اختار شعراء “ضفاف شعرية”، الفقرة الجديدة التي أطلقتها دار الشعر بمراكش، أن يخطوا بطاقة تهنئة خاصة لعشاق الشعر والكلمة، بمناسبة نهاية سنة وحلول سنة ميلادية جديدة (2021).
وتناوبوا على إطلاق جمل قصيرة، يزرعون من خلالها الأمل، مشبعين بقيم الشعر في ترسيخ أفق الحب والعيش الإنساني المشترك. فقرة ضفاف شعرية، والتي شكلت لحظة للتلاقي بين أصوات شعرية تنتمي لأمكنة مختلفة من مغربنا العميق. لحظة شعرية خطتها قصائد لشعراء، استطاعوا أن ينسجوا مشتركا إبداعيا غنيا لتجاربهم، والتي جمعت بين الشعر والمسرح والنقد والعمل الجمعوي والإنساني. الشعراء: إسماعيل واعرابي وحليمة حريري وإبراهيم الكراوي، استطاعوا من خلال تجربتهم أن يجعلوا الكتابة الشعرية تحفر لأفقهم ومسارهم الإبداعي، انفتاحا خصبا على مجالات إبداعية وإنسانية وجمعوية وفنية.
وشكلت تيمتي “الذات والأمكنة”، اختيارا واعيا من الدار لموضوعة قصائد ثلاث أصوات شعرية، تأتي من فضاءات تاريخية تعبق بسحرية المكان، وتعطي لأفق الكتابة الشعرية متخيلا خصبا منفتحا على تعدد القراءات. ثلاث أصوات شعرية، زاوجت بين الكتابة الشعرية ومجالات إبداعية وفنية متعددة، فضاء لتلاقي التعبير الإبداعي في أرقى تجلياته. وفي ظل حرص، دار الشعر بمراكش، على تجسير التباعد الاجتماعي بين الشعراء والنقاد والفنانين والمتلقي شعريا، اختارت أن تبث فقراتها على منصات التواصل الاجتماعي. وتأتي هذه الفقرة الجديدة للدار، ضمن البرنامج الجديد للموسم الرابع 2020/2021، والذي افتتح ب “الأبواب المفتوحة” على امتداد شهري أكتوبر ونونبر من السنة الجارية.
اختار الشاعر والناقد إبراهيم الكراوي، والذي زاوج بين الكتابة الشعرية والانشغال بأسئلة النقد، صاحب ديوان “أضغاث أحلام”، وكتاب نقدي “خطاب الحداثة في القصة العربية”/2007، من قصيدته “ضَوءٌ بَعيدٌ”، يقول: “ أَسِرتْنِي/أحْلامُ اللَّيلِ…/كَانتْ تَرْمِينِي/ بالوُرُودِ،/ وتَختَفِي/ مِثْلَ أمْواجٍ/ تَنفَجرُ زبَداً نَاصِعاً/ غَيرَ أَنَّنِي،/ ألْمَحُ نُقْطَةَ ضَوءٍ فِي البَعيدِ، البَعِيدِ/ مِثْلَ قَرْيةٍ فَوْقَ الجَبَلِ،/ دُونَ أَنْ أَصِل/ دُونَ أَنْ أَصِل، فَقَط/ فِي البَعِيدِ، البَعِيدِ،/ أَلمَحُ وُجُوهاً غَامِضَةً/ وَالبِئْرُ العَمِيقُ كَقَلْبِ يَتِيمٍ/ وَرَائِحَةُ الدَّمِ تُزْهِرُ قُرُنْفُلاَ..
واختارت الشاعرة والفاعلة الجمعوية حليمة حريري، والتي صدر لها ديواني “غربة الروح” و”حواس الليل”، أن تقرأ قصائد بمسحة صوفية مسكونة بالوجع. الشاعرة التي انفتحت مؤخرا على النص الزجلي، في تجربة مزدوجة الاختيار، قرأت نصوصا جديدة، منها “ناصية الظلام” و”صباح رمادي” ونصوصا زجلية. من قصيدتها “ناصية الظلام”، تقول الشاعرة: برداء الظلام/ ألتف/ على ناصية الرحيل/ أقف/ أهدي/ من أعالي روحي الموحشة/ قبل أن تترجل الشمس/ عن صهوة النور/ وتركب ظهر الغيم/ تتوارى خلف انتظار عجوز/ شاخ تحت إبط الليل/ كنت أستوي على عرش الصلصال/ أصنع من الطين جبروتا يخر له الموت/ وأجنحة ترفعني
لأصعد السماء/ وأكون للموت ضلعا/ به يستقيم.. لو كان بوسعي/ أن أحلم/ لأوقفت ساعة الليل عن الدوران/ لجعلت القدر صوب مرآي/ لكنت كلاعب شطرنج/ أرتب للعالم فوضاه/ على رقعة حرب افتعلها/ لعالم من حولي يتهاوى..
أما الشاعر والفنان إسماعيل الوعرابي، الناشط الفني والجمعوي بمدينة ورزازات ومدير مهرجان “أماناي” الدولي للمسرح، والذي يزاوج بين الكتابة الشعرية والمسرح والتنشيط الثقافي والفني، والذي يسهر على تدبير وإدارة توطين مشروع فوانيس المسرحي، فخط وجع الشاعر حين يختار أن يصرخ “نحن لسنا بخير”..: ” أيها الباغون/ فوق جنة الأرض/ سأخبر الرب عن كل شهوةٍ/ تسككنا وَنَنْفِيَها،/ عن كل هفوةٍ/ تغمرنا ونُخْفِيهَا،/ وأننا بشر لننظر في الخَلْقِ / ونقتفي/ سبل السابقين / ويقتفي، / بنا اللاحقون في الخُلُقِ،/ وأننا بشر لنذنب/ ونفكر في الأمر/ كيف دبر/ وهذه سنة الله بِحَقٍّ/ أما بعد،/ نحن لسنا بخير ..
فقرة “ضفاف شعرية” تختتم بها دار الشعر بمراكش، فقرات الطور الأول من برنامجها الشعري للموسم الرابع. ويتجدد اللقاء بجمهور الشعر، في فقرات الطور الثاني ابتداء من شهر يناير 2021، في رحلة جديدة وبرمجة جديدة غنية. وتبرز عناوين كبرى لبرنامج الدار، في انتظار تحسن الوضع الصحي بالمغرب، “ست جهات.. ست ملتقيات”، هي أكبر العناوين التي أطلقتها دار الشعر بمراكش هذه السنة، في سفر جديد للشعر نحو جمهوره.
التعليقات مغلقة.