الخطابات الدينية بين صدمة الحداثة ومقتل ما بعد الحداثة!

الدين والعقل بين الحداثة والتراث

بقلم سناء باهي 

طبيعة الخطاب الديني أنه خطاب تراثي بامتياز، لا ينفك في التعبير عن كل ما هو كلاسيكي! ويكفي لاستفزاز التراثي أن تناقشه بلسان حداثي! فالتراث والحداثة كالنقيضان لا يجتمعان! 

ومن شأن الحداثة أنها تكتسح التاريخ والوجود لحاجة العقل إلى فسحة وحرية، إذ ردحا من الزمن والحداثة صابرة على الانسداد الفكري للأديان حتى ثارت وسجلت حضورها القوي! 

أما حاجة الإنسان للحداثة فهو مطلب تاريخي إذ لا فكر يمكن أن يحترم قناعات الناس ويمنحهم حرية المسار والمصير  إلا الحداثة! 

 

والحداثة مع تأخرها ظهوراً إلا أنها استطاعت أن تتجاوز سلطة الأديان وتعيد للعقل سلطته المسلوبة!! وشعار الحداثة الأوحد هو الهجرة إلى الإنسانية باعتبار الإنسانية، هي دين من لا دين له، مع أن الأجواء الإنسانية لا تلغي الديانة لكنها لا تعطي للدين صلاحية الحكم لوحده!! 

 

ومن هنا أقول أنه من الممكن جمع الدين والحداثة في مجتمع واحد بعيدا عن صراع الإقصاء والتسلط! وثقافة التسلط تبدأ حين يرفع شعار ادعاء الحقيقة المطلقة

 

لأن من أغاليط بعض شعارات الحداثة أنها زاحمت الأديان في بعض قناعتها! فيصير الذي فرت منه الحداثة كشعار وقعت فيه كممارسة. 

 

ولهذا احتاج الانسان إلى العيش في  الأجواء بعيدا عن الإطلاقية والمبادئ والثوابت، وهو ما مهد لظهور فلسفة ما بعد الحداثة! 

فهل فلسفة ما بعد الحداثة قطيعة مع الحداثة؟ أم هي امتداد لها! سؤال عميق لم يتم الظفر في شأنه بعد بجواب فيه يشفي الغليل؛ ف”هابرماس” مثلا يرى أنها امتداد، وغيره يرى خلاف ذلك! لكن المهم من ذاك كله هو إمكانية التفكير والعيش خارج فلسفة ما بعد الملة! 

إذ سئم الإنسان من الوصاية على العقول فاحتاج أن يرسم مصيره بنفسه! 

 أما عن سؤال الأخلاق في فلسفة ما بعد الحداثة فهو مشكل ابستمولوجي كذلك! 

ودائرة النقاش لحدود الساعة لا تزال في باب الإمكان لا الوقوع! لأن سلطة الأديان ليس من السهل تضييقها فضلا عن نقضها! وكما قال (نيتشه) “لم تستطع فلسفة من الفلسفات أن تهزم دينا ولو كان محرفا”. 

والخاتمة هي ضرورة الايمان الحر وهو القاسم المشترك بين كل الأفكار، أما ثقافة الإكراه أو الإلزام فذاك زمان ذهب بذهاب أهله مما ينبغي تبعا لذلك إذهابه!.

التعليقات مغلقة.