أول جريدة إلكترونية مغربية تتجدد على مدار الساعة

تحسين جودة البكتيريا المعوية

إعداد د. مبارك أجروض

بالرغم من أن الكائنات الدقيقة المحيطة بنا ليست متاحة للرؤيا بالعين المجردة، فهي تؤدي دورًا حيويًّا في كل مجالات الحياة، بصورة تجعلها تبدو وكأنها تدير العالم الذي نعيش فيه على كوكب الأرض، بل وتدير حياتنا نحن البشر، وهكذا فإن ملايين المليارات من الكائنات الدقيقة (في الغالب تكون بكتيريا) تعيش في أمعائنا وتغطي الأغشية المبطنة للأمعاء، وتُنشئ نظامًا بيئيًّا متناهي الصغر يُطلَق عليه الميكروبيوم Microbiome، يومًا بعد آخر، يثبت أن هذا النظام يؤدي دورًا بالغ الأهمية في الحفاظ على صحة الإنسان، إضافة إلى تأثيره على حالته المزاجية.

في هذا الإطار، كشف فريق من الباحثين بعدد من الجامعات والمراكز في بلجيكا وهولندا وجود تأثير إيجابي لنوعين من البكتيريا المعوية على الحالة النفسية للإنسان، وأثبت الباحثون في الدراسةالتي نشرتها دورية “نيتشر ميكروبيولوجي” أن كلًّا من بكتيريا “المكورة البرازية” وبكتيريا “دياليستر”، تؤديان دورًا بارزًا في جودة الحياة النفسية، وقد لوحظ عدم توافر هذين النوعين من البكتيريا (المضادة للالتهاب) لدى الأشخاص الذين يعانون من الاكتئاب.

تعتبر بكتيريا الجهاز الهضمي Bactéries du tube digestif إحدى طوائف البكتريا التي تعيش داخل جسم الإنسان، والتي يقدر عددها بحوالي 100 تريليون (ألف مليار). وتقوم تلك البكتيريا بالعديد من الوظائف المهمة في الجهاز الهضمي، بجانب أنه يمكنها أن تؤثر على العديد من أعضاء وأجهزة الجسم الأخرى. الأمر الذي يجعلها تلعب دورا في صحة الجسم وحتى الوقاية والعلاج لبعض الأمراض البدنية والنفسية على السواء. ويمكن للطعام الذي نتناوله التأثير بشكل كبير على بكتيريا الجهاز الهضمي، لذا تناول في تلك المقالة سبع نصائح غذائية لتحسين بكتيريا الجهاز الهضمي.

* نوّع من مصادر طعامك

هناك مئات الأنواع من البكتيريا الموجودة بالقناة الهضمية، والتي يلعب كل منها دورا مختلفا في صحة الجسم. وكلما تنوعت تلك البكتيريا كلما ازدادت الفوائد الصحية، الأمر الذي يمكن بلوغه عبر تنويع مصادر الطعام وتناول أنواع مختلفة منه. وللأسف الشديد فإن 75% من الطعام الذي نتناوله يأتي من 12 نباتا و5 مصادر حيوانية فقط، مما لا يعد أمرا جيدا بالنسبة لتنوع بكتيريا الجهاز الهضمي. لذا ينصح بتناول طائفة واسعة من الأطعمة مختلفة المصادر الحيوانية والنباتية لصحة أفضل.

* تناول الكثير من الخضروات والفواكه والبقول والحبوب الكاملة

تعد الخضر والفاكهة الغذاء الأمثل لتوفير العناصر الغذائية الضرورية لبكتيريا الجهاز الهضمي الصحية، ذلك أن الألياف الموجودة في بعض الخضروات والفواكه والبقوليات كالتوت الأحمر والخرشوف والبازلاء والعدس والحبوب الكاملة ـ والتي لا يمكن لجسم الإنسان هضمها ـ يمكن هضمها بواسطة بعض أنواع بكتيريا الأمعاء المفيدة مما يعزز نموها، بجانب هذا أثبتت بعض الدراسات أن تناول التفاح والتوت الأزرق والخرشوف واللوز والفستق يمكنه زيادة البيفيدوبكتيريا Bifidobactéries، والتي تعد أحد أنواع البكتيريا النافعة التي تساعد في الوقاية من حدوث التهابات بالأمعاء وتعزز من صحة الجهاز الهضمي.

