أول جريدة إلكترونية مغربية تتجدد على مدار الساعة

حول ظاهرة ااﻹدمان على الهيروين في شمال المغرب

محمد الهيشو

ظاهرة تتسيد المشهد اليومي اﻵن في مدن الشمال الغربي للمملكة -مع كامل اﻷسف- هي اﻹدمان على الهيروين. “قوقة” أو لفافة (كما تطلق عليها وسائل الاغلام) صغيرة يتراوح سعرها بين 60 و 100 درهم (حسب الظرفية اﻷمنية، وقانون العرض والطلب ) تميل الى اللون البني، وتباع ملفوفة في قطع بﻻستيكية بيضاء صغيرة الحجم شبيهة بقطع الحلوى (طوفيطة ) مجزأة إلى نصفين.

في غالب اﻷحيان يعتمد المزود بالمادة على الهاتف كآلية للتواصل مع زبنائه، ويستقر في الهوامش واﻷحراش المحيطة بالمدن ليسهل عليه اﻹفﻻت من المداهمات اﻷمنية، وهو غالبا ما يكون عنصرا له ماضيه في الجريمة وذو سوابق عديدة و متعددة، وﻻ يتحرك إﻻ وهو مدججا بمخفلف اﻷسلحة البيضاء. أما المستهلكين المدمنين على سلعته فلهم طرقهم الخاصة في تداول أرقامه فيما بينهم، والتي غالبا ما تتغير على مدار اﻷيام.

و” الجانكي” أو المدمن هو كائن بطباع مختلفة، وحاﻻت ﻻ حصر لهما، تتحكم فيهما درجة اﻹدمان، ومدته، والوسط اﻹجتماعي الذي ينتمي إليه. إذ أن هناك من يكتفي بلفافة واحدة في اليوم، وهناك من يحتاج الى أكثر (حسب اﻹمكانيات المادية وطرق الحصول عليها للتزود بالمادة ) وهو في بدايات عهده مع الﻹدمان (السنوات اﻷولى) يكون شخصا خطيرا، متوترا على الدوام، وقادرا على فعل أي شئ ( حتى أبشع الجرائم، وفي حق أقرب المقربين إليه) من أجل الحصول على جرعته او شربته إن صح التعبير، ﻷن الهيروين يشرب دخانا عبر الفم اعتمادا على أنبوب صغير ( الجزء البﻻستيكي الشفاف لقلم الحبر BiC مثﻻ ) بعد أن تحرق “القوقة” فوق قطعة من ورق اﻷلومنيوم، وتتحول إلى سائل لزج يشبه الدمعة إلى حد ما ويطلق دخانا يشربه المدمن عبر اﻷنبوب.

ومع توالي سنوات اﻹدمان، ومراكمة اﻹنكسارات والهزائم النفسية والجسدية وتذوق مختلف أشكال التعذيب والتنكيل في السجون ومن طرف المجتمع، وفي ظل غياب استراتيجية رسمية واضحة للدولة في هذا المجال، يتحول المدمن أو “الجانكي” إلى كائن معزول اجتماعيا، نتن ووسخ، تنبعث منه روائح كريهة، ويقضي جل نهاراته بين السرقة والتسول، أو جمع المتﻻشيات في المزابل لتوفير ثمن جرعته القادمة .

التعليقات مغلقة.