المنتظم الأممي يراهن على حوار الأديان لتجاوز الإنقسامات

جريدة أصوات

تخلد الأمم المتحدة، ابتداء من اليوم الخميس، أسبوع الوئام العالمي بين الأديان، بهدف تعبئة جهود النهوض بالفهم المتبادل وحوار الأديان، وكسب التحديات المرتبطة بالسلام في عالم يزداد انقساما.

هذه المبادرة، التي أقرتها الجمعية العامة للأمم المتحدة بموجب قرار اعتمدته في سنة 2011، تسلط الضوء على الحاجة الملحة للحوار بين مختلف المعتقدات والأديان، بغية تحسين الفهم المتبادل والوئام والتعاون بين الشعوب.

ويحث هذا القرار، الذي صاغته الأردن، جميع الدول الأعضاء على دعم هذا الأسبوع لنشر “رسالة الانسجام والوئام من خلال كنائس ومساجد ومعابد العالم وغيرها من أماكن العبادة، على أساس طوعي ووفقا للقناعات والتقاليد الدينية الخاصة بهم”.

يتعلق الأمر، حسب المنظمة الدولية، بتشجيع التفاهم المتبادل وحوار الأديان، باعتبارهما بعدين هامين من الثقافة العالمية للسلام. ووفقا لهذا القرار، تحتفي الحكومات والمؤسسات والمجتمع المدني بهذا الأسبوع، من خلال مختلف البرامج والمبادرات التي من شأنها تعزيز غايات ذلك الهدف.

في إطار هذه الصحوة الجماعية بأهمية الانسجام والفهم المتبادل، يبرهن المغرب عن وعي عميق بالتحديات المرتبطة بالسلام، ويضطلع بدور ريادي في تعزيز قيم السلام والعيش المشترك، تحت قيادة أمير المؤمنين، صاحب الجلالة الملك محمد السادس.

في الرسالة الملكية السامية التي وجهها إلى المشاركين في المؤتمر البرلماني الدولي المنعقد بمراكش (13-15 يونيو الماضي) حول “حوار الأديان: لنتعاون من أجل مستقبل مشترك”، أكد جلالة الملك أنه “وبالارتكاز على التميز المغربي في التعايش الديني والاعتدال، فإنه من الطبيعي أن تكون المملكة المغربية من بين البلدان المبادرة إلى تأسيس آليات دولية للحوار الحضاري، وأخرى للتصدي للإرهاب والتشدد والتطرف”.

وأكد جلالة الملك أن الحوار بين الأديان وتكريس التعايش الإيجابي في ما بينها، والتفاهم والتعاون حول أهداف إنسانية، سيكون رافعة أساسية لتجنيب البشرية شرور الفتن والأوجاع والمعاناة.

“ولن يتسنى لنا ذلك”، يضيف جلالة الملك، “(…) إلا إذا ربطنا القول بالفعل، وحرصنا على تجديد مفهوم الحوار بين الأديان، وتحقيق نقلة نوعية في الوعي الجماعي بأهمية الحوار والتعايش، وبمخاطر الاستمرار في منطق الانغلاق والتعصب والانطواء”.

كما يتجلى الانخراط الفعال للمغرب لفائدة التسامح بين الثقافات والديانات، من خلال استضافة المملكة للعديد من اللقاءات ذات الصلة بهذا المجال، ومن بينها المنتدى العالمي التاسع لتحالف الحضارات المنعقد بفاس في نونبر 2022، والمؤتمر الدولي لحوار الثقافات والأديان.

وفي الاتجاه ذاته، تقدم المغرب بقرار إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة، يعد الأول من نوعه بشأن مكافحة خطاب الكراهية، وتم اعتماده سنة 2019. وبادرت المملكة أيضا إلى إصدار قرار تم بموجبه إعلان يوم 18 يونيو يوما عالميا لمكافحة خطاب الكراهية.

كما قدم المغرب أمام الجمعية العامة، قرارا تم تبنيه بإجماع الدول الأعضاء، ضد حرق الكتب المقدسة، ويعتبر هذه الأفعال، ولأول مرة، انتهاكا للقانون الدولي. ويدعو هذا القرار الأمين العام للأمم المتحدة، كذلك، إلى تنظيم أول مؤتمر عالمي في عام 2025 حول مكافحة خطاب الكراهية.

ويستنكر هذا القرار “بشدة جميع أعمال العنف ضد الأشخاص على أساس دينهم أو معتقدهم، وكذلك أي أعمال من هذا القبيل ضد رموزهم الدينية أو كتبهم المقدسة(…)، التي تنتهك القانون الدولي”.

جاء اعتماد هذا القرار التاريخي، بتوافق الآراء، في سياق عالمي يتسم بتفاقم خطاب الكراهية بكافة أشكاله وأبعاده، مما يجسد احترام وتقدير دور المملكة باعتبارها رائدا إقليميا وعالميا في مجال النهوض بقيم السلام والتسامح وحوار الأديان والثقافات، ويعكس الدور الريادي الذي يضطلع به المغرب في المحافل الأممية.

 

التعليقات مغلقة.