* تناول الأطعمة المختمرة

إن الأطعمة المختمرة هي أطعمة تحتوي على بكتيريا أو فطريات نافعة تقوم بتحويل سكريات الطعام إلى أحماض عضوية مفيدة كما في الزبادي واللبن الرائب. وتشير الدراسات إلى أن الذين يتناولون الزبادي يمتلكون نسبة أكبر من بكتيريا المُلَبِنات Lactobacilles ذات الفوائد الصحية العديدة، وفي الوقت ذاته يمتلكون نسبة أقل من بكتيريا الأمعائيات Entérobactéries والمرتبطة بالالتهابات وعدد من الأمراض المزمنة. وتشير دراسات أخرى إلى أن تناول الزبادي يحسن من حالة بكتيريا الجهاز الهضمي النافعة. إلا أنه ينبغي الانتباه إلى أن الزبادي المحلى أو بطعم الفاكهة يحتوي على نسبة عالية من السكريات، لذا ينصح بتناول الزبادي الطبيعي دون أية إضافات للانتفاع بفوائده كاملة.

* قلل من تناول بدائل السكر الصناعية

تشير بعض الدراسات إلى أن تناول البدائل الصناعية للسكر مثل الأسبارتام من شأنه التأثير على بكتيريا الجهاز الهضمي بصورة سلبية. ففي دراسة أجريت على فئران تجارب تسبب الأسبارتام في زيادة بكتيريا المِطَثّية Clostridium والأمعائيات بالجهاز الهضمي، وترتبط زيادتهما بالعديد من الأمراض، وفي دراسة أخرى أجريت على البشر والفئران، وجد أن تغيرات بكتيريا الجهاز الهضمي تجعل من بدائل السكر الصناعية ذات تأثيرات سلبية على مستويات السكر بالدم.

* تناول الأطعمة التي تحتوي على البريبيوتك Prébiotiques

البريبيوتك هي مكونات غذائية يمكنها تعزيز نمو البكتيريا النافعة في الجهاز الهضمي، وتتكون بشكل رئيسي من الألياف أو الكربوهيدرات المعقدة التي لا يمكن لجسم الإنسان هضمها بينما تتمكن البكتيريا من ذلك؛ وتحتوي العديد من الفواكه والخضروات والحبوب الكاملة على البريبيوتك، وبجانب دور البريبيوتك في تحسين بكتيريا الجهاز الهضمي النافعة، تشير بعض الدراسات إلى دورها في تقليل خطر الإصابة بعدد من الأمراض المرتبطة بالسمنة كأمراض القلب وداء السكري.

* تناول الأطعمة الغنية بالبوليفينول Polyphénols

تعد مركبات البوليفينول من المركبات النباتية التي تمتلك العديد من الفوائد الصحية على رأسها خفض ضغط الدم المرتفع وتقليل مستويات الكولسترول والالتهابات والإجهاد التأكسدي بالجسم، كما أن تلك المركبات النباتية تزيد من نسبة البيفيدوبكتيريا وبكتيريا المُلَبِنات Bifidobactéries وLactobacillus، وتقلل من نسبة بكتيريا المِطَثّية Bactérie Clostridium، مما يحسن من حالة بكتيريا الجهاز الهضمي، وتتواجد مركبات البوليفينول بالعديد من الأطعمة مثل الكاكاو والشكولاتة الغامقة والعنب والشاي الأخضر واللوز والبصل والتوت الأزرق والبروكلي.

* تناول مستحضرات البروبيوتك  Probiotiques

البروبيوتك هي بكتيريا حية ذات تأثيرات صحية نافعة على الجسم لدى استهلاكها، ولدى تناول البروبيوتك فإنها لا تستعمر الجهاز الهضمي بشكل دائم ـ بعكس بكتيريا الجهاز الهضمي ـ إلا أنها تعمل على تغيير حالة بكتيريا الجهاز الهضمي وإعادة التوازن إليها، مما يعزز من تأثيراتها الصحية المفيدة، وتظهر تلك التأثيرات الإيجابية بشكل أوضح لدى المصابين ببعض الأمراض أو ببعض المشاكل الصحية الناتجة عن عدم توازن الأنواع المختلفة من بكتيريا الجهاز الهضمي، لدى المقارنة بالأشخاص الأصحاء.

التعليقات مغلقة.