التجميل والحلاقة في المغرب: بين التطور والتحديات الثقافية والاجتماعية
بقلم الأستاذ محمد عيدني
أصوات من الرباط
شهدت صناعة التجميل والحلاقة في المغرب تطورًا كبيرًا خلال السنوات الأخيرة، حيث أصبحت جزءًا لا يتجزأ من الحياة اليومية ومتطلبات المجتمع. لم تعد مجرد عمليات تجميل أو تصفيف شعر، بل أصبحت ظاهرة ثقافية واجتماعية تعكس توجهات الأفراد وحرياتهم الشخصية. ومع ذلك، يظل هذا القطاع يواجه تحديات متعددة تتعلق بالمواقف الاجتماعية، خاصة تلك المتعلقة برفض بعض الرجال لعمل الحلاقة أو الجمال الذي يقيمونه في النساء، مما يبرز تباينًا ثقافيًا وتباطؤًا في قبول التغيرات الجديدة.
المحور الأول: تطور صناعة الجمال والتجميل في المغرب
شهد قطاع التجميل والخلاقة في المغرب نموًا ملحوظًا، مع انتشار الصالونات والمنتجات التجميلية، واهتمام فئات واسعة من المجتمع بهذه المجالات. أصبح التجميل أحد أدوات التعبير عن الهوية الشخصية، ووسيلة لتحقيق الثقة بالنفس. كما أن حضور وسائل التواصل الاجتماعي ساعد على نشر ثقافة الجمال وتقبل الاختلافات، وفتح المجال أمام النساء والرجال لاستكشاف تجاربهم الشخصية.
المحور الثاني: التحديات الاجتماعية والثقافية
رغم التطور، يواجه هذا القطاع مقاومة من طرف بعض فئات المجتمع، خاصة الذكور الذين يعترضون على قيام الرجال بحلاقة شعرهم أو الاهتمام بمظهرهم بشكل يُعتبر غير مطابق للمفهوم التقليدي للرجولة. ويبرز هنا تباين بين جيل قديم يعتقد أن التجميل والتزيين يخص النساء فقط، وبين جيل جديد أكثر انفتاحًا وتقبلًا.
كما أن بعض الرجال يرون أن العمل في مهن التجميل أو الحلاقة للنساء يقلل من مكانتهم أو يُهدد رجولتهم، وهو ما يخلق نوعًا من التوتر الاجتماعي. كما أن هذه المواقف تتأثر بموروثات ثقافية ودينية ترفض بعض مظاهر التغيير.
المحور الثالث: تأثير هذه التحديات على القطاع
ؤدي هذا التضارب في المواقف إلى ممانعة من طرف البعض في الانفتاح على هذا المجال، مما يعوق تطوره ويحد من فرص العمل والاستثمار فيه. كما أن بعض المجتمع قد يرفض قبول الرجال الذين يزاولون مهن التجميل، مما يحد من حرية الاختيار ويخلق نوعًا من الوصم الاجتماعي.
المحور الرابع: الحلول واقتراحات للنهوض بالقطاع والتقبل المجتمعى
التعليم والتوعية: يجب تنظيم حملات توعية لتعريف المجتمع بأهمية التجميل والصحة النفسية، وإزالة المفاهيم السلبية المرتبطة بالأساليب الجديدة.
الاحتواء والقبول: العمل على تغيير الصورة النمطية للرجولة والجمال، عبر برامج إعلامية وفنية تبرز نجاحات رجال التجميل والصالونات، وتظهر أن الاهتمام بالمظهر لا يقلل من الرجولة.
تطوير السياسات والتشريعات: دعم القطاع من خلال قوانين تحمي حقوق العاملين فيه وتوفر بيئة عمل صحية ومتفتحة.
تشجيع الحوار الثقافي: تنظيم مناظرات وورش عمل تجمع بين مختلف الفئات المجتمعية، لتعزيز التسامح والاحترام لخيارات الأفراد.
تطوير مهارات العاملين في القطاع: توفير التكوين والتدريب الكافي، وهو ما يعزز من مستوى الخدمة ويزيد من ثقة الزبائن.
في النهاية، يمكن القول إن التجميل والخلاقة هما جزء أساسي من تطور المجتمع وتواكبه للحداثة، ويجب أن يكون لديهم التحرر من القيود الاجتماعية والثقافية. التغيير يتطلب جهدًا مشتركًا بين الجهات المعنية، المجتمع، والأفراد أنفسهم، لتعزيز ثقافة التفاهم والقبول، حيث أن كل شخص له الحق في التعبير عن هويته ومظهره كما يراه مناسبًا. إن تفعيل مبادئ الحرية والاحترام هو الطريق لتحقيق مجتمعات أكثر انفتاحًا وتسامحًا للجميع.
التعليقات مغلقة.