استرجاع وادي الذهب الذكرى والدلالة

جريدة أصوات

حدثان شكلا لحظتين مفصلتين من تاريخ المغرب الحديث، فالمسيرة الخضراء أعلنت بداية مرحلة جديدة من التحرير الأصغر، والتي فجرت موجة من العداوات ضد وحدة المغرب الترابية، وضمنها اتفاق 5 غشت 1979 بين “البوليساريو” و”موريتانيا” حول إقليم “وادي الذهب” والذي تم إفشال مخططاته من قبل المغفور له “الحسن الثاني”، طيب الله تراه.

 

لقد شكل استرجاع إقليم “وادي الذهب” وضمه للسيادة المغربية إعلان مرحلة جديدة من تاريخ المغرب المعاصر، قطع مع كل المؤامرات التي كانت تستهدف النيل من وحدة المغرب الترابية، أمام المؤامرات الكبرى التي تلت تأسيس ما يسمى ب “جبهة البوليسايو”، والسياسة العامة التي اعتمدت بدعم من الجزائر وليبيا، التي انسحبت لاحقا.

مرحلة حاسمة شكلت تطورا هاما لا على المستوى الداخلي بإعلان الملك الحسن الثاني، رحمه الله، استرجاع إقليم وادي الذهب، أو التحول العام داخل جبهة “البوليساريو” مع موت “مصطفى الوالي السيد” أثناء الهجوم على “نواكشوط”، وتولي “عبد العزيز” قيادة الحركة الانفصالية، بما حمله من مزيد من السقوط في أحضان الجيش الجزائري، وانفجار المؤامرة الكبرى التي تلت الهجوم على “نواكشوط” بما حملته من دلالة سياسية وعسكرية، قطعت الطريق أمام كل الاستهدافات، وما شكله هذا الحدث من نقطة رئيسية وهامة في تاريخ نزاع الصحراء، لأنه قطع الطريق أمام تحول كاد أن يوقع “وادي الذهب” تحت سيطرة “جبهة البوليساريو” لولا هاته الخطوة الاستباقية التي انتهجها المغرب.

لقد شكلت سنة 1979، نقطة تحول ميدانية نقلت الوضع العام في الصحراء المغربية إلى مزيد من ترسيخ الوحدة والارتباط بالوطن الأم، ومحاربة كل أشكال سياسات التشردم والتمزيق التي رسختها قواعد “سايكس بيكو”.

كما شكل حدث 14 غشت من سنة 1979 مرحلة هامة، بحمولتها المتمثلة في إعادة إنتاج “سايكس بيكو” جديد في الصحراء سنة 1975، عبر توقيع كل من “إسبانيا” و”المغرب” و”موريتانيا” في “مدريد”، الاتفاق الثلاثي الذي قسم الصحراء بين “المغرب” و”موريتانيا”، (الساقية الحمراء للمغرب ووادي الذهب لموريتانيا).

لقد قلب الانقلاب الذي غير الأوضاع في “موريتانيا” في العاشر من شهر يوليوز من سنة 1978، والذي أطاح بالرئيس الموريتاني “المختار ولد داداه” حليف المغرب، وأوصل قائد أركان الجيش الموريتاني “المصطفى بن محمد السالك” رئيسا للبلاد، وتنصل “موريتانيا” من التزاماتها اتجاه “المغرب” ومن اتفاق “مدريد” تحولا سياسيا هاما وخطيرا استدعى التدخل المغربي السريع والحاسم لتصحيح أوضاع “سايكس بيكو” وإيقاف المؤامرات الكبرى التي استهدفت المغرب ووحدة أراضيه.

الهجوم على “نواكشوط” قلب المعادلات، وأوقع “موريتانيا” في تحول استراتيجي قاد الحكام الجدد للدخول في اتفاقية جديدة مع “الجبهة”، بتبعاتها المتمثلة في إعلان زعماء “البوليساريو” الهدنة مع “نواكشوط” من جانب واحد، ودعم “الجزائر” لهذا المسعى من خلال رعاية مفاوضات جمعت الجبهة الانفصالية مع “موريتانيا” في الثالث والرابع من شهر غشت من سنة 1979، وخلاصاتها بإعلان “موريتانيا” الانسحاب من اتفاقية “مدريد”، وبالتالي انسحاب “موريتانيا” من إقليم “وادي الذهب”.

المغرب تحرك سريعا وقطع الطريق على هاته المؤامرات الجزائرية حين وجه الملك الراحل “الحسن الثاني” رحمه الله أوامره للقوات المسلحة الملكية، بالدخول إلى إقليم “وادي الذهب”، وما صاحبه من إعلان شيوخ قبائل إقليم “وادي الذهب” في الرابع عشر من غشت من سنة 1979 أثناء زيارتهم للرباط من أجل تقديم البيعة للملك الراحل “الحسن الثاني”، البيعة والولاء للملك الراحل، والتي توجت في الرابع من شهر مارس من سنة 1980 بزيارة الملك الراحل إلى مدينة الداخلة، وتنظيم حفل الولاء، الذي يقام بمناسبة ذكرى عيد العرش، بذات المدينة، كرسائل واضحة وجهت لكل من “الجزائر” وصنيعتها “جبهة البوليساريو”.

الإجابة العملية من المغرب على خرق “اتفاق مدريد” والمؤامرا الجزائرية اتجاه المغرب لقيت الإجابة على الأرض بإطلاق مسار تنموي شامل ومتواصل، وضع قطار التنمية على السكة الصحيحة من خلال إدماج الإقليم في المجهود الوطني للتنمية الشاملة وفي جميع الحقول، بدل الوضع الذي عاشه الإقليم كنقطة عبور فقط نحو إفريقيا.

التعليقات مغلقة.