الكون..اماضال..دونيت في المعتقد الشعبي الامازيغي بتازناخت

الحسن اعبا

قبل أن نتطرق إلى هذا الموضوع الذي يكتسي أهمية في  المعتقد الشعبي الأمازيغي السائد بمنطقة تازناخت..أي ..كيف ينظر المعتقد الشعبي في هذه المناطق إلى الكون..أو ما هو الكون أولا..يطلق على الكون بالأمازيغية السائدة هنا..دونيت..وبالأمازيغية الفصحى..امضال..أو بالعربية ..يقصد به العالم. فما هو الكون اذا… هو فضاء كبير جداً يتكوّن من ملايين المجرّات، والنجوم، والكائنات الحيّة والكواكب، والمذنّبات، والكويكبات، كما أنّ الكون يدل على الحجم النسبي لمساحة الفضاء المكاني والزماني، ويبلغ نصف قطره 15 بليون سنة ضوئيّة، ويبلغ عمره 16 ألف مليون سنة. الكونيّة هي مصطلح يرمز إلى المفاهيم الدينيّة والفلسفيّة حول الكون وما ينطبق عليه من كافة النواحي المختلفة، ويعتمد هذا المصطلح على عدد من النظريّات حول كينونة كافة البشر والكائنات على الأرض،[١] أمّا الكونيّة دينيّاً فهي عبارة عن مبدأ يؤكد انصياع كافة البشر والكائنات تحت رعاية وإرادة الله الخالق، وبالتالي فهي تؤكّد على أنّ هذا الكون بأسره تحت تصرّف خالقه فقط.لكن كيف ينظر الأمازيغ بمنطقة تازناخت إلى الكون… أن الثقافة الأمازيغية بشكل عام مثلها مثل جميع الثقافات العالمية التي تحدثت عن الكون واسراره وغرائبه وغرائزه..فالكون..أو الدنيا وبالأمازيغية المتداولة…دونيت…او اماضال.. ليس جديدا في الثقافة الشعبية الامازيغية…فالأمازيغ استنطقوا الكون والطبيعة وضربت امثال كثيرة عن هذا الكون العجيب الغريب الذي مازال يحير العلماء والباحثين وغيرهم من بني البشر.

إن دراسة الكون لا تنفصل وجوديًا عن دراسة الذات التي تشكل أحد نتاجات الكون الأصيلة، ولعل دراسة الكون وغوامضه هي المفتاح لفهم الذات وهذا ما أراه يعبر عن المضمون العميق لجملة سقراط بأن يعرف الإنسان نفسه، وهذا ما أراه يعبر عن المضمون الغني لدراسات فلاسفة اليونان ومن قبلهم الميثولوجيات الدينية لحل لغز الوجود الكوني وبنفس الوقت من خلاله دخول عالم الذات العميق، ومن هذا المنطلق بالذات أجد التقاطع التاريخي بين الكونيات والفلسفة، فكليهما يعبران عن طرح شمولي للفهم، وكليهما قائمان على تساؤلات وفرضيات ونظريات وتخيلات لعوالم ممكنة، ويكفي أن نفهم التقاطع العميق بين مونادات لايبنتز الفلسفية وعوالم أفريت الكونية، ومفهوم الزمن الفلسفي مع زمان النسبية العامة، وشمولية جبرية اسبينوزا مع مفاهيم الكون الثابت، ونظرية الخير عند أفلاطون أو الفراغ عند ديمقريطس أو الله عند لايبنتز التي تؤدي كلها الدور نفسه في النظرية الكونية، وتصورات موسيقى الكرات القديمة للكون عند الفيثاغورثية مع نظرية الأوتار الفائقة الكونية التي تقترح أن المشهد المجهري للمادة تغمره أوتار دقيقة تتحكم أنساق اهتزازاتها في تطور الكون، لنرى مدى التقاطع التاريخي بين نمطي المعرفة. ومن بين الامثال الشعبية الامازيغية اليكم هده القصيدة الشعرية الامازيغية لاحد المتصوفين الأمازيغ القدماء وهو يتحدث عن الكون…دونيت حيث قال ادونيت أتار لامان اياساراگ ن دنوبي ادونيت اتار لامان اياسگني ئيلان غ لبور تغدرتي تغدرت والي كنت ئيبنان ابو نزاهات ئيبنو كنت اتاشرافين ئيدو س اكال ئيزدغ گيس ايامكسا رارد وولي ياغوزالاك يوسفردي اهان اجديگان تزريت ءيلا فلاس لحسابي ان الدنيا او الكون هنا هو غدار يغدر بالانسان ويغريه باعاجبه حتى ينسى الانسان خالقه كما جاء في هده القصيدة التصوفية القديمة الرائعة.

