الأسرار الخفية في أغنية “أغدا ألقاك” للراحلة “كوكب الشرق” أم كلثوم

مصر: الأستاذ محمد سلومة

أغرب أغنية لأم كلثوم! قصيدة “أغدا ألقاك” هي عبارة عن قصة حب ظاهرة نهايتها محزنة، غنتها أم كلثوم “كوكب الشرق”…، ولحنها الموسيقار محمد عبد الوهاب، أما كاتب القصيدة فهو الهادي آدم (شاب سوداني)، يقال إنه كان طالباً في جامعة “القاهرة” بمصر….، وخلال دراسته أحب فتاة مصرية كانت طالبة معه في نفس الجامعه…، وجن بها واتفقا على الزواج بعد تخرجهما….، وبعد تخرجهما تقدم الشاب السوداني إلى عائلتها لخطبتها، فرفض والدها طلبه، وأرسل العديد من الشخصيات للوساطة، ولكن لم تفلح…، عاد بعدها الشاب إلى وطنه السودان…، وظل حزيناً معتزلاً الناس، واتخذ من ظل شجرة مقراً له…، وإذا بالبشرى تأتيه من البنت بأن والدها وافق أخيرا على زواجه منها، فكاد لا يصدق الخبر، وطار من الفرح بانتظار الغد كي يذهب إليها ويخطبها…، وبدون شعور، ذهب إلى الشجرة وسحب قلمه…، ليكتب رائعته …!!!. “أغدا ألقاك”.

تقول الأغنية “أغداً ألقاك ياخوف فؤادي من غدِ، يا لشوقي واحتراقي في انتظار الموعد.. آه كم أخشى غدي هذا، وأرجوه اقترابا، كنت استدنيه لكن هبته لما أهابا وأهلت فرحة القرب به حين استجابا، هكذا أحتمل العمر نعيما وعذابا، فمهجة حرة وقلبا مسه الشوق فذابا، أغدا ألقاك، أنت يا جنة حبي واشتياقي وجنوني، أنت يا قبلة روحي وانطلاقي وشجوني، أغداً تشرق أضواؤك فى ليل عيوني، آه من فرحة أحلامي ومن خوف ظنوني، كم أناديك وفي لحني حنين ودعاء يا رجائي، أنا كم عذبني طول الرجاء، أنا لو لا أنت لم أحفل، بمن راح وجاء، أنا أحيا لغد آن بأحلام اللقاء فأت او لا تأتي، أو فإفعل بقلبي ما تشاء، أغداً ألقاك هذه الدنيا كتاب أنت فيه الفكر، هذه الدنيا ليال، أنت فيها العمر، هذه الدنيا عيون، أنت فيها البصر، هذه الدنيا سماء أنت فيها القمر، فارحم القلب الذي يصبو إليك، فغداً تملكه بين يديك، وغداً تأتلق الجنة أنهاراً وظلاّ وغداً، ننسى فلا نأسى على ماضٍ تولّى، وغداً نسهو فلا نعرف للغيب محلا، وغداً للحاضر الزاهر نحيا، ليس إلا قد يكون الغيب حلواً..، إنما الحاضر أحلى” أغداً ألقاك ————————-، وذهب الهادي آدم إلى فراشه ونام منتظراً الصباح بفارغ الصبر…، الذي لم يأتِ عليه فقد فارق الحياة راحلاً إلى العالم الآخر…، وانتشرت القصة كالنار في الهشيم..، ولما علمت أم كلثوم بالقصة أصرت على غنائها لتبدع في أدائها….!!!

كان فؤاده خائفا من غده، و كان فؤاده على حق، تعجب من شوقه و احتراقه في انتظار الموعد، و بالفعل أحرق الشوق حياته، تعجب من خوف ظنونه، وكان محقا في خوفه وظنونه، ومحقا في خشية غده، تصور جنة تتألق انهارا وظلا، وأتمني أن تكون الجنة حياة لروحه الجميلة….

أحيانا نغني ولا ندرك أن الحدث هو من يتكلم و يبوح، فلنتأمل ما يمر علينا تلقائيا من أغاني و معانيها.

قصة روح تأهلت لصفاء و هناء الجنة.

 

التعليقات مغلقة.