أسباب الغلاء في المغرب وسبل المعالجة

بقلم الدكتور أحمد درداري/ رئيس المركز الدولي لرصد الأزمات واستشراف السياسات بمرتيل

غير دستور 2011 من مفهوم السلطة وطريقة الوصول إليها وممارستها، والتي لا تزال تحتاج الى تفسير وشرح، من خلال ربطها بالغايات الحقيقية التي تتوخاها، وإبلاغ جميع المؤسسات الدستورية بالمضامين الحقيقية التي ما تزال تجابه بالتغاضي وعدم الإصغاء الى الشارع من جهة، وتجاهل الحكومة لأدوار باقي المؤسسات الدستورية وغياب التنسيق من جهة أخرى. 

 

حيث أن الطابع الملزم لروح الدستور والبقاء في شكليات نصوصه خلق نوعا من الهروب عن الهدف والغاية من وجود دولة المؤسسات والغاية من وجود القانون والمتمثلة في خدمة الوطن وحماية حقوق المواطنين بروح المسؤولية والمواطنة.

وقد عكس موضوع ارتفاع الأسعار وغلاء المعيشة أنه إما ليس هناك منظرين ولا خبراء ولا حتى مسؤولين يراقبون الاوضاع الاقتصادية والاجتماعية من داخل الثوابت الوطنية والدستورية، بالرغم من وجود جميع الامكانيات والوسائل لتجنب المغرب تعميق الازمة وتهديد الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي.  

وإما لا يسمع لهم أحد، ذلك ان الخطب الملكية تفرغ من مضمونها، على الرغم من ثقل حمولتها ونوعيتها وعمق دلالتها وجديتها، منذ عام 1999 وإلى اليوم.

وكأن خطب جلالة الملك لا تعني الحكومة ولا البرلمان ولا حتى باقي المؤسسات الدستورية، من قبيل مؤسسات الحكامة، ومؤسسات الرقابة، إضافة الى تخطي المقاربات التي تدعو إليها الخطب الملكية من حكامة وشفافية ونزاهة وربط المسؤولية بالمحاسبة والانصات والفعالية والنجاعة والقرب والمبادرة والترشيد …الخ. 

فالواقع لا يعكس تعاطي الحكومة مع مضمون الخطب الملكية، ويبين التناقض بين القول والتوجيه الملكي وواقع الممارسة العملية للمؤسسات الدستورية، وكأن هناك صراعا حول من يحكم، ومن يقدر على رفض اتخاذ القرارات المناسبة، إذ يكشف الواقع ضعف المردودية الحكومية، وبقاء العملية السياسية تدور في فلك الاختيارات والأولويات  والتدبير الارتجالي بدون مخططات دقيقة ودون تحمل للمسؤولية كاملة.

ويكفي الوقوف على تقارير والي بنك المغرب الذي نبه عدة مرات الى ضرورة مراجعة الحكومة لسياستها ونهجها الذي يبين أن السياسيين تنقصهم الخبرة والروح الوطنية، ولا يهتمون بالتوازنات السياسية وحدود العيش المشترك بين جميع المغاربة، ولا الأخذ بعين الاعتبار التوقعات الاقتصادية والاجتماعية المرتبطة بحياة المواطنين بمختلف مستوياتهم؛ وما لتدهور الوضعية المعيشية نتيجة ارتفاع الأسعار من أثر على الطبقات الاجتماعية خصوصا الطبقة المتوسطة والفقيرة.

كما أن المندوبية السامية للتخطيط أيضا تتوفر على معطيات ومؤشرات مهمة عن الوضعية العامة للبلاد توفرها عملية الإحصاء العام للسكان والسكنى التي تجرى على رأس كل عشر سنوات، والتي يمكن أن تمثل خارطة طريق للأوراش التنموية التي توفرها هذه المؤسسة، ومواجهة المشاكل الاجتماعية والاقتصادية التي تعانيها البلاد، ويمكن لجميع القطاعات أن تشتغل على المعطيات المتوفرة لدى هذه المؤسسة الوطنية والاسترشاد بتوصياتها واستنتاجاتها.