فالإنسان يجب ان يكون كالراعي الدي يرعى الغنم ويعكف حتى لا تتجاوز اغنامه هده الحدود. وهناك مثل اخر قيل بلسان الحيوان ويضرب بين الناس حيث قال القنفد. وبالأمازيغية…بومحند…او ئينيسي ئينا بومحند…قال القنفد … دونيت ؤر تعودي ءيمي ؤرتات ؤفيغ…
فالكون حسب المثل لانهاية له وليس هناك بابا للخروج منه وجاء على نفس الحيوان أي القنفد ئينا بومحند …قال القنفد دونيت اياد داتزيگيز خار تساقلاي هذا المثل الشعبي مصدره قصة امازيغية قديمة جرت بين القنفد ورفيقه الدئب عندما كان يتجولان حتى اصابهما العطش ففكر القنفد في حيلة فنزل في دلو إلى قاع بئر فشرب حتى شبع فاطل عليه الذئب فقال له القنفد يا صاحبي هنا في هذا القاع اغنام كثيرة.. فلما سمع الذئب إلى هذه الرواية نزل في دلو أخر في الوقت الذي دخل فيه القنفد إلى دلو أخر فلما التقيا في الوسط قال له الذئب إلى أين يا صاحبي فأجابه القنفد هذه هي حال الدنيا ياصاح فيها الطالع وفيها النازل فتركه حتى مات وحيدا في قاع البئر وحول الدنيا أو الكون يقول أحد الشعراء القدماء الذي شبه الدنيا بالنسيخ وشبه الخيوط بالأيام والفصول بالحديد والقصب بالمطر وذلك في بيث شعري رائع حيث يقول تگا دونيت ازطا گون ؤسان ءيفالان گون ءيزماز ؤزال ءيگ ؤزال اغانيم وقال شاعر أخر والذي اعتبر الكون أو الدنيا بمثابة حقل وبدوره البشر والحصاد هو عزرائيل الذي يحصد أرواح الناس حيث قال ئيگر اتگا دونيت ئيگ بنادم امود نس ءيگو سيدنا ازراين اشووال خار مگرن ويقول مثل شغبي أخر … زوند يان م ءيتملا دونيت اغو تسرس ازد أمان اي مثل الدي ظن ان الدنيا لبنا فوجد ماء وهناك مثل اخر قيل بلسان الحرباء..وبالامازيغية..كاشا..او محباوش قالت الحرباء…تنا كاشا … اسي اضار سرس اضار اورن سراك تگراول دونيت اي ءيمشي رويدا رويدا حتى لاتنقلب عليك الدنيا وكخلاصة ..عامة فالكون او الدنيا تناوله المثل الشعبي قديما واستطاع الأمازيغي أن يستنطق الكون والطبيعة وما تحمله من أسرار.

وكخلاصة عامة.. فالكون هو مصطلح تم تأويله بطرق شتى وفقاً لنظريات مختلفة ومتعددة. وأحد الاتفاقات القليلة حول ماهية الكون من بين النظريات العدة المتبناة من قبل الفلاسفة وغيرهم هو أن (مفهوم) الكون يدل على الحجم النسبي لمساحة الفضاء الزمكاني (الزماني والمكاني) الذي تتواجد فيه المخلوقات العاقلة وغير العاقلة كالنجوم والمجرات والكائنات الحية.

المراجع

  • Brief History of the Universe”, www.astro.ucla.edu, Retrieved 22-9-2018. Edited. “universe”, Dictionary.com, Retrieved 22-9-2018. Edited. “Planets”, solarsystem.nasa.gov, Retrieved 22-9-2018. Edited.
  • [1] الوضعانية المنطقية: هي حركة فلسفية ظهرت في النمسا وألمانيا في العقد الثاني من القرن العشرين. تعنى هذه الحركة بالتحليل المنطقي للمعرفة العلمية، حيث تؤكد أن المقولات الميتافيزيقية أو الدينية أو القيمية فارغة من أي معنى إدراكي، بالتالي لا تعدو كونها تعبير عن مشاعر أو رغبات. إذاً، فقط المقولات الرياضية والمنطقية والطبيعية هي ذات معنى محدد.
  • [2] التموّج الكمّي: هو اهتزاز أو تغير للطاقة وقتي في الفراغ. يعبر عن التموج الكمومي للفراغ بـ”طاقة الفراغ” في نظرية المجال الكمومي. ولكن محاولة إيجاد علاقة بين طاقة الفراغ و الطاقة المظلمة أدى إلى نتيجة أكبر بكثير من الطاقة المظلمة التي ترجحها قياسات المراصد.

التعليقات مغلقة.