بقلم: الأستاذ محمد عيدني
منذ أن قال الجنرال ديغول عبارته الشهيرة عن منظمة الأمم المتحدة، أصبح هذا التعبير مألوفًا بين الأجيال الفرنسية، وحقق صداها في الساحة الدولية، حيث يتكرر ذكره في الأبحاث والمناقشات الإعلامية كلما تناول موضوع الأمم المتحدة. عُرف الصحافي السويسري داريوس روشبان بشجاعته في طرح الأسئلة، خصوصًا عندما سأل رئيس الوزراء الفرنسي الأسبