنقذوا أنفسهم، كما أن المنطق الآن يدور كله حول البقاء”.
وتروي أييلت هايلويل، ناشطة على اتصال بمجتمع المهاجرين (الإسرائيليين) في مقاطعة بريتيش كولومبيا وحدها، كيف تحول المهاجرون إلى ما يشبه اللاجئين، إذ تقول: “وجدت نفسي أساعد الآخرين بعد ثلاثة أشهر من وصولي كندا، وأنا نفسي ما زلت غير مستقرة، إنه تحول صعب في منتصف العمر عندما ينهار كل شيء من تحتك بسبب حرب صعبة لا نهاية لها في الأفق”.
في قصة تعكس عمق أزمة الاحتلال، يقوال “مايكل روس”، وهو رجل أعمال (إسرائيلي) يبلغ من العمر 33 عامًا، كيف قرر مغادرة الكيان المحتل بعد هجمات 7 أكتوبر مباشرة.
وقال روس للصحيفة: “أدركت أن الحكومة لن تحميني، وأن مستقبلي لم يعد هنا”.
وفي حالة مشابهة، تقول ماشا، مبرمجة كمبيوتر تبلغ من العمر 38 عامًا، إنها غادرت مع زوجها وأطفالها الثلاثة إلى تورونتو، بسبب عدم المساواة في المعاملة وارتفاع الضرائب دون مقابل من الخدمات.
هذا وعلى الرغم من الإغراءات التي تقدمها كندا للمهاجرين الإسرائيليين، يواجه اندماجهم في المجتمع الكندي تحديات كبيرة، إذ إن معدل البطالة في كندا وصل 6.5%، وهو الأعلى منذ ثلاث سنوات.
وكانت الحكومة الكندية أعلنت خفض تأشيرات العمل المؤقتة بنسبة 10% للمواطنين من جميع أنحاء العالم. ورغم ذلك، يبدو أن المهاجرين (الإسرائيليين) يفضلون مواجهة هذه التحديات على البقاء في بلادهم كمستوطنين، مما يعمق أزمة الاحتلال بشكل لافت للنظر.
التعليقات مغلقة.