أول جريدة إلكترونية مغربية تتجدد على مدار الساعة

تأملات شاعر ينوي الصيام “لن يدخل أحد الجنة بعمله بل برحمة الله”

رمضان مبارك كريم و كل عام و أنتم بخير


بقلم الشاعر حامد الشاعر

 

يهل هذا الفضيل علينا باليمن والبركات ويحل بحلة بهية وطلة شهية، وهو مناسبة لنيل الثواب والرحمة والمغفرة والرجوع إلى الله والتوبة، وحبذا تكون توبة نصوحا، و هذا الشهر الميمون فيه سطر رجال الحق ملامحا وبطولات، وفيه نزل الوحي، ومنه انطلق النور للعالم.

هو أيام معدودات علينا جميعا أهل الإيمان والتوحيد التمتع بها والتعبد فيها والتملي بالحياة الروحية وقراءة القرآن وتدبره والتسلي بتمعن بأحرف أنزلت من السماء إلى أهل الأرض.

 

العبادة ليست مشقة أبدا، بل تسلي القلب وتنعشه وتهذب النفس وتأدب وتعالج الروح وتحرك كل الجوارح نحو الأعلى، ولما هو أحلى في الوجود وأغلى.

هذا شهر الصيام والقيام والهيام في وجه الملكوت، وليس وقتا للكسل والتذمر والشكوى، إنه فرصه سانحة للمضي قدما نحو الرقي والصفاء.

الأجواء الرمضانية أجواء ساحرة و آسرة، كلها فائدة، وعلى كل مائدة تتنزل الرحمات من فطور وسحور، وحتى العبادة بالأجر المضاعف، فما أحلى المساجد في هذا الزمن الجميل، وما أروع التراويح ما بعد العشاء، وما قبل الفجر، وفي كل البلدان وجد المسحراتي، و فوق كل صومعة وجد مؤذن يصدح بالأذان ويعلن صوت الحق وينادي.

لي ذكريات مع رمضان لا تنسى في قرية الساحل، ومدينة العرائش، والآن أنا في طنجة أستعد للصيام ولأداء الشعائر و الطقوس، و هنا لرمضان أجواء أكثر من رائعة، هنا النور ينطلق في كل اتجاه ويشع.

أقولها صراحة الدين يلعب دورا مهما في حياة القلب وحياة كل حي، وأنا أرتاح نفسيا وصحيا حين التقرب إلى الله والتعبد، وهناك أشياء يصعب علي تركها عبادة الله، و قرض الشعر و نظمه والقراءة والكتابة والعمل وسماع الموسيقى، و حبب إلي السفر و التنزه ومشاهدة الهاتف والحاسوب وما شابه ذلك، وحبب إلى نفسي كل شيء جميل، وهذه الأشياء تساعدني في العلاج النفسي وتسعدني.

الدين في الدنيا يريح، ووجود شريك صاحب وجه مليح أيضا، والفن والعلم والثقافة والأدب يساعد المرء على العيش بسلام، ما علينا سوى الاجتهاد في هذه الحياة بما يراعي ما ذكرت سالفا.

أحب رمضان كثيرا وأعتز بانتمائي للإسلام، و بهويتي العربية، وأفتخر بنسبي الشريف، وأصلي الطيب، وسعيد جدا بمغربيتي وجذوري، سني المذهب، وعلوي الهوى، وصوفي التوجه، وسلفي المرجع، ومؤمن بالله ورسله جميعا وكتبه وملائكته واليوم الآخر والقدر خيره و شره، ومستعد للدفاع عن قناعاتي والموت في سبيلها.

ومن خلال الإرث الذي ترك لي أستطيع القول أني أقبل بالآخر كيفما كان، وبما لا يتعارض مع المنهاج الذي خلفه الرسول الأكرم لي ولمن تبع هداه، وأعترف أني كنت ضالا فاهتديت وأذنب باستمرار وأستغفر الله وأحب الله من صميم القلب ورسوله وأولى العزم من الرسل خاصة المسيح و كليم الله موسى عليه السلام و أب الأنبياء إبراهيم الخليل ونوح عليه السلام.

الإسلام في نظري أصح من غيره، وأصلح للناس، هو مثالي وواقعي في الآن نفسه، ويستجيب لما هو روحي ولما هو مادي، دين له دولة و لا دولة يستقيم أمرها بدون دين وسطي ومعتدل له أحكام في السلم والحرب، نظامه شامل و كامل وعادل ومنظومة لا تقبل الفوضى للدنيا حياة وللآخرة نجاة.

سينتصر لا محالة، ومحال أن ينهزم وغيره باطل، هو الحقيقة والحياة وهو الطريق الوحيد والمستقيم.

هذا رمضان جاء إلينا مفعما بالطيب، وموشحا بالنور الرباني، وله أسرار من بداية الكون لنهايته بحثت كثيرا في الأديان فلم أجد غيره الإسلام ذا جدوى وقيمة، وبحثت كثيرا في الأمكنة والأوطان فلم أجد غير وطني أغلى، ووطني هذا ينقسم إلى وطني الصغير قريتي الساحل الغناء، ووطني الكبير المغرب الحبيب، ووطني الأكبر منه العالم العربي والإسلامي، وكل العالم وطني، وفي العالم أماكن لها قدسية عندي، مكة المكرمة والمدينة المنورة والقدس الشريف، و بحثت في الأزمنة فوجدت رمضان أفضلها، واليوم الذي ولد فيه الرسول محمد أجملها، واليوم الذي ولد فيه المسيح، واليوم الذي هاجر فيه الرسول، والعيدين أحلاها، وثالث الأعياد عندي عيد الشعر، رابعها عيد الحب.

