بؤس المشهد الثقافي بمدينة خريبكة

عبد الرحمان الوادي

لا يختلف المشهدُ الثقافي بمدينة خريبكة عنه فيما سواها من مدن المملكة في شيءٍ يُذكر. مشهدٌ بئيسٌ تعيسٌ لا يسُرُّ الناظرين، ولا تلتفتُ إليه الدولةُ ولا المجالسُ المنتخبةُ كما يجب وينبغي لرافدٍ من روافد التنمية البشرية؛ اللبنة الأساسية في صرح تقدم البلدان وازدهارها.
تنطوي تحت كنف هذا المشهد أنشطةٌ متعددةٌ ومتنوعةٌ. لا بد من التمييز بينها لاختلافها من حيث رسالتُها الموجهةُ، والجمهورُ المتلقي لها. على أساسهما يختلف كمُّها كما كيفُها.
طبيعي جداً – في مجتمع غير قاريء، تنخره سوسةُ الأمية منذ مدة – ألا يكون مهرجانُ الشعر مثله مثل مهرجان المسرح مثلاً… باعتبار الأول تظاهرة نخبوية، والثاني تظاهرة فرجوية ذات قاعدة شعبية عريضة.

في الأعوام القليلة الأخيرة، ومع تفاقم حدة خطر الإرهاب العالمي، وجدت الدولةُ نفسها ملزمةً بأن تصرف بعض الدعم للجمعيات القائمة على المجال الثقافي. ولكن رغم قلته، يتهافت عليه المتهافتون من كل حدب وصوب. وكما هو معلوم في كافة العصور والأمصار، حيثما وُجد المال، يوجد الفساد والمفسدون لكل ما هو جميل ونبيل، إلى درجة أننا لم نعد نفرق بين الجمعيات الثقافية وبين الدكاكين الانتخابية؛ التي تروج لتجارتها البائرة ليلة كل موسم من مواسم مولاهم صندوق آكل الحقوق.

وهكذا، لا عجب أن يدعيَ الثقافةَ وخدمتَها الأميون والجهلة. هؤلاء الذين لا يرون منها إلا كعكتها اللذيذة، ويستعجلون وقت التهام أكبر شطيرة منها. ثم لا يلبثون أن يصبحوا أعداءً ألدّةً لأهل الثقافة الحقيقيين. يتربصون بهم في كل مرصد، ويدبرون لهم المكائد في الزوايا المظلمة من المقاهي.

لا يحلو لهم تنظيم شيء إلا بموازاة نشاطك أنت، وقد يقدمون الرشاوى لاستمالة المشاركين والحاضرين. يستأجرون الأفواه والأقلام، من أجل تشويه صورتك أنت، وتجميل صورتهم هم أمام مرايا الداعمين. يركبون موجة الثقافة عنوةً لإغراق مركبك الثقافي أنت. ولكن هيهات لهم ذلك المراد البعيد بعد السماء عن الأرض.

مهمةٌ قذرة ٌكهاته من سيتولاها إن لم يكن من جنسها قذراً مثلها؟
إننا في بيت المبدع بخريبكة نعلنها كلمةً مدويةً في الأرجاء: سنظل نحارب دائماً إلى جانب الجمال في حربه الكونية ضد القبح أينما فاحت رائحةُ مستنقعاته النتنة، وأزكمت أنف العالم.

التعليقات مغلقة.