الحرب ضد “داعش” مسار ممتد من 2014 إلى 2022 فما الجديد الذي حملته قمة مراكش

الإعلامي المتخصص "م - ع"

بدعوة من الخارجية المغربية والخارجية الأمريكية التأم العالم بمدينة مراكش المغربية، الأربعاء، في اجتماع التحالف الدولي ضد تنظيم «داعش»، والذي عرف مشاركة 76 دولة من دول العالم، (15 دولة إفريقية و37 دولة أوروبية و7 دول آسيوية ودولتين من أمريكا الشمالية و13 دولة عربية، إضافة إلى دولتين حضرتا بصفة مراقب).

في متابعة لأطوار اللقاء والخلاصات التي أسفر عنها من خلال البيان الختامي الذي أصدره وزراء خارجية هاته البلدان، إضافة إلى بعض المنظمات الدولية، فقد تعهد المشاركون بمواصلة الانخراط والتنسيق الدولي في مكافحة “داعش”، فماذا استجد في مقاربة بناء التحالف الدولي علما أن نفس الشعار كان قد رفع سنة 2014.

تركيز على القارة السمراء

يمكن القول أن المستجد الذي حمله المشاركون في اجتماع مراكش، هو تركيز الجهد الدولي على محاربة الإرهاب و”داعش” ومتفرعاتها في القارة السمراء، أي أن قمة مراكش ركزت على محاربة الإرهاب على مستوى القارة الإفريقية.

الأكيد أن الملاحظات التي أعطيت عن تجربة التحالف الدولي سنة 2014 لا زالت قائمة حتى مع قمة مراكش، لأن المشاركين ركزوا على المقاربة الأمنية في محاربة الإرهاب بدون خلفية سياسية ولا اقتصادية ولا اجتماعية ولا حتى أفق استراتيجي، وهو ما يمكننا أن نقول جازمين أن قمة مراكش لم يضف محمولها جديدا للموضوع الأصلي الذي من أجله خلق التحالف الدولي لمحاربة “داعش” سنة 2014، والذي تقوده الولايات المتحدة الأمريكية، اللهم من التركيز الجغرافي على القارة السمراء. 

ماذا حققت مسيرة التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة ابتداء من سنة 2014

يمكن القول أن أيا من الأهداف التي تم وضعها لم تتحقق اللهم من تحجيم قدرات ّداعش” بعض الشيء دون التمكن من اجتثاثه، وما يعززه هذا القول هو استمرار التهديد الإرهابي على الصعيد الدولي وتوسعه على مستوى إفريقيا وأفغانستان واستمراره على مستوى الشرق الأوسط والمغرب العربي، بل حتى داخل أوروبا، وهو ما يعطي خلاصة أن التركيز على المقاربة الأمنية ليس كاف في التعاطي مع الظاهرة الإرهابية، وأن ذلك يعطي للتنظيمات الإرهابية، هوامش للاستمرار والتمدد، في مواقع الفقر والتهميش التي تشكل قلاعه الأصلية، والتي تغدي خلاياها النائمة ، وأن ربح معركة الإرهاب غير ممكنة في ظل هاته المقاربة التي تنعش الإرهاب وتغديه في غياب حلول جذرية، وأن الأمر يتعلق فقط بعملية تغيير المواقع وتوسيعها لتشمل كل أحزمة الفقر على الصعيد العالمي فضلا عن الاضطهاد الذي يولد ويغدي الإرهاب، وهو ما يوضحه انتشار قلاعه لاحقا بمنطقة الساحل وجنوب الصحراء ومناطق أخرى من إفريقيا وحتى في ليبيا، لاعتبارات منها، الفقر وعدم الاستقرار وضعف جهاز الدولة المركزية عن ضبط الحدود، وهو ما مكن ويمكن “بوكو حرام” مثلا، من إمكانية الاستمرار والحياة.

