أول جريدة إلكترونية مغربية تتجدد على مدار الساعة

أسباب الإرهاق وعلاجه

إعداد د. مبارك أجروض

التعب هو ظاهرة شائعة في مجتمعنا. في الواقع، فإن الكثيرين لا يشكون من التعب ولكن يعيشون مع التعب لسنوات عديدة. إليكم الدليل الكامل لأسباب التعب والإرهاق، فما هي أسباب التعب والإرهاق ؟ وكيف نشخصها وأية طرق تتوفر للعلاج ؟ يعد الشعور بالإعياء والإرهاق والتعب، من الأعراض الشائعة والتي تتكرر مع العديد من الأشخاص، وهناك أسباب متعددة تقف وراءه، سنحاول في هذا المقال توضيح أهم أسبابه وكيفية التعامل معها.

* قلة النوم

قد يضطرك عملك للسهر، أو أنك اعتدت على مراجعة رسائلك الإلكترونية قبل اللجوء للفراش، أو أنك عودت نفسك السهر في عطلة الأسبوع، وكل هذا يحرمك من قسطك الوافر من النوم. ولعل هذا أكثر أسباب الشعور المزمن بالإعياء شيوعاً. والحل البديهي هو أن ترتب برنامجك اليومي، بحيث يصبح بمقدورك النوم لساعات كافية وفي أوقات محددة، وبذلك تتلافى هذا الخلل الذي يؤدي إلى علل كثيرة، إلى جانب نقص النشاط والحيوية، مثل البدانة واضطرابات نظم القلب. وقد توصلت جمعية النوم الوطنية الأميركية لعدد ساعات النوم المثالية، التي يطلبها الجسم في كل فئة عمرية. توضح أن الراشدين (من عمر 26 إلى 64 سنة) يحتاجون إلى النوم من 7 إلى 9 ساعات يوميا.

* قلة التمارين الرياضية

يظن البعض أنهم بتجنب صرف الطاقة في الرياضة البدنية، يوفرونها -عندما يحتاج الأمر- لأمور أخرى أكثر أهمية في نظرهم، مثل التحضير لفحص في المدرسة أو تنظيف البيت أو الاستعداد لمؤتمر هام. وواقع الأمر – كما بينت دراسة أجريت في جامعة جورجيا – أن الرياضة المنتظمة تزيد من القدرة على الإنجاز والتحمل، بتنشيطها لجهاز القلب والأوعية، ورفع قدرة الجسم على الاستفادة من أوكسيجين الهواء والحريرات الغذائية، ولذلك فهي تدعم -بدل أن تعيق- أي فعالية أخرى يرغب الإنسان في أدائها.

* عدم الاستفادة من أي عطلة

لا بد للجسم (وللنفس) من الراحة والاستجمام بين حين وآخر، حتى يدب النشاط فيهما من جديد، وإلا أصاب الإنسان الإعياء والبلادة، لذلك اسمح لنفسك بأخذ إجازة كلما شعرت أنك بحاجة إليها، وستشعر بتحسن إنتاجيتك وقدرتك على الإبداع حين تعود من الإجازة، ولا تلغي مكاسب الإجازة بملئها بالواجبات التي قصرت في تنفيذها أثناء عملك.

* عدم شرب كمية كافية من السوائل

يقول الدكتور غودسون من منظمة الصحة في تكساس إن خسارة 2 في المائة من سوائل الجسم مدعاة لتراجع فعالية الإنسان ونشاطه بدرجة ملحوظة، ذلك لأن حجم الدم عندها يتناقص، وتتناقص معه قدرة القلب على توزيع الأوكسجين الضروري لحيوية كل منا، وينصح العلماء بتناول ستة أكواب من الماء على الأقل يوميا للشخص البالغ، ونؤكد هنا أن الماء هو أفضل السوائل على الإطلاق، وأننا يجب أن نبتعد عن شرب عبوات الصودا والسوائل المحلاة.

* عدم تناول وجبة الصباح

الفطور الصباحي هو بمثابة “البنزين” لمحرك السيارة، فإذا ألغيته، ألغيت الحريرات (الكالوري) الضرورية لعمليات الاستقلاب التي تحتاجها في نهارك، واقتصرت على ما استهلكته من طعام في الليلة الفائتة، ولذلك قد تشعر بالضعف وقلة النشاط، وينصح الأخصائيون أن يكون الفطور الصباحي غنيا بالبروتينات المتواجدة في البيض والحليب أو اللبن الرائب قليل الدسم والفواكه والحبوب الكاملة (غير المقشورة).

* الاعتماد على القهوة للبقاء على “وعي” أثناء النهار

لا بأس من بضعة فناجين من القهوة في الصباح (ثبت أن القهوة – إلى حد ثلاثة فناجين – مفيدة للصحة في أكثر من مجال)، لكن المشكلة تكمن في شرب القهوة بشكل متواصل وبلا رادع، فذلك من شأنه أن يؤثر سلبا على نظام النوم الطبيعي، فزيادة تركيز الكافيين في الجسم يعاكس عمل مادة أدينوسين، التي نحتاجها للخلود إلى النوم. وقد وجد في دراسة نشرت في مجلة طب النوم أن الكافيين يتداخل في استجلاب النوم، حتى إذا تناولناه قبل 6 ساعات من لجوئنا للسرير.

* عدم تتناول ما يكفي من معدن الحديد

إن فقر الدم يسبب الإعياء كما هو معروف، لأن الكريات الحمر تصبح قليلة العدد، أو لا تحتوي ما يكفي من خضاب الدم لتوزيع الأوكسجين على أعضاء الجسم، وهذه العلة تصيب الإناث بصفة خاصة، بسبب دوراتهن الطمثية الكثيفة، ومعالجتها تتم بتناول المأكولات الغنية بالحديد، أمثال المكسرات والخضار الملونة واللحوم الحمراء والبيض.

* الإدمان على العمل المضني أو القلق المزمن

إذا كنت من أولئك الأشخاص الذين لا يطيب لهم العيش إلا إذا حملوا أنفسهم أكثر من طاقتهم من الواجبات، أو كنت ممن يهتمون بكل صغيرة وكبيرة لتفادي أي طارئ، أو كنت ممن يسعى طوال الوقت لإرضاء زيد أو عمرو من الناس، فلن تدع لنفسك فرصة الراحة الجسمية والنفسية اللازمتين لحياة طبيعية، وسينعكس هذا على نشاطك وحيويتك، لذلك حدد الوقت اللازم لك لقضاء أي عمل ولا تتعداه، ولا تلزم نفسك بواجبات فوق طاقتك، ولا تحمّل الأمور أكثر مما تستحق، ولا تتردد في رفض أي طلب إذا كان على حساب صحتك وسعادتك.

* تناول ما هب ودب من الطعام غير الصحي

إن الأطعمة الجاهزة المعروضة في الأسواق تكون محملة بالسكر والنشويات عادة، ما يزيد بسرعة في تركيز سكر الدم (غلوكوز)، الذي يتوقع له أن ينخفض بعدها مباشرة، وهذه التقلبات السريعة في سكر الدم من شأنها أن تسبب الإحساس بالتعب والإعياء خلال اليوم. لذلك ركز على الأطعمة الصحية التي تحتوي البروتينات (الأسماك والدجاج المشوي والحبوب الكاملة والخضار والفواكه).

* أنت فوضوي

تبين في دراسة أجريت في جامعة برينستون أن الفوضى تبعثر الأفكار، بحيث يتعذر على الفوضوي التركيز، مما يؤدي في النهاية للضجر والإنهاك، والحل يكمن في ترتيب شؤون بيتك ومكتبك أولا بأول، مما سيجعلك تستقبل يومك بحماس وروح إيجابية.

* الإصابة ببعض الاكتئاب

قد تكون متأثرا من نكبة أو نكسة أصابتك مؤخرا، مثل وفاة قريب أو عزيز، أو خلاف مع شريك (أو شريكة) الحياة، أو خسارة صفقة مالية كنت تعول عليها آمالك، أو تردٍّ في ترتيبك الوظيفي، كل هذه الأمور من شأنها أن تشعرك بالاكتئاب وفقدان العزيمة والهمة لمباشرة أي مشروع عمل جديد. وسنعالج موضوع الاكتئاب بشيء من التفصيل عن قريب، لكن ما يهمنا هنا هو أن نؤكد أن باستطاعة كل مصاب بالاكتئاب أن يفعل الكثير ليغير حاله بنفسه، دون الاعتماد على أية مساعدة خارجية.

ومما يمكنه القيام به، التكلم مع صديق مخلص عن حاله وعن المشكلات التي يعاني منها، كما يمكن له أن يعرض الأمر على أعضاء جمعية أو نادٍ ينتمي إليه.. المهم ألا يتقوقع على نفسه وينعزل وحده بعيدا عن الناس.. ثم باستطاعته أن يشغل نفسه ويسخر طاقاته في مشروع جديد يحبه، وأن يكثر من العبادة والتمارين الرياضية وتمارين الاسترخاء. فإذا لم تفد هذه الإجراءات في خلاصه من النكسة النفسية التي ألمت به، فعليه عندها ألا يتردد في استشارة طبيب نفسي.

 

التعليقات مغلقة.