أي دور للديمقراطية الأمريكية في حل القضايا العربية المعاصرة؟

إعداد: عبد الواحد بلقصري  

باحث  بكلية العلوم الإنسانية والاجتماعية بجامعة ابن طفيل 

 

ليس من شك في أن العالم اليوم يعيش فكرا أمريكيا أحاديا، حيث إذا كان العالم عاش من قبل، وفي فترات زمنية طويلة حروبا عسكرية وأيديولوجية طويلة الأمد، كانت في عمقها بألوان مختلفة، لون ديني، ولون اقتصادي، ولون سياسي، لكن اللون الديني كان هو السائد على مر التاريخ، وكل هاته الألوان يستخدمها الفكر الأمريكي ليتحكم في العالم وخيراته الاقتصادية.

 

وتعتبر الديمقراطية الأمريكية أهم مفهوم يستخدمه هذا الفكر الأحادي، حيث ساهم في تغییرات عديدة، حدثت على أركان البشرية، وأصبحت القرية الصغيرة للعولمة النيو ليبرالية مليئة بالفوضى والمشاكل المعقدة وأعطت انطباعات للرأي العام العالمي أنه لا أمان ولا أمن في عالم الغني يزداد فيه غنى، والفقير يزداد فقرا، عالم مليء بالتناقضات، عالم أرجعنا إلى القرون الوسطى بأساليبه الجديدة، عالم أصبح الإنسان أبخس بضاعة. لكن التساؤل الذي يطرح هو ما موقعنا نحن العرب، من هذا العالم المجنون؟ ما هي مرتبتنا، درجتنا، قيمتنا؟.

 

يقول الروائي “عبد الرحمان منيف”، نحن العرب عرفنا الهزائم تلو الهزائم، هل لأننا لم نعرف أن نتعايش مع سلبية هذا العالم، أم أننا مستهدفين حقيقيين في هذا العالم، أم أننا تركنا الفكر الأمريكي والديمقراطية الأمريكية بالأخص كي تحل مشاكلنا! أم أن الخطأ في إرادتنا العربية؟!

سؤال يجيبنا عنه الواقع العربي والشاشات العالمية كل يوم، لقد ازدادت الحروب ونحن المستهدفين (الحرب ضد الإرهاب، حرب الخليج الأولى والثانية والثالثة، الحرب في سوريا، واليمن، الاحتلال “الإسرائيلي” وغطرسته …… …..)

العرب بتاريخهم وبفكرهم وبتراثهم الماضوي، وأميتهم السياسية، وشعوبهم القبلية، أصبحوا الغائب الأكبر في عالم ليس لنا فيه، كما أكد الروائي “غسان كنفاني”، بالرغم من أن زمن كورونا أظهر للعالم حجم وفشل الهيمنة الأمريكية المبنية على الليبرالية المتوحشة واقتصاد السوق، وضرب الدول الوطنية، وبناء اقتصاد عالمي ينبني على رأسمالية  مالية مبنية على اشتراطات سياسية، وبالرغم من أن الحرب الروسية الأوكرانية استطاعت أن تبين فشل الديمقراطية الأمريكية في حل النزاعات، على اعتبار أن هناك العديد من القوى التي كانت تنمو في صمت كالصين والهند وتركيا أصبحت تعاند السياسات الجهنمية للهيمنة الأمريكية، ومن شأن ذلك أن يعيد ترتيب الجغرافية الاقتصادية والسياسية للعالم المعاصر، أضف إلى ذلك أن الجماعات الضاغطة الأمريكية، واللوبي الصهيوني الذي أصبح ينفذ مخططاته المتعلقة بالشرق الأوسط الكبير، خلقت رأيا عاما عالميا مناهضا للهيمنة الأمريكية وحلفائها.

 

إذن ما هو الحل؟ سؤال ضخم ومحير، لكن المثير للجدل هو أننا نجد أن الديمقراطية الأمريكية تطرح علينا الحلول تلو الحلول، وتمارس علينا دعايات الموت والحرية، يقول المفكر  “صامويل هنتنجتون”: الولايات المتحدة مثلها مثل نبات السبايا ما تكاد تشم رائحته وتقترب منه حتى يلتوي عليك.

وبالفعل لقد التوينا على الديمقراطية الأمريكية، وأصبحنا نفكر بتفكيرها وننظر بعينها ونحكم بقراراتها، إلى أن نعي سر نبات السبايا والتربة التي تزرع فيها تلك النباتات، آنذاك نكون قد بدأنا نفكر في مصيرنا، وربما نكون قد بدأنا في فهم سؤال الحل الكبير، وربما سوف تكون لنا كلمة في هذا العالم المجنون.

التعليقات مغلقة.