حضور الفكر التنموي ضمن سياق مفهوم التنمية المستدامة

عبد الواحد بلقصري/باحث في علم الاجتماع السياسي

تحتل قضية التنمية على المستوى الوطني والمحلي دورا هاما ضمن أبحاث العلوم الاجتماعية، وإن لم يكن بشكل محتشم، فتطور نظرية التنمية حدث خلال نصف القرن الماضي على العموم؛ “فالتنمية بوجه عام ظاهرة معقدة ودينامية ومتعددة الأبعاد”.*1*

فبعد نهاية الحرب العالمية الثانية (1945)، استحود على الفكر التنموي نمطان اثنين، هيمنا واحتكرا التفكير في قضية التنمية الاقتصادية، والمرتبطة أساسا بالاقتصاد السياسي الرأسمالي، والاقتصاد السياسي الاشتراكي.

فعملية التنمية وفق الفكر الاشتراكي الماركسي هي تنمية اقتصادية في قوتها الدافعة، تم إغناؤها من خلال جبهتين ثمتلان كلا من التجربة السوفياتية والتجربة الصينية.

وما صاحب كل ذلك من اجتهادات على الصعيدين الفلسفي والاقتصادي، على الرغم من حصول اختلاف بين النهجين السوفياتي والصيني، الأولى القائمة على المدينة، والثانية القائمة على الأرياف والمزارع الجماعية، مع قدر من اللامركزية في تطبيق الخطط التنموية في دمج البعد الاجتماعي المحلي.*2*

في الجهة المقابلة شكل حضور مفهومين شكلا أساس الفكر الرأسمالي، وترك بصماته القوية على نظرية التنمية الناشئة، رغم التطورات الجذرية في مسار التكوين الفكري لتلك النظرية.

وفي هذا الشأن فقد لعب الفكر البيوكلاسيكي والكينزي دورا هاما، خلال الربع الاخير من القرن العشرين، وولدا نظريات وروافد كان لهما إسهام وافر فيها.

فيما بعد، وفي سياق محاولة الدمج الاكاديمي للبعد المحلي و الاقليمي، فقد نما فرع للشجرة الفكرية التنموية من جانبين:

الجانب الاول، يمكن أن نطلق عليه فكر النظام الاقتصادي العالمي الجديد، وأبرز المفاهيم الجديثة التي بني عليها نجد إشباع الاحتياجات الاجتماعية الجديدة.

وفي إطار معالجة الرأسمالية لعللها، في الدول الرأسمالية الصناعية المتقدمة، فقد تم اعتماد دواء جديد، هو نشر لواء العولمة وتحرير الاسواق الدولية.

وضمن عملية التركيز على بناء القدرة التنافسية الطوعية في مواجهة كل التحدياث، برز مصطلح “اللعبة الجديدة نقائص العولمة”، من خلال مناهضة العولمة والبحث عن بدائل لها، وظهرت قوة المنظمات غير الحكومية عالميا، وقطريا هيئات المجتمع المدني والمجتمع الأعلى؛ كل هذا عكس الاهتمام بالبعد الاقليمي والمحلي والضغط العلمي عامة، وصعوبة الاقتصاد خاصة.

 

المراجع والهوامش :

  Bernard Conte, le concept de développement, in, (www.fsegs.mu.tn), p 6.

2-   باتر محمد علي وردم، العالم ليس للبيع، مخاطر العولمة على التنمية المستدامة، عمان الألفية للنشر والتوزيع، 2003، ص 141.

التعليقات مغلقة.