حرب أوكرانيا بين انهيار حلف “وارسو” واستعراض عضلات “الناتو” الضامنة للمصالح الاقتصادية ويبقى الشعب الأوكراني الضحية

انهار حلف “وارسو”، وحطم جدار “برلين”، وانهار الاتحاد السوفياتي، وتوالت أسماء وتوارت أخرى عن المشهد السياسي، أسماء طبعت المرحلة، لكن وعلى الرغم من هاته الأحداث الكبرى استمر حلف “الناتو”، ليفتح سؤالا عريضا عن جدواه في ظل هاته الانهيارات وانحسار الحرب الباردة، لتكشف حرب “أوكرانيا” المستور، ويتوضح بجلاء أن حضور “الناتو” اقتصادي بالدرجة الأولى وان مهامه الدفاع عن الرأسمالية المتوحشة والحفاظ على مصالح المنتسبين له وضمان هيمنتهم الاقتصادية على العالم.

كشفت حرب أوكرانيا أن هاجس ما يسمى ب “العالم الحر” هو مواجهة خطر “التنين” الصيني الاقتصادي، وصعود “الدب” الروسي كقوة اقتصادية صاعدة، تشكل خطرا اقتصاديا وجوديا على هيمنة الاقتصاد الأمريكي والغربي.

وضع كوني كنتاج لانهيار الاتحاد السوفياتي وانهيار جدار برلين اختزله  الكاتب السياسي وزير الخارجية الفرنسي السابق، “هوبير فدرين” بالقول إن من قاسى كل أنواع العنف والبلطجة لا يلام إذا هو “التمس ملاذا لدى أقرب مخفر شرطة”. 

الوضع الجديد خلق جوا من الصراع لن يكون من السهل التغلب على تبعاته أمام غرب طوق روسيا من كل الجهات، ودفع السويد وفلندا ذات 1300 كيلومتر هي طول حدود هاته الدولة مع روسيا إلى حضن الناتو.

الصورة الكاريكاتورية للمشهد الدولي بعد تحطيم جدار برلين عكستها “مارغريت تاتشر” حين قالت إن هذه أسخف فكرة سمعتها في حياتي “تقصد الوحدة الألمانية”

أو كما حملته المؤرختين “مارغريت ماكميلان” و”ماري ساروت” حينما اعتبرتا أن القصة، كما ترويانها، تؤكد صحة ما يقال عن استيطان الشيطان في التفاصيل.

 

الأكيد أن ما قبل حرب أوكرانيا لن يكون كما بعدها، وأن النظام العالمي في صورته الآنية رسخ حضورا واصطفافا جديدا لن يولد إلا المزيد من الصراع، لن نجزم بوقوع حرب عالمية، وإن كانت غير مستبعدة، لأن الغرب وكما جاء على لسان “توني بلير” يعي الحضور القوي للاقتصاد الصيني، وضعف الغرب في مواجهة هاته الإمبراطورية العملاقة، لكنه لن يسمح للصين بتملك قوة عسكرية قادرة على مظاهات أو تجاوز القوة العسكرية التي يمتلكها الغرب، لأنها الوسيلة الوحيدة الممكنة والعصا التي يمتلكها الغرب لضمان تقسيم اقتصادي للكعكة العالمية الاقتصادية، كما أن الغرب لا تهمه أوكرانيا ولا شعبها، ولكنه لن يسمح لروسيا بالانتصار في الحرب لأن ذلك سيعني تحولا جذريا في منظومة الصراع على المصالح لصالح الروس والصينيين ضدا على قوة الغرب التي بدأت تبدو كنمر من ورق في الوضع الحالي والمستقبلي.

التعليقات مغلقة.