العنوسة في المغرب: ظاهرة اجتماعية وتحدٍ حضاري
بقلم الأستاذ عيدني محمد
أصوات من الرباط
في ظل التحولات الاجتماعية والاقتصادية التي يعرفها المجتمع المغربي، برزت ظاهرة العنوسة كواحدة من الظواهر التي تستدعي الوقوف عند أسبابها وآثارها، والعمل على وضع استراتيجيات لمعالجتها بشكل فعّال. تعد العنوسة ظاهرة متعددة الأبعاد، تتعلق بغياب الزواج وإقبال الشباب على البقاء عازبين لأسباب متعددة، تتداخل فيها الظروف الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.
الأسباب الاقتصادية والاجتماعية
يعد السبب الاقتصادي من أبرز العوامل التي تؤدي إلى ارتفاع معدلات العنوسة، حيث يتطلب الزواج في المغرب تجهيزات مادية ومعيشية لا يستطيع الكثير من الشباب توفيرها في ظل ارتفاع تكاليف المعيشة، خصوصًا في المدن الكبرى. إضافة إلى ذلك، يعاني الباحثون عن العمل من البطالة أو دراسات عالية المستويات، الأمر الذي يثبط عزائم الارتباط خوفًا من عدم القدرة على توفير حياة كريمة.
كما تلعب العوامل الاجتماعية والثقافية دورًا هامًا، حيث تغيرت قيم المجتمع وتقاليده، وأصبح الزواج مرتبطًا أحيانًا بمعايير مادية وتوقعات عالية، مما يخلق شعورًا بعدم اليقين لدى الشباب حيال اتخاذ خطوة الزواج.
التأثيرات على المجتمع
إلى جانب الآثار النفسية التي يواجهها الفرد، تؤدي الزيادة في نسبة العنوسة إلى تحديات اجتماعية، من بينها تآكل البنية العائلية، وتأخير الحمل، وانخفاض معدل الإنجاب، مما يهدد استقرار المجتمع واستدامته. كما يخلق ذلك ظروفًا قد تؤدي إلى تدهور التماسك الاجتماعي وزيادة ظواهر من العزلة الاجتماعية.
الحلول والتوصيات
لمواجهة هذه الظاهرة، لا بد من تبني سياسات شاملة تتضمن الدعم الاقتصادي وتخفيف الأعباء عن الشباب، مثل تقديم تسهيلات في التمويل العقاري، وتنظيم برامج توعوية لتعزيز أهمية الزواج والسكن المشترك. كما ينبغي تطوير برامج تأهيل مهن وتوفير فرص عمل تساهم في تعزيز دخل الشباب وتمكينهم من إرساء حياة زوجية مستقرة.
وفي الختام، تبقى المشاركة المجتمعية والتوعية من الضروريات لمواجهة تحدي العنوسة، من خلال رفع الوعي بأهمية دعم الشباب وتيسير ظروف الزواج، لتحقيق استقرار اجتماعي متين يضمن تقوية البنية المجتمعية المغربية.
التعليقات مغلقة.