بقلم د. مبارك أجروض
تعرف مضادات الأكسدة Antioxydants بأنها تساعد في تأخير تلف الخلايا. وفي حين تشير الأبحاث إلى أنها يمكن أن تقلل الالتهاب، فإنه ما يزال من غير الواضح بالضبط ما علاقته بالصحة العامة. وتوصف مضادات الأكسدة بأنها المواد الموجودة في الأطعمة النباتية، مثل الفواكه والخضروات والبقول والقهوة والشاي، بالإضافة إلى المكملات الغذائية، وهي ضرورية للصحة لأنها يمكن أن تمنع أو تؤخر تلف الخلايا الناجم عن الجذور الحرة، التي تسبب العديد من الأمراض.
والجذور الحرة هي نتيجة ثانوية طبيعية لحياة الإنسان. وعلى سبيل المثال، يمكن إنتاجها بشكل طبيعي في شكل حمض اللاكتيك acide lactique عند ممارسة الرياضة. ويمكن أن تأتي الجذور الحرة أيضا من مصادر خارجية مثل دخان السجائر وتلوث الهواء وبعض الأدوية وضوء الشمس.
* مضادات الأكسدة
يقوم الجسم بإنتاج جزيئات تعرف بـ (radicaux libres) خلال قيامه بأنشطة مثل الهضم والتمارين القوية، وكذلك كردة فعل على بعض الأشياء مثل تعرضه للأشعة فوق البنفسجية، التلوث والتدخين. وهناك كذلك سموم بيئية أخرى، مثل الإشعاعات المؤينة وبعض المعادن، يمكنها أن تتسبب في إنتاج مستويات عالية بشكل غير طبيعي من الجذور الحرة في الجسم.
ولكون تلك الجذور شديدة التفاعل، فيمكنها أن تلحق ضررا بالخلايا من خلال عملية تسمى بالإجهاد التأكسدي، يعتقد أنها من العوامل التي تقف وراء الإصابة ببعض الأمراض مثل السرطان، أمراض القلب، السكري من النوع الثاني، الزهايمر، شلل الرعاش، اعتام عدسة العين والضمور البقعي المرتبط بالشيخوخة.
وهنا يأتي دور مضادات الأكسدة؛ إذ إنها تُبقِي تلك الجذور الحرة تحت السيطرة؛ لأن مهمتها تتمثل في مكافحة الإجهاد التأكسدي، حيث تساعد على إبطال مفعول الجذور الحرة وغيرها من الجزيئات الموجودة بالجسم التي تضر بالخلايا والأنسجة، وهو ما يساعد بالتبعية على تعزيز وظائف الجهاز المناعي والتخفيف من الالتهابات المزمنة، التي يُعتقد أنها تقف وراء كثير من المشكلات الصحية، مثل أمراض القلب والأوعية الدموية والسرطان. كما يمكن لمضادات الأكسدة أن تقوم عبر آليات منفصلة بإصلاح الحمض النووي وأغشية الخلايا.
* مصادر مضادات الأكسدة
للعلم فإن الجسم يصنع من تلقاء نفسه بعضا من تلك المضادات، لكنها قد لا تكون كافية في بعض الأحيان؛ لأن الجسم يقوم في أوقات كثيرة بإفراز كثير من الجذور الحرة، ولا يكون بمقدور الجسم التعامل معها، ومن هنا تأتي أهمية الحصول على مضادات الأكسدة من مصادر خارجية ليتمكن الجسم من التعامل مع ذلك. إن مضادات الأكسدة تُستَخلَص من الأطعمة التي نتناولها عبر عملية الهضم وتنتقل عبر مجرى الدم وتصل إلى الخلايا، حيث تتعامل مع الجذور الحرة وتتصدى لها بإبطال مفعولها.
وهناك الآلاف من مضادات الأكسدة التي يمكن العثور عليها في الأطعمة فائقة القيمة الغذائية المعروفة وكذلك في مجموعة أخرى من الأطعمة مثل الفواكه، الخضراوات، المأكولات البحرية، الحبوب الكاملة، اللحوم وفي صورة مكملات أيضا. وبعض من تلك المضادات عبارة عن فيتامينات أساسية، وبعضها الآخر عبارة عن معادن أساسية، وغالبا ما يكون الجسم بحاجة لها.
ومن ضمن الفيتامينات المضادة للأكسدة: فيتامينات سي، إي وإيه، ومن ضمن المعادن المضادة للأكسدة: السيلينيوم والزنك. وهناك مضادات أكسدة لا يمكن اعتبارها مغذيات أساسية بالضبط، لكنها لازالت تحظى بتأثيرات على الخلايا والأنسجة، ويمكن العثور عليها بالنباتات، الحيوانات وغيرهما من المصادر الغذائية، مثل الليكوبين، الزياكسانثين والفلافونويد.
* الفوائد الصحية لمضادات الأكسدة
مكافحة الإجهاد التأكسدي، الحد من خطر الإصابة بأمراض مثل القلب، السكري، الزهايمر، السكتة الدماغية والسرطان والحد من خطر الوفاة.
* كيف يمكنك الحصول على مزيد من مضادات الأكسدة ؟
ـ مضادات الأكسدة الموجودة في الأطعمة
وهي التي يمكن الحصول عليها بالتركيز على مجموعة من مصادر متنوعة من الأطعمة الكاملة، عبوات الطعام الكامل، التوت، الخضر، الخضراوات الجذرية، الفواكه، المكسرات المختلفة، الحبوب والقهوة.
وبالنسبة للكمية الموصى بها، فقد تم تحديد حد أقصى يجب عدم تجاوزه يوميا لمضادات الأكسدة التي تندرج ضمن فئة العناصر الغذائية الأساسية، فالحد الأقصى المسموح به يوميا من السيلينيوم هو 55 ميكروجرام، وللنساء من سن 31 حتى 50 عاما، ويجب الّا يزيد Zinc عن 8 مليجرامات يوميا، الفيتامين A هو 700 ميكروجرام، الفيتامين E هو 15 مليجراما، الفيتامينC هو 75 مليجراما. وفي المقابل، لا يوجد حد أقصى مثالي أو معياري يوميا لمضادات الأكسدة التي لا تندرج تحت فئة العناصر الغذائية الأساسية، حيث لا زالت تجرى البحوث حول تلك الجزئية إلى الآن.
وبدلا من محاولة استهداف كمية بعينها، يمكنك التركيز على إضافة أطعمة منوعة بها مضادات أكسدة إلى نظامك الغذائي، وعليك دوما الإكثار من تناول الخضر والفواكه.
ـ مضادات الأكسدة الموجودة في المكملات الغذائية
وهي التي يفضل تناولها إلى جانب الأطعمة الغنية بمضادات الأكسدة، مع الأخذ بعين الاعتبار أيضا أن تلك المكملات قد تصير ضارة حال تم تناولها بجرعات كبيرة، وإلى جانب ذلك، ينصح بالرجوع دوما للطبيب قبل أخذ أي من تلك المكملات، كي يحدد لك ما يناسبك ويقرر لك الجرعة المضبوطة.
وأخيرا، نوه الباحثون بأهمية ممارسة التمارين الرياضية بالنسبة لإفرازات الجسم من مضادات الأكسدة؛ إذ تبين أن ممارسة التمارين باعتدال قد تساعد الجسم على إفراز مزيد من مضادات الأكسدة الطبيعية، وهو ما يجب الاهتمام به باستمرار.
التعليقات مغلقة.