نقابة المحامين تستنكر تفرد وزير العدل في طبخ قوانين تخص المحاماة وتصفه ب”الخطأ الفادح” و”المنزلق الخطير”

استنكرت نقابة المحامين بالمغرب قيام وزير العدل بمهام ذات صلة بالمحامين وطبخ مشاريع قوانين بشكل منفرد، معتبرة الأمر “خطأ فادحا” مرتكبا من جهته و“منزلقا خطيرا” يقود عبد اللطيف وهبي، الحكومة إليه، محذرة الوزير من الاغترار بـما أسمته ”فشل” جمعية هيئات المحامين بالمغرب خلال الولاية الحالية في تدبير القضايا ذات الصلة بمهنة المحاماة.

 

جاء ذلك عقب انعقاد المكتب التنفيذي لنقابة المحامين بالمغرب في اجتماع طارئ يومه 07 شتنبر 2023، خصص لتدارس مستجدات الساحة المهنية، حيث استنكرت النقابة بشدة ما أسمته النهج  الذي يسلكه وزير العدل في إعداد مشاريع القوانين ذات الصلة بمهام المحامين و أدوارهم كشريك للقضاء في تحقيق العدالة (القانون المنظم لمهنة المحاماة، قانون المسطرة المدنية وقانون المسطرة الجنائية …).

وأضافت النقابة أن وزير العدل يصر على “طبخ” تلك المشاريع بشكل منفرد، ودون اعتبار للمقاربة التشاركية الحقيقية والفعلية، المكرسة دستوريا، والقائمة على الإصغاء والتشاور مع جميع الإطارات المهنية للمحامين.

ووصفت النقابة هذا النهج ب”الخطأ الفادح” الذي قد يدفع السلطة الحكومية والسلطة التشريعية إلى مغامرة تشريعية غير محسوبة العواقب، من شأنها أن تدخل منظومة العدالة لبلادنا في دوامة من الصراعات هي في غنى عنها، خاصة في سياق إقليمي ودولي يتطلب الحرص الشديد على كل عوامل الاستقرار وتوحيد الجبهة الداخلية لمواجهة كل التحديات.

 

وأكد البيان الصادر عن نقابة المحامين بالمغرب، والذي تتوفر جريدة أصوات على نسخة منه، أن مهنة المحاماة تؤطرها مبادئ دولية التزمت الدولة المغربية باحترامها، ولا يجوز لأية سلطة أن تمس بها، وفي مقدمتها المبدأ 24 من المبادئ الأساسية بشأن دور المحامين، الذي ينص على أنه “للمحامين الحق في أن يشكلوا و ينضموا إلى رابطات مهنية ذاتية الإدارة تمثل مصالحهم وتشجع مواصلة تعليمهم وتدريبهم وحماية نزاهتهم المهنية، وتنتخب الهيئات التنفيذية لهذه الرابطات من جانب أعضائها وتمارس مهامها دون تدخل خارجي”، و كذلك المبدأ 25 الذي ينص على أنه “تتعاون الرابطات المهنية للمحامين مع الحكومات لضمان حصول كل فرد على الخدمات القانونية بطريقة فعالة ومتسمة بالمساواة، ولضمان تمكن المحامين من تقديم المشورة لموكليهم ومساعدتهم وتمثيلهم وفقا للقانون وللمعايير والآداب المهنية المعترف بها، دون تدخل لا موجب له”.

ونبهت النقابة الحكومة المغربية “للمنزلقات الخطيرة” التي يقودها نحوها السيد وزير العدل، وذلك ب”خرقه” لواجب التعاون مع كل الإطارات المهنية للمحامين بشأن مشاريع القوانين التي تهم مهام و أدوار المحامين، وكذا حقوق المتقاضين، وهو ما ينتج عنه “مشاريع قوانين تخضع لرؤية سياسوية ضيقة”، وتنسف الحقوق الدستورية للمتقاضين، وغير قادرة على تحقيق الأمن القانوني باعتباره مدخلا لتحقيق الأمن القضائي المنصوص عليه دستوريا ضمن الباب السابع، في المحور المتعلق بحقوق المتقاضين وقواعد سير العدالة (المادة 118 وما بعدها من الدستور). 

   

وحذرت النقابة من اغترار السيد وزير العدل ب”فشل” جمعية هيئات المحامين بالمغرب خلال الولاية الحالية في تدبير القضايا ذات الصلة بالشأن المهني، مناشدة كل العقلاء والحكماء في السلطة التنفيذية إلى عدم الانجرار وراء هذا “الغرور الزائف”، و”المغامرة بإخراج مشاريع القوانين التي طبخها السيد الوزير”.

وأكدت النقابة أن هذا النهج الممارس سيدخل منظومة العدالة في سلسلة غير منتهية من الاضطرابات التي ستعرقل الإصلاح المنشود، مبرزة أن المحاميات والمحامين بالمغرب لن يقبلوا بأي قانون يمس بالمبادئ الدولية المؤطرة لمهنتهم، أو أن ينتهك أي حق من حقوق المتقاضين، ويقينا سينتفضون انتفاضة غير مسبوقة، تكشف لمن “اغتر بضعف من حاوره في “الخلوات” و “النوادي البحرية”، مكبلا بمصالحه الذاتية و الحزبية، بأن الجسم المهني للمحامين عصي على الترويض، وقادر على إعادة ترتيب أوراقه الداخلية، وسيخوض بنفس نضالي كل المعارك التي يستلزمها الدفاع عن رسالة المحاماة المهنية والحقوقية”.

 

ودعا البيان المحاميات والمحامين بالمغرب إلى استخلاص الدروس اللازمة، والحرص على اختيار ممثلين في مستوى ما يتطلبه الدفاع عن رسالة المحاماة، والقطع مع كل عناصر الضعف والفساد لإفراز مؤسسات مهنية قوية، وقادرة على مجابهة التحديات، وقيادة معاركهم النضالية، مع الحرص على إبقاء الساحة المهنية في حالة تأهب وتعبئة للتصدي لأي خطر محدق والانتفاض في وجه كل من يريد “الاستبداد بتمرير مشاريع قوانين تمس بمبادئ المهنة، ورسالتها الحقوقية، أو الإجهاز على حقوق المواطنات والمواطنين”،  و”تحويل العدالة إلى سلعة و تحويل المتقاضي إلى زبون يحصل على الجودة التي تناسب قدرته الشرائية”، علما بأن السياسات الاقتصادية و الاجتماعية للحكومة سحقت تلك القدرة لدى الفئات العريضة من الشعب المغربي.

 

 كما قررت النقابة الإبقاء على اجتماع مكتبها التنفيذي مفتوحا لمواكبة كل مستجدات الساحة المهنية، مع الاستعداد التام لتفعيل قنوات التنسيق مع كل الإطارات المهنية المناضلة لتوحيد الصف المهني حول المواقف والمطالب العادلة والمشروعة للمحاميات والمحامين بالمغرب.

التعليقات مغلقة.