صحيح ان العالم مر بفترة جائحة كورونا التي تسببت في ازمة اقتصادية واجتماعية عالمية، وصحيح ان هناك عامل الجفاف وقلة التساقطات المطرية التي لها وقع سلبي على الموسم الفلاحي، إضافة الى اتساع رقعة الفقر بالبوادي والتي تبقى الدولة مسؤولة عنها لانعدام الاهتمام بالمواطنين من حيث تعليمهم وتكوينهم، رغم ان البوادي هي أعشاش انتخابية مهمة لتفريخ الاصوات التي تبني الحكومة، وعليه يطرح سؤال عريض حول الأسباب الرئيسية لتردي الأوضاع الاجتماعية وارتفاع الأسعار؟

يمكن حصر الأسباب الرئيسية التي تقف وراء تدهور الاوضاع الاجتماعية وغلاء الاسعار وتضرر الغالبية العظمى من الشعب فيما يلي:

– عدم تفعيل الحكومة للأدوار الاجتماعية للدولة رغم التنصيص الواضح في الفصل الاول من دستور 2011، على طبيعة النظام السياسي المغربي باعتباره نظام ملكية دستورية ديمقراطية واجتماعية، بينما الحكومة تخلوا برامجها من الطابع الاجتماعي التضامني لمواجهة الفقر والامية والتخلف، اذا استثنينا المبادرات الملكية التي تنقذ كل مرة حوالي خمس ملايين أسرة بمعدل خمس أفراد في كل أسرة، لا سيما في الظروف الطارئة والحرجة والاستثنائية.

– طبيعة الديمقراطية النيابية التي أخذ بها المغرب والتي تختلف عن الديمقراطية المباشرة و شبة المباشرة، مما يجعل الحكومة والبرلمان بعيدين عن المحاسبة، وتبقى الوسيلة الوحيدة لمحاسبة الحكومة والأحزاب المشكلة لها هي الانتخابات التشريعية. 

فالنيابة التشريعية حسب الديمقراطية التمثيلية لا تسمح بمحاسبة العضو البرلماني إلا عن طريق صناديق الاقتراع، وعلى رأس خمس سنوات كفترة انتدابية، إضافة إلى تقوية ضمانات الإفلات من المحاسبة بالجمع بين العضوية  البرلمانية، والعضوية الحكومية في النظام الدستوري الديمقراطي التمثيلي، الشيء الذي يقلل من قيمة المعارضة ويسمح بالتحكم  في الأغلبية البرلمانية من خلال  ضمان عملية التصويت وتمرير مشاريع القوانين داخل قبة البرلمان بكل سهولة… الخ.

– طغيان الفساد على الإصلاح وشيوع التفكير الذي يخدم المصلحة الشخصية على حساب المصلحة الوطنية ومصلحة الشعب في الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية، مما يكرس الليبرالية الانتهازية التي تخدم الأغنياء ورجال الأعمال على حساب بقية المواطنين والعوام، إضافة الى عدم الامتثال لمبادئ دولة القانون من طرف الطبقة الغنية التي تتوكأ على نخبة فاسدة في مختلف مستويات الإدارة، في حين يطبقالقانون على أغلبية المواطنين البسطاء والمغلوبين، ويستثنى منه البعض ويخرق من طرف الأقوياء.

– هيمنة رجال الأعمال والقطاع الخاص على مخرجات المؤسسات الدستورية وعلى الموارد والإنتاج، ومنه التحكم في التوزيع وتحديد الأسعار، الشيء الذي يوسع من المضاربات ويضعف دور الدولة التدخلية في المجال الاقتصادي والاجتماعي، بل وأصبحت الطبقة الوسطى التي كانت صمام أمان، وتلعب دور الربط بين الطبقة الغنية والفقيرة مهددة بالالتحاق بالطبقة الفقيرة.

– تعقيد النظام المالي العالمي وتحكمه في النظام المالي الوطني عن طريق سياسة الاقتراض التي تفرض شروط على الدولة، ضمنها تحويل الفرص والموارد للقطاع الخاص ليتولى تنشيط الاقتصاد مقابل إنهاء دور الدولة الاجتماعي، وإسهاماتها المالية التضامنية كصناديق الدعم والتكافل الاجتماعي، حيث يتوفر المغرب على حوالي إحدى وعشرين صندوقا للدعم والتضامن الاجتماعي وتقديم المساعدات الاجتماعية والتي تحتاج الى تجميع ومراجعة وتوجيه من جديد ومراقبة.

 – التبعية لمفهوم الدمقراطية الغربية القائم على تصدير ديمقراطية الكذب والفوضى، والذي يجري مفكرو ومنظرو بقية الدول من ورائه، واعتماد الإهانة والتصنيف السيئ في سلم التنمية لتكريس التبعية، والهدف هو إبقاء الأنظمة في حالة تبعية بواقع يظل متخلفا، والضمانات هي الاعتماد على الاقتراض الدولي الذي يلجأ اليه السياسيون الأعداء لأوطانهم، والذين يتمتعون بجنسيات دول غربية توفر لهم الإفلات من العقاب في حالة تورطهم في الفساد، وتسمح لهم بإفشال مشاريع الاصلاح وعرقلة التقدم والتطور تعبيرا عن ولائهم للدول المجنسة.

