هل ستتدخل مصالح وزارة الداخلية وتفتح تحقيقا في موظف شبح بجماعة سلا ويستفيد أيضا من الدعم المخصص للجمعيات

محمد حميمداني

حدثتني العصفورة أن موظفا جماعيا يتقاضى مبلغا غليضا محسوب على جماعة سلا، لكنه مسجل في ركن المتغيبين ومبحوث عنه من قبل المال العام، بل أن الغياب غير المفهوم يقابل بسخاء ثان في الاستفادة فوق أجر  الريع الشهري السمين بدعم سنوي من العام لجمعيته.

العصفورة حلقت في فضاء جماعة سلا باحثة عن الموظف فأسرت لي بأنه مختف، وحين سؤالها عن المسؤول عن التدبير الجماعي أجابت أن الأمر اختلط بين التدبير وإغماض العينين لاعتبارات الحظوة لوجود سند رطب ضمن دائرة مكتب مجلس سلا، وهو ما يجعلنا نسأل عن المساطر والقانون دون أن ننتظر الجواب من المسؤول الأول عن تدبير جماعة سلا، اعتبارا لكون التحصين مفروض والحصانة موجودة داخل المجلس تغمض كل الأعين عن سؤال الحضور أو المتابعة.

والأخطر من ذلك هو كون هذا الموظف الشبح يستفيد ةمن بذخ دعم سنوي يمنح لجمعيته من مالية المجلس، أي من المال العام، على الرغم من أنه مسجل موظفا على الورق ومع ذلك يستفيد من رتبة شهرية ريعية سمينة كل شهر لأنه برتبة توازي أعلى السلالم الموجودة في ترتيب الوظيفة العمومية، لست نبيا ولا العصفورة هذهذا تحمل بشائر بلقيس، لكن روائح هذا الفساد استشرت فأزكمت الأنوف، وتلمسناها ونحن نتابع دورة المجلس حينما تم منح جمعية هذا الموظف الشبح دعمال ماليا من المال العام.

حالة تعكس مدى الفساد ونمط الريع السائد ضمن مصالح الدولة، كل هذا يتزامن مع حديث الدولة عن الحكامة في التدبير والإصلاح الإداري والانتقال من العمل الورقي إلى الرقمي وإعادة هيكلة المؤسسات العامة والبلديات، لكن في الوقت نفسه نجد أن هاته المؤسسات التي تتحدث الدولة عن تحديثها هي مصالح تفرز الريع والموظفين الأشباح الذين يتقاضون رواتب شهرية من دون عمل أو بذل مجهود.

وهو ما يساهم في إهذار المالية العامة، إذ ووفق إحصائيات رسمية فإنها تكلف الدولة أكثر من 10 مليارات درهم (حوالي مليار دولار) سنويا.

من يحمي هذا الموظف الشبح في أسلاك جماعة سلا

ربما من جميل الصدف أن الجارة الرباط والأخت الشقيقة في الجوار والعمودية في شخص العمدة أسماء أغلالو، أنها اعترفت أن مجلس المدينة به أكثر من ألفي موظف شبح، يتسلمون رواتبهم الشهرية منذ سنوات من دون أي عمل أو مراقبة.

فلم لا يتحل عمدة سلا بنفس الجرأة ويعلن عن فاتورة الموظفين الأشباح لدية واتخاد الإجراءات القانونية والمسطرية في حقهم ومتابعتهم برد المبالغ المنهوبة من المال العام.

الأكيد أن عدد الموظفين الأشباح على صعيد البلديات يتعدى الآلاف، وأن الوضع يشكل معضلة حقيقية تعوق التنمية والبناء المؤسساتي وتخليق الإدارة لجعلها خادمة للتنمية، خاصة وأن هاته الظواهر تساهم في نقل صور تضرب تلك الصورة الجميلة التي تحاول الدولة تجسيدها على مستوى التصنيف العالمي للشفافية والنزاهة.

والأكيد أيضا أن مسؤولين كبار اعترفوا بوجود هاته الاختلالات فقد تحدث “نجيب بوليف”، وزير الشؤون العامة في “حكومة الإسلاميين” الأولى عام 2012 عن وجود موظفين أشباح في جسد الوظيفة العمومية وأن عددهم يصل إلى 80 ألف موظف.

كما اعترف خلفه في حكومة الإسلاميين الثانية، وزير الوظيفة العمومية، محمد بنعبد القادر،  عام 2019، في مجلس النواب، أنه ضبط 3 آلاف و339 موظفاً شبحاً في الفترة ما بين 2012 و2017، وأن قرارات العزل صدرت حينها في حقهم.

الأكيد أن الحالة التي نتحدث عنها معلومة وليست مجهولة خاصة وأنها تستفيد من دعم جماعي مخصص لها من مالية المجلس، وقد منح لها مؤخرا ومقداره 50.000 درهم كجزاء على غيابها عن أداء مهامها، وهنا الغياب أصبح إشكالية، لكون المعني بالأمر يستفيد من مبالغ مالية ضخمة تكرس الريع، ولا يتم الاكتفاء بذلك بل يمنح نفس الشخص المسجل في ركن المتغيبين دعما ماليا من مالية المجلس، وهنا الخطورة التي تفتح ألف علامة استفهام ومتابعة، والتي يتحمل مسؤوليتها عمدة المدينة وأعضاء مجلسه الموقر بالمساهمة في غض الطرف عن الاختلالات القائمة وعن التسيب الذي يطال المال العام.

المطلوب من الجهات المسؤولة بوزارة الداخلية بكافة مصالحها ذات الصلة باعتبار سلطتها الوطنية التدبيرية أن تفتح تحقيقا في الموضوع، علما أن هذا الغياب ليس عرضيا بل هو مفهوم ومعلوم لدى مسؤولي الجماعة وأن غض الطرف عنه ناتج عن وجود مصالح مادية ومعنوية متبادلة بين الطرفين، وهو الواقع القائم بالفعل والذي على أي لجنة يمكن أن تكلف بمتابعة الملف أن تبحث عن خباياه.

وضع سبق لمنظمات حقيقة أن دقت ناقوس الخطر في شأنه باعتبار الأمر يندرج ضمن “سياسة الريع”، أبطالها ” موظفون يتلقون رواتب وتعويضات وتحفيزات مالية من دون حضور منهم أو بذل أي مجهود لفائدة الدولة. كما أن التقارير الدولية ما فتئت تنبه الدولة المغربية لوجود أنما من الريع والفساد مستشرية ضمن دواليبها وتعوق التنمية لأنها تتنزف مالية هاة من الخزينة بدون أداء أي فإذا أضفنا إليه الاستفادة من الدعم المخصص للجماعة نكون أمام وضع خطير لا يمكن التغاضي أو السكوت عنه تحت أي مبرر اللهم من المشاركة في الجريمة أو عدم التبليغ عنها على الرغم من العلم بحدوثها.

التعليقات مغلقة.