الإسلام دين المحبة والسلام، ولا يقبل الخنوع والخضوع والاستسلام بالدعوة يحلو و بالسيف يعلو، يطالب أتباعه بمحاربة أعداء الداخل النفس والشيطان والدنيا والهوى، وأعداء الخارج كل من يعلن الحرب عليه، ولابد لنا من الاعتصام بحبل الله وعدم التفرقة، ولا بد من إحداث مراجعة فكرية، وتصحيح المسار، وهذا ما فعلته وعرفت بعد عيشي الطويل على الأرض حقائقا كانت عندي و كنت أجهلها، و شاهدت بأم عيني حقيقة العالم المزيف وتأكدت أن من لا خير فيه لدينه ووطنه وقومه لا خير فيه، والعالم كله ينافق ويكيل بمكيالين ويدعي الفضيلة فقط ويدعي المحبة والسلام علنا، وسرا يقتل و يذبح، وعرفت أن الغالبية تتبع أهواءها ومصالحها وتعبد المال والجنس و كل شيء عندها تغلب عليه السياسة، وتفضل الدنيا الزائلة عن الآخرة.

الحب ليكون صادقا لا بد أن يكون متطرفا، ولا منطقة وسطى في الحب مع أو ضد.

نقتدي بالسلف الصالح، وعلينا أن نكون خير خلف لخير سلف، هذا اختياري، وهذه قناعاتي، وهذا ما أملاه علي ضميري ولن أحيد عن هدفي.

ويشهد الله أني أحب الجميع، ولا أؤمن بسفك الدم، وأكره الموبقات، وأحب وصايا الله، وأعمل قدر الإمكان على تطبيقها وبجهاد الدفع والطلب سأحرر نفسي.

دائما أمد يدي بالسلام، لكني لا أحب الفساد في الأرض والغلو والاستبداد و أكره الطغاة والبغاة و أرجو للعصاة التوبة و للإقلاع عن الذنب، وفي عالم صار ممتلئا بالزناة والعراة وفساد الولاة والرعاة والقضاة والدعاة صار لزاما علينا إعلان النفير العام، والجهاد بالقلب واللسان واليد، و الإيمان أحلى والشهادة لأجل الدين والوطن أغلى ومنزلة الشهيد دائما أعلى.

لأجل الدين والأرض والعرض نبذل النفس والنفيس، والله أدرى بعباده، وهذا ما جادت به قريحتي، بعد أحداث كثيرة في حياتي، وبعد الشك صار يقينا عندي دين الله، وصار التعلق بالشيء بالباقي يغني عن الشيء الفاني،
اخترت أن أكون على ما أنا عليه، وما اختاره لي الله، وما جعلني عليه، ومن منزلة الإسلام أتطلع لمنزلة الإيمان والإحسان، ومن التشهد وأداء الصلاة والصيام أتطلع لأداء الزكاة وأمني النفس بالحج وأن أجد استطاعة إليه.

لن أكون ضالا بعد اليوم، أو مضلا، بل سأهتدي بنور الله وسوف أسعى لتبليغ الرسالة وأداء الأمانة، وسوف أحمل قلمي، و هوسيفي الذي سأشهره في وجه الظلام وكل ما هو حرام، سأحمل كتابي وسأخط عنوانا له بكل المعاني الجميلة.

تأملت في الكون والملكوت كثيرا فوجدت الله حاضرا في كل شيء، و ليس كمثله شيء، وتأملت في ذاتي وفي الآفاق فعرفت روعة الخالق وجماله وقوته، ومن خلال هذا التأمل اتخذت قرارا هاما في حياتي، وهو السير في الطريق الصحيح، وقررت الصيام والقيام و التفرغ للعبادة عساني أنال الشهادة، وسأكون هذا الشهر على وجه الخصوص مكثرا من القراءة ومقلا من الكتابة وسأشغل نفسي بالعمل وكلي أمل في حياة أفضل وأجمل.َ

مع اقتراب رمضان أشعر بأشياء بداخلي لم أشعر بها من قبل كأني أشعر بدنو أجلي وخاطري يقول عليك أن تكون كما يحب الله ودع عنك كل شيء مشين ومهين، ودع عنك بهرج الدنيا الخداع.

لن أخدع نفسي بعد الآن، ولن أخدع غيري، ولن أجامل أو أنافق الأسود أسود والأبيض أبيض، وسأعيش لأجل ما هو سامي، و سأترك أشعاري وأفكاري لكم، وأرحل، وما أطلبه لنفسي أتمناه لغيري، ولا أعتقد أن الله سيعذبني وأنا أستغفر وأصلي وأحب الخير وأعمل صالحا بناء على إيماني الحقيقي، والله في هذه الأيام المباركة سيرحمني، و في كل زماني ووجودي أيضا، ولن يدخل أحد الجنة بعمله بل برحمة الله.

تقبل الله صيامكم و قيامكم وسائر أعمالكم، وبارك الله حياتكم.

أحبكم في الله جميعا

التعليقات مغلقة.