– تعارض وجود دولة قائمة بكل أركانها ومتمتعة بكامل سيادتها وحريتها في اتخاذ قراراتها مع فشلها في تدبير قضاياها الداخلية، وإغفال الهوة بين تعريض السلم الاجتماعي و الاستقرار وشرعية المؤسسات للخطر مهما كانت الظروف والأسباب من جهة، وبين تعهد الدولة بالتزاماتها بحماية حقوق الانسان والحريات العامة وعدم تكرار فترة سنوات الرصاص بعدما خرجت منها بإجراء مصالحة وطنية.

 ذلك أنه في حالة استمرار التضخم والاحتقان الاجتماعي في البلاد، اليوم، قد تنتقل لاحقا إلى وضعية أسوأ، والتي سيتخذ المواطنون من القوانين مرجعية قانونية وسياسية للتعبير والاحتجاج.

– التناقض بين تمتيع فئة من الموظفين السامين بامتيازات كثيرة على حساب غالبية الموظفين في الدولة والذين لا تكفيهم أجورهم ويتضررون من ارتفاع الاسعار والتضخم، مما يفتح المجال للفساد والرشوة في صفوف هذه الفئة العريضة من الموظفين بسبب ضعف أجورهم التي لم تعد تكفيهم لمواجهة تكاليف المعيشة.

فما بال فئة الفقراء الذين يسكنون البوادي ويعيشون ظروفا قاسية متعددة المظاهر، ولا يتوفرون على أي أجر، ويعتمدون فقط على الأمطار كمصدر للحياة بعد تنشيط الموسم الفلاحي، مما ينبئ بارتفاع نسبة الجريمة والبؤس والاكتئاب والانتحار والتفسخ الأسري.. الخ.

وعليه فإن حالة التضخم المرتفعة التي تعرفها البلاد تطرح سؤالا على الحكومة، وعلى باقي الفاعلين الوطنيين مجتمعين، حول الحلول الحقيقية لتجاوز التدهور العام في المعيشة، وتهديد الملايين بالمجاعة والفاقة والأمراض المختلفة؟

ولمعالجة الوضعية هاته الوضعية المتأزمة ينبغي العمل على:

  • إعادة تصويب الوظائف الاجتماعية للدولة وفق الرؤية الدستورية للنظام السياسي والدستوري المغربي.

تجد مقاربة تفعيل وظائف الدولة الاجتماعية أساسها في الفصل الأول من دستور 2011، بينما يرتبط مفهوم الدولة الاجتماعية ارتباطًا وثيقًا بظاهرة الضمان الاجتماعي، والحفاظ على مستوى معيشي لائق للمواطنين الفقراء والمحتاجين، عبر مساهمات الأشخاص الذين حققوا الأمن المادي، كما ترتبط الوظائف الاجتماعية للدولة أيضا بتوفير ضمانات مادية لجميع المواطنين.

ومن الضروري الاقتداء بمنوال نماذج الدول الناجحة في القيام بوظائفها الاجتماعية، مثل ألمانيا، حيث  قدم الاقتصادي الألماني، لورنز فون شتاين، تحليلا معمقا لعملية تشكيل الرأسمالية في ألمانيا، وتوصل إلى نتيجة مفادها أن الدولة يجب أن تكون مبنية على مبادئ المساواة والعدالة، وعليها أن تسعى جاهدة لرفع مستوى معيشة الطبقات الدنيا إلى المستويات المتوسطة والعليا، وضمان التقدم الاجتماعي، وذلك من خلال تنشيط النظام الاقتصادي.

وسرعان ما انتشرت هذه الأفكار كحركة ديمقراطية اجتماعية، واكتسبت قوة في ألمانيا بعدما كرست حماية الطبقات الضعيفة اجتماعيًا، وتم اتخاذ التدابير التي تنظم العلاقات الاجتماعية من قبل الدولة تحت تأثير النقابات العمالية.

فإذا كانت الدولة السوفياتية قد طورت مفهوم الدولة الاجتماعية منذ انطلاق ثورة البروليتاريا، فإنه بعد الحرب العالمية الثانية كرست الحكومة الألمانية لأول مرة في دستورها اسم الدولة الاجتماعية، بعد ذلك، بدأت الدول الغربية في الإعلان عن مبادئ العدالة الاجتماعية باعتبارها الدور الأساسي للدولة؛ خصوصا أنها تحقق مستوى عال من التطور الأخلاقي للمواطنين، وتحافظ على القيم الأخلاقية.

