أول جريدة إلكترونية مغربية تتجدد على مدار الساعة

تعطيل شبابيك البنوك يُشعل غضب المواطنين ويهدد الثقة بالقطاع المصرفي

بقلم: عيدني محمد

أصوات من الرباط

تشهد الساحة المصرفية في بلادنا حراكًا غير مسبوق في تاريخ الخدمات البنكية، حيث بدأ العديد من البنوك تتجه نحو تقليل الاعتماد على الفروع التقليدية، وتوفير خدمات رقمية حديثة، الأمر الذي أدى إلى تعطيل أو إغلاق العديد من شبابيك البنوك. هذا التحول، رغم إيجابيته في تحسين الكفاءة وتقليل التكاليف، يثير في الوقت ذاته موجة واسعة من الاستياء والغضب بين المواطنين، خاصة من يعجزون عن التكيف مع هذه التغيرات بشكل سهل وسلس.

 

خلفية وتطورات:

على مر السنوات الأخيرة، بدأت المؤسسات المالية تعتمد بشكل أكبر على التكنولوجيا، متجهة نحو الحلول الرقمية التي تتيح للعملاء إنجاز معاملاتهم بدون الحاجة لزيارة الفروع، في ظل تزايد خدمات المصرفية عبر الإنترنت والتطبيقات الذكية. ولكن، مع استمرار هذا التحول، بدأت فئة واسعة من الزبائن تعبر عن استيائها من إغلاق شبابيك البنوك التقليدية، الذي أدى إلى تعطيل خدمات ضرورية، خاصة للأشخاص كبار السن وذوي الظروف الخاصة.

في العديد من الحالات، تم إلغاء أو تقليص عدد شبابيك الفروع، سواء بحجة التوفير، أو لمواكبة التحول الرقمي، أو للتركيز على تطوير الخدمات الإلكترونية. غير أن غياب البدائل الكافية، وضعف البنية التحتية الرقمية في بعض المناطق، أدى إلى تعريض المواطنين لمشكلات جمة، جعلت من التوجه نحو شكاوى جماعية وتحذيرات من تدهور الثقة بالمؤسسات المصرفية.

تداعيات تعطيل الشبابيك على المواطنين:

تعدى آثار تعطيل شبابيك البنوك مجرد إهمال الخدمة، فهي تتعلق بشكل مباشر بالحياة اليومية للمواطنين، وتؤثر على مستوى تحسين جودة الخدمات المصرفية المقدمة، وكذلك على الصورة الذهنية لكل مؤسسة مالية.

الانتظار في الطوابير: رغم التحول نحو الاعتماد على التقنية، لا تزال هناك قطاعات واسعة من المجتمع غير ملمة بكيفية استخدام التكنولوجيا، أو لا توفر لهم الوسائل المناسبة، الأمر الذي يجعلهم يقعون فريسة لطوابير طويلة في الفروع، ليجدوا أنفسهم غير قادرين على إنجاز معاملاتهم بسهولة.
تدهور الثقة المصرفية: يتلقى العديد من العملاء رسائل استياء واستعجال نتيجة عدم توفر خدمات مباشرة عند الحاجة، مما يقلل من مستوى الرضا ويهدد استقرار العلاقة بين العميل والبنك، خاصة عندما يتعرض العميل لمشكلات في الوصول إلى حساباته أو استلام مستحقاته.
تأثير على الاقتصاد المحلي: خدمة العملاء غير المنتظمة تضر بسمعة القطاع المصرفي، وتقلل من حجم التعاملات، وهو ما ينعكس على الاقتصاد الوطني بشكل عام، خاصة إذا أدت الحالة إلى هجرة ودائع العملاء إلى مؤسسات أخرى تمتلك بنية تحتية أكثر تطورًا ومرونة.

التحدي والفرص:

لن تتمكن المؤسسات المصرفية من تحقيق النجاح المستدام إلا من خلال التوازن بين التحول الرقمي والحفاظ على خدمات الفروع، مع تحسين جودة التجربة للعملاء الذين لا يملكون القدرة على الاعتماد على الحلول الرقمية بشكل كامل.

ويتطلب ذلك:

تطوير البنية التحتية الرقمية: لضمان تقديم خدمات متكاملة ومتاحة للجميع، وتقليل الاعتماد على الفروع التقليدية بشكل مفرط.
تدريب ودعم العملاء: خاصة من كبار السن والأشخاص غير الملمِّين بالتكنولوجيا، عبر برامج تثقيفية وخدمات مساندة تتيح لهم إنجاز معاملاتهم بسهولة.
الاستماع لمطالب العملاء: وتنفيذ استراتيجيات تواكب احتياجات المجتمع، لتعزيز الثقة بين المواطن والمؤسسة المصرفية.

ختامًا:

تُعد مسألة تعطيل شبابيك البنوك وتدهور الخدمات التقليدية من التحديات الكبرى التي تواجه القطاع المصرفي في الوقت الراهن. فهي تتطلب استراتيجيات متوازنة تجمع بين الابتكار التكنولوجي والحفاظ على خدمات العملاء، لضمان استعادة الثقة وتحقيق الاستقرار، وضمان حق الجميع في الوصول إلى الخدمات المصرفية بسهولة وأمان.

التعليقات مغلقة.