عدم الثقة في الشباب جعلته يحلم بالهجرة: لماذا يجب دعم أفكار الشباب للاستثمار فيهم وجعلهم عنصرًا فعالًا في المجتمع المغربي
بدر شاشا
في كل مجتمع، يشكل الشباب عموده الفقري وقوته الدافعة نحو التقدم والتطور.
لكن حين يُحرم هذا الشباب من الثقة والفرص، يتحول إلى كائن حائر بين واقع مرير وأحلام بالهروب نحو آفاق أخرى، غالبًا خارج حدود الوطن.
اليوم، أصبح الحلم بالهجرة يراود أعدادًا متزايدة من الشباب المغربي، ليس بدافع المغامرة أو حب الاستكشاف، بل بسبب إحساسهم بالإقصاء وعدم التقدير داخل مجتمعهم.
حين ينظر الشاب المغربي إلى واقع الفرص المتاحة، يجد نفسه محاصرًا بعقبات لا حصر لها، سواء في سوق العمل أو في تحقيق طموحاته الشخصية والمهنية.
كثير من الشباب يملكون أفكارًا خلاقة ومشاريع مبتكرة، لكنهم يصطدمون ببيروقراطية خانقة، وغياب الدعم، وانعدام الثقة من الجهات المسؤولة.
حتى من يحصلون على شهادات عليا يجدون أنفسهم في مواجهة واقع يفرض عليهم إما القبول بوظائف لا تليق بمؤهلاتهم، أو البحث عن فرص خارج الوطن حيث التقدير والكفاءة هما المعياران الأساسيان للنجاح.
غياب الثقة في الشباب لا يظهر فقط في سوق العمل، بل يمتد إلى مختلف مجالات الحياة. الأفكار الجديدة تُقابل بالرفض، والمبادرات تواجه بالتشكيك، وكأن المجتمع يفرض على الشباب دور المتفرج بدلًا من المشارك الفعّال.
هذه النظرة القاصرة تجعل الكثير من الشباب يشعرون بأن لا مكان لهم في وطنهم، فيصبح الخيار الوحيد أمامهم هو الرحيل بحثًا عن بيئة تقدّرهم وتفتح لهم أبواب الفرص.
لكن هل الهجرة هي الحل؟ وهل يمكن أن يستمر نزيف الكفاءات دون أن يدفع المغرب ثمن فقدان شبابه الطموح؟ الحل الحقيقي لا يكمن في ترك الشباب يبحثون عن مستقبلهم خارج الحدود، بل في الاستثمار فيهم داخل الوطن.
يجب منحهم الفرصة لإثبات قدراتهم، وتمكينهم من الوصول إلى الموارد والدعم الذي يحتاجونه لتحويل أفكارهم إلى مشاريع ناجحة.
الاستثمار في الشباب لا يعني فقط تقديم الدعم المادي، بل يشمل توفير بيئة تشجعهم على الإبداع، وإصلاح منظومات التعليم والتوظيف، وإعطائهم مساحة للمشاركة في اتخاذ القرارات التي تهم مستقبلهم.
لا يمكن أن نطلب من الشباب أن يكونوا عناصر فعالة في المجتمع إذا كان المجتمع نفسه يعاملهم وكأنهم عبء بدلًا من أن يكونوا قوة تغيير إيجابية.
مغرب المستقبل لن يُبنى بالخبرات الأجنبية فقط، بل يحتاج إلى شبابه ليكونوا في الصفوف الأولى من التنمية.
حين يدرك الشباب أن وطنهم يؤمن بهم ويمنحهم الفرصة لإثبات أنفسهم، لن يكون الحلم بالهجرة هو خيارهم الأول، بل سيصبح طموحهم الحقيقي هو بناء مستقبلهم داخل بلدهم والمساهمة في رفعته وتقدمه.
التعليقات مغلقة.