ويرى “ليون ديغي” الفرنسي أن الدولة ظاهرة اجتماعية تعتمد على عاملين:

الأول: تشابه الأفراد في الطباع والميول والمشاعر والحاجات، مما يجعل العيش سويا ضمن رابطة مشتركة ممكنة، يسميه “ديغي” بالتضامن بالمشابهة.

الثاني: التفاوت في القدرات والطاقات بين الأفراد والتنوع في الحاجات مما يقتضي تبادل الخدمات فيها بينهم لإشباع حاجات الجميع، ويعتبر تقسيم العمل من بين أنواع التضامن الاجتماعي.

ويعتبر التضامن بوجهيه، حسب ديغي، هو مصدر القاعدة القانونية التي تجد شرعيتها في مطابقتها للتضامن الاجتماعي وقواعد العدالة، الذين تنبثق منهما القواعد القانونية التي تشرعن سلطة الدولة، وتأسيسا على ذلك يكون التضامن الاجتماعي هو الذي يحدد نشاط الأفراد وتكون الحقوق والحريات الفردية تبعا لذلك خاضعة لمقتضيات التضامن الاجتماعي، وعلى الأفراد ملاءمة تصرفاتهم بما يتفق مع تلك المقتضيات وأن يتعاونوا فيما بينهم من أجل الحفاظ على التضامن الاجتماعي وتنميته.

      وعليه فإن “ليون ديغي” يرفض أن ينسب للفرد حقوقا سابقة على وجود الجماعة من الوجهة النظرية، لأن فكرة الحق لا تظهر إلا في الجماعة حين يوجد صاحب الحق، ويوجد من يستعمله في مواجهة الحق، ومن ثم فإن الأفراد يتمتعون بحقوق في الواقع مستمدة من القانون الموضوعي المستمد من ضمير الجماعة، كما يبين “ديغي” أن مشكلة تعيين الجهة التي تحدد حقوق الأفراد قد أدى إما إلى إعطاء ذلك للفرد نفسه، أو إلى الدولة التي تتولى كفالة الحق. 

وأوضح “ديغي” أن المذهب الفردي يكتفي فقط بفرض قيود سلبية على نشاط الأفراد، حين يلزم ذلك لحماية حريات المجموع، ولكنه لا يفرض التزامات ايجابية على الفرد بأن يعمل شيئا إزاء غيره من الأفراد كما لا يفرض التزامات ايجابية على الدولة إزاء الأفراد بان تتيح لهم وسائل التعلم والعمل والتأمين الاجتماعي.

وينتهي “ديغي” إلى القول بأن الدولة وهي عبارة عن حدث اجتماعي، يقع عليها واجب التدخل لتقديم مختلف الخدمات للأفراد ما دامت هذه الخدمات من جانبها تؤدي إلى تدعيم وتمتين أواصر التضامن الاجتماعي، وهذا الأخير هو الذي يحد في النهاية من سلطان الدولة ويعتبر قيدا عليه، ويجعل تصرف الحكام باطلا إذا ما تعارض مع مقتضيات التضامن.

وبناء عليه فإن مبدأي المساواة والعدالة في النظام الديمقراطي يظهران من خلال الضمان الاجتماعي، وتوفير الضمان الاجتماعي للفقراء، الذي يرتبط بتملك الدولة لاحتياطيات كبيرة تسمح لها بتنظيم التوظيف وإعادة توزيع الدخل لصالح المحرومين. إضافة الى تطوير النصوص القانونية والمبادرات التشريعية والمدنية.

مع ضرورة إعطاء الأولوية في سياسة الدولة للمشاريع الاجتماعية للتخفيف من آثار عدم المساواة والدعم المتنوع للفئات الفقيرة، وذلك بهدف تحقيق الرخاء لجميع أفراد المجتمع، وتعميم الضمان الاجتماعي لجميع مواطني البلاد، وتوفير ظروف معيشية لائقة للجميع، بما في ذلك المحرومين، وتجميع النصوص التشريعية، والتنصيص على مصطلح الحالة الاجتماعية في دستور الدولة.

إن الأجر العادل وتوفير الاحتياجات الأساسية من غذاء وسكن وأمن، وتنفيذ نظام الحماية الاجتماعية، ومساعدة أولئك الذين لا يستطيعون إعالة أنفسهم كالأشخاص في وضعية إعاقة والمتقاعدون والأطفال والأسر المعوزة والأرامل والعاطلون عن العمل ومعالجة الفوارق الاجتماعية، وتقليص الفجوة في مستوى المعيشة بين الأغنياء والفقراء بإعادة توزيع الدخل، وتجويد الخدمات الطبية والتعليم والسكن والنقل، والاهتمام بحل المشكلات البيئية والحفاظ على الموارد الطبيعية، ودعم المشاريع والمبادرات والبرامج المختلفة في المجال الاجتماعي والثقافي والتعليمي. وهناك وظائف اجتماعية محددة للدولة، كدعم الفئات الضعيفة من السكان سواء ماديا في شكل إعانات، والأشخاص ذوي الإعاقة، وكبار السن، والحالات النفسية. فدولة الرفاه الاجتماعي تسعى إلى تحسين مستوى الدخل والفرص لجميع المواطنين، وضمان دخل ثابت لجميع المواطنين لا يقل عن مستوى الكفاف.

وهناك نماذج من الدول الاجتماعية تطبق في بلدان مثل أستراليا وكندا واليابان، وكلها تستند إلى مبادئ أخلاقية رغم ممارستها للأفكار الليبرالية، مما يجعلها وجهة للمهاجرين، بالرغم من الانتقادات الموجهة لمفهوم الدولة الاجتماعية من قبل العديد من المعارضين والنقاد، نظرا لارتباطه بالأزمات المالية والسياسية التي طال أمدها.

حيث اعتاد سكان أوروبا على التلقي أكثر من العطاء، مما يؤدي إلى زيادة السخط الاجتماعي، وخاصة في حالة نقص الموارد اللازمة للوفاء بالضمانات الاجتماعية كما يحصل اليوم في فرنسا.

ولمواجهة حالة التذمر العام والتصدي لأزمة التضخم والغلاء يجب على الحكومة القيام بالإجراءات بالتدابير الاستعجالية التالية:

  • يجب على الحكومة الرجوع الى الخطب الملكية المتضمنة للتوجيهات المتعلقة بالسياسة الاجتماعية وتفعيل مضمونها على أرض الواقع، وتفادي اصطدام الحكومة مع توجيهات جلالة الملك وقناعاته التي تؤطرها رؤية ومفاهيم ومقاربات وتحتاج الى قيادة حكومية سليمة وآمنة لتحقيق أهدافها.

  • خلق مناصب شغل في صفوف الفقراء بدلا من تقديم الدعم الذي يبقى مؤقتا وغير كافي ولا يعبر عن صون كرامة المواطن.

  • معالجة الاستيراد للمواد الكمالية وتوفير السيادة الغذائية بتقوية الإنتاج الوطني لمواجهة حالة استمرار التضخم.

  • اعتماد سياسة حكومية تقشفية للحفاظ على التوازنات وتقنين الاستهلاك بترشيد الانفاق العام لمقاومة التضخم.

  • الحد من الامتيازات وارغام حكومة رجال الأعمال على الامتثال للدولة الاجتماعية والتضامنية.

  • تجميع صناديق الدعم والتكافل والتضامن التي عددها حوالي 21 صندوق لضمان التمويل الاجتماعي وترشيد سياسة الدولة الاجتماعية.

  • توجيه العناية والاهتمام بوضعية سكان البوادي المقدرين بحوالي 40 في المائة من ساكنة البلاد الذين يعانون قلة الامطار وأثر ذلك على السنة الفلاحية، وما يليها من معاناة وما قد ينتج عنها من مخاطر متنوعة.

  • فتح باب التعاون بين الحكومة وباقي الفاعلينلمواجهة الحالة التي تمر منها البلاد في سياق دولي يزيد من الضغط لابتذال حلول للأزمة المختلفة الأوجه والتي تهدد الامن المجتمعي.

  • غلق باب المزايدات السياسية بدعوى وجود أزمة أو الركوب عليها لضرب الاستقرار، ودفع الوضعية الى التأزم أكثر مما هي عليه.

  • تجنب التهور غير المحسوب العواقب في تصريحات أعضاء الحكومة أو المعارضة، وتتبع ومراقبة المسؤولين الذين ينقصهم الحس الوطني الصادق كالذين يتوفرون على جنسيات دول أجنبية.

  • إلزام المتهربين من دفع الضرائب بالاستجابة للقانون، ودفع ما بذمتهم من واجبات ضريبية.

  • تشجيع التضامن الأسري وتضامن المجتمع المدني لمواجهة المحتاجين والمعوزين والفقراء.

التعليقات مغلقة.