الحضور المغربي ضمن الحلقة الجديدة في محاربة الإرهاب ما دلالاته؟

ثلاث عناصر يمكن تلقفها باعتبارها عوامل جعلت المغرب يحتل مكان الريادة في مجال حمل مشعل محاربة الإرهاب وقيادته في إفريقيا، اعتمادا على نجاح المقاربة المغربية في مكافحة الإرهاب، باعتراف دولي، وفعالية هاته التجربة في التصدي لكافة المحاولات الإرهابية سواء داخل المغرب، أو بالتعاون مع كافة المؤسسات الأمنية العالمية من خلال تبادل المعلومات الاستخبارية، وهو ما جنب مجموعة من الدول، خاصة الأوروبية منها، من ضربات إرهابية كانت ستكون موجعة، وهي التجربة التي تحاول الولايات المتحدة والغرب استثمارها في حسر الإرهاب ومنع امتداده لأوروبا والغرب بصفة عامة، وهي فعالية تعترف بجدواها كافة الأجهزة الاستخبارية العالمية، والتي استفادت منها هاته الدول على المستوى المعلوماتي أو العملياتي الاستباقي، وهو ما دفع مجموعة من المحللين إلى ربط تغيير الموقف الإسباني فيما يتعلق بقضية الصحراء المغربية، إلى حاجة إسبانيا الكبيرة للتعاون الأمني مع الرباط لمكافحة الإرهاب والهجرة السرية وكل أنواع الجرائم العابرة للحدود.

خيار التوجه الدولي اتجاه إفريقيا ربطه بعض الخبراء بالقيمة الاقتصادية التي أصبحت تحتلها إفريقيا في إطار صراع دولي على مصادر الطاقة، التي تجعل من إفريقيا نقطة استقطاب اقتصادي كبير في هذا المجال، والذي عمقت أزمته في الغرب الحرب الروسية الأوكرانية، في مقابل رهان روسي قوي لاختراق منطقة الساحل جنوب الصحراء، دون أن نغفل مشروع الربط النيجيري المغربي لنقل الغاز إلى أوروبا عبر المغرب.

نجاح الرؤية المغربية في اختراق المثلث الجزائري النيجيري الجنوب إفريقي

تجلى هذا النجاح في اختراق المغرب لنيجيريا وسحبه لمشروع أنبوب الغاز الرابط بين نيجيريا وأوروبا من الجزائر إلى المغرب وهو ما يعكس نجاح الرهان الاقتصادي الأول في اختراق إفريقيا عبر الاستثمار في القارة السمراء وتحقيق تحالف إفريقي قادر على تشكيل كثلة تفاوضية اتجاه أوروبا، وهو ما عكسه انفتاح الرباط على القارة السمراء من خلال سياسة “رابح – رابح”، مما سيمكن إفريقيا من تحقيق الأمن الغذائي، يضاف إلى هذا الرهان، وهو المبتغى من قمة مراكش، تحقيق الأمن السياسي والإنساني عبر ضرب قلاع الإرهاب في إفريقيا واستثمار حاجة أوروبا للغاز لدفعها إلى المساهمة في ضمان الاستقرار السياسي عبر المساعدة على اجتثاث الإرهاب والتطرف، وهو ما يعني تقوية دور المغرب في المنطقة، والنقطة الأهم التي تهم الولايات المتحدة وأوروبا هي محاصرة المد الصيني والروسي في إفريقيا في صراع استراتيجي كبير يريد الغرب أن يكون المغرب بوابته الأساسية لتحقيق هاته الأهداف الاستراتيجية الكبرى للغرب في المنطقة.

ماذا سيجني المغرب من خلال هاته الخطوات أو الخطوات؟

الأكيد أن المغرب بدأ في جني ثمار هذا التوجه من خلال تحول الموقف الإسباني لفائدة قضيته الأولى، قضية الصحراء المغربية، والذي عكسته أيضا مجموعة من التصريحات التي أطلقت من مراكش داعمة للموقف المغربي، خاصة من جانب هولندا وتركيا..، وهو الربح الاستراتيجي الذي سيحققه المغرب من خلال عزل الجزائر وضرب طوق قوي حولها، وهو ما تلمسته الجزائر وفهمته جيدا، وغداه مواجهتها لمشروع أنبوب الغاز المغربي النيجيري، والبيان الأخير لوزارة الخارجية الجزائرية حول قمة مراكش وما أشعله داخل الجزائر من حرائق فهم قادة الجزائر فحواها وخطورة تحقيق تحول دولي لصالح المغرب مما يعني انتفاء دور الجزائر في إفريقيا بشكل نهائي. 

التعليقات مغلقة.