أول جريدة إلكترونية مغربية تتجدد على مدار الساعة

ألو المسؤول: مستشفى “مولاي عبد الله” بسلا بين واقع الفساد وضرورة تفعيل الخطاب الملكي المتعلق بالمسؤولية

لعله من مساوئ أي حكم كان أن يكون هناك بون شاسع بين الخطاب والواقع المر الذي يكشف حقيقة المخفي في الخطاب الصحي المقدم للمغاربة، ففرق كبير بين الخطاب السياسي المؤسس على قواعد أساسية أهمها احترام الحكومة المغربية، والوزارة المكلفة بالصحة والحماية الاجتماعية لالتزاماتها تطبيقا يحسه المواطن، ويشعر من خلاله بدفئ الأمان الذي من المفترض أن يكون أكثر، لحظة الإحساس بالجراح والألم الجسدي، لكن أن يتحول مع “الغول” الممارس عبر المستشفيات إلى كابوس، ينقل أحداثا مأساوية لا تشرف مغرب القرن 21، ولا تساهم إلا في تعزيز قيم الكراهية للمؤسسات، وهو ما لمسناه مباشرة على صعيد مستشفى “مولاي عبد الله” بسلا، حيث “الداخل إليه مفقود والخارج مولود”، كما يقول المثل العربي.

 

تنتابك مند الإطلالة على المبنى قشعريرة ولوج إحدى “المؤسسات السجنية”، لا مكانا للعلاج النفسي قبل البدني، حيث كل الطرق مغلقة نحو تلقي العلاج، حتى المراحيض هي الأخرى مغلقة، فما بالك بإمكانية الاستفادة من العلاج، وصوت ذاك الكهل الذي ينزف جراحا وهو ملقى على الأرض أنساه وضعه الصحي المباشر غور الجراح الممتدة على رأسه دما وهو يصرخ “بغيت نبول، بغيت نبول، بغيت نبول…”، تتحرك الضمائر المقهورة مرضا لتجيبه بأن المرحاض مغلق، سبحان الله لم يتبق من سياسة الإغلاق من الخدمات الصحية إلا المراحيض لتغلق وتسكنها الفئران بقرار حكيم ممن أصدره، لا نعلق، ولكن لنفهم عمق الجرح المغربي، وأن كل الخطب الجوفاء لم توفر حتى إمكانية قضاء حوائج بسيطة لرجل كهل مضرج بدمائه نسي ألمها ولم يعد يفكر إلا في إيجاد مخرج لعصارة الماء المحقونة بداخله، والتي حكمت عليها قلة المسؤولية بأن تبقى حبيسة رأفة ممرضة و”ماجور” بحثوا عما يمكن حمله من حلول ترقيعية للمشهد، ونحن نراقب دراما هاته الأحداث المأساوية التي لا تشرف وطننا العزيز ولا الطموحات المولوية السامية في جعل الصحة قريبة من المواطنين وتمكينهم من كافة خدماتها المغيبة قسرا في مستشفى “مولاي عبد الله” بسلا.

 

الأكيد أننا لم نكن بعيدين عن الصورة ولكن المآسي التي عشناها داخل المستشفى أفظع من كل التصورات النظرية، حيث غياب تام للنظام، أما الأدوية فابحث عنها في الصيدليات، أما المستشفى فمتجر بلا مؤونة، والعاملون يعملون في ظل فوضى عارمة يكونون هم أولا وأخيرا ضحاياها، والله يكون فالعون فغالبيتهم متطوعون، لأن سلطة العاجز في مثل هاته الحالات هو بيع الكلام لأنه بلا ثمن في زمن لا نؤدي ضرائب على ممارسة اللغو.

 

مشهد الليل مع المستعجلات لم ينقشع عنه ضباب الفوضى واللامسؤولية في النهار، طاقم طبي وتمريضي غائب عن استقبال الناس، لا تجد إلا فوضى حراس الأمن الخاص، الذين ينشرون الفوضى في المكان ولا يحترمون حرمة المشفى ولا المرضى، بدعوى تسييد النظام، وأي نظام هو سوى أن تقبل بلغة الموت و”عزرائيل” الحاضرة، وأنت تتلوى ألما في انتظار “عودة غودو”.

 

إنها دراما متحركة، ربما لا يعرفها الوزير “آيت الطالب”، أو هو يعرفها ويتجاهلها من موقع المثل العربي “كم من الأشياء قضيناها بتركها”، هكذا إذن تجد طابورا من حراس الأمن الخاص، يقفون في وجهك، وابحث أنت عن الحل، أين المسؤول ومع من يمكن الحديث، لا جواب لأن موتى الضمير، لا يمكن أن يجيبوا لخلوهم من الروح الوطنية قبل أن نتحدث عن الروح الإنسانية التي هي شعار منظمة الصحة العالمية، أم نقول مع مغنينا الشعبي “الصحة تبقاي على خير”.

 

جميل جدا أن نقرأ ونكتب عن مباشرة السيد الوزير للقاءات تشاورية مع الشركاء الاجتماعيين لبسط مشروع القانون الإطار رقم 06.22 المتعلق بالمنظومة الصحية الوطنية الذي كان قد صودق عليها في المجلس الوزاري ليوم 13 يوليوز 2022 برئاسة صاحب الجلالة الملك محمد السادس، نصره الله وأيده، ونهلل بأن أمور الصحة في يد أمينة وقادرة على تحقيق مفهوم الدولة الاجتماعية، لكن الوقائع على الأرض بمستشفى “مولاي عبد الله” بسلا صادمة، وتؤكد أننا في زمن ما قبل التاريخ صحيا ممارسة وتجهيزا، وتمكينا للمواطن من الحق الأساسي من حقوق الإنسان والمواطنة في الولوج إلى الخدمات الصحية بيسر.

 

الوزارة تتحدث عن إصلاح جذري للمنظومة الصحية الوطنية بمنطق تشاركي قوامه الانفتاح والتشاور في إطار دينامية تواصلية، وعن إنجاح ورش ملكي صحي جديد، في سياق تنزيل منظومة الحماية الاجتماعية بالمملكة التي يرعاها جلالة الملك حفظه الله وأيده، بل أن الوزارة أحست بنوع من الثورية الكلامية التي لا تتعدى حدود الغوغائية والديماغوجة الفضة على قول المثل العربي “جدول يخرخر ونهر ثرثار تقطعه غير خالع نعليك” هو الشعار الأدق لواقع المؤسسات الصحية العمومية، وهو ما لمسناه عن كثب ونحن نبحث عمن يجيبنا عن سؤال الفوضى فنواجه بحرس المنع من الولوج وأن “الحارسة العامة” المكلفة تنتقل بين الأسطح نبحث عنها في ركن المتغيبات، أما السيد المدير الجهوي للصحة والحماية الاجتماعية لجهة الرباط سلا والقنيطرة فهاتفه يرن لكن بلا حياة، لم وضعت خدمة الهاتف، إن لم تكن في الإجابة عن استفسارات المواطنين وضمنهم الصحافة، فعن أي ثورة تتحدث يا معالي الوزير حينما تتكلم عن “ثورة في قطاع الصحة بالمغرب” والتي ستعود بالنفع على جميع المرتفقين.

في هذا الباب لا بد من تذكير المسؤولين عن قطاع الصحة الوطنية، وصحة مولاي عبد الله بسلا، والمسؤول الجهوي عن قطاع الصحة بجهة الرباط سلا القنيطرة بقول صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله و أيده “فعندما تكون النتائج إيجابية، تتسابق الأحزاب والطبقة السياسية والمسؤولون، إلى الواجهة، للاستفادة سياسيا وإعلاميا، من المكاسب المحققة؛ أما عندما لا تسير الأمور كما ينبغي، يتم الاختباء وراء القصر الملكي، وإرجاع كل الأمور إليه”، وأضاف جلالته وإذا أصبح ملك المغرب، غير مقتنع بالطريقة التي تمارس بها السياسة، ولا يثق في عدد من السياسيين، فماذا بقي للشعب؟ لكل هؤلاء أقول: “كفى، واتقوا الله في وطنكم…، إما أن تقوموا بمهامكم كاملة، وإما أن تنسحبوا؛ فالمغرب له نساؤه ورجاله الصادقون؛ ولكن هذا الوضع لا يمكن أن يستمر، لأن الأمر يتعلق بمصالح الوطن والمواطنين، وأنا أزن كلامي، وأعرف ما أقول … لأنه نابع من تفكير عميق”.

 

يقوم مشروع القانون الإطار المتعلق بالمنظومة الصحية الوطنية، الذي صادق عليه المجلس الوزاري الذي ترأسه صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده، الأربعاء 13 يوليوز 2022، على إقرار مراجعة شاملة لهذه المنظومة بكل مكوناتها، معتبرا ذلك ضرورة ملحة وأولوية وطنية ضمن أولويات السياسة العامة للدولة الرامية إلى تثمين الرأسمال البشري، والاعتناء بصحة المواطنين كشرط أساسي وجوهري لنجاح النموذج التنموي الجديد.

 

لكن واقع الحال في مستشفياتنا المبجلة وعلى رأسها مستشفى “مولاي عبد الله” بسلا، القائد في تنزيل المفهوم، ولكن بالمقلوب، لا تجيب عن السؤال، بل تؤكد قثامة المشهد الصحي القائم، وأن لا صحة في الأفق ما دامت مستشفياتنا مريضة هي الأخرى، وتحتاج إلى علاج جراحي يزيل كل الأورام الخبيثة التي تنخر صحتنا الوطنية، وتجعل الهاجس الوطني والإنساني ضمن أولويات ممارساتها، لا ممارسة “الشعوذة”، ورفع أكف الضراعة إلى الله عز وجل ليشفي مرضانا ببركاته التي عجزت عنها مستشفياتنا وعلى رأسها مستشفى “مولاي عبد الله” بسلا.

 

أسئلة نضعها على طاولة السيد وزير الصحة والحماية الاجتماعية، خاليد آيت الطالب، ليس للاستئناس بالمفهوم القانوني القضائي، ولكن… والعهدة على الوزارة الوصية الحاملة للمشاريع الطموحة وبناء الدولة الاجتماعية أن تطل عليها في زوايا العاصمة الرباط بمستشفى “مولاي عبد الله” بسلا، لعلها تجد نموذجا يحتدى به لتعميمه على باقي مستشفياتنا الموقرة، وكل عام وصحتنا بألف خير.

ألو المسؤول …… الاعتداء على صحافي بمستشفى مولاي عبد الله بسلا

التعليقات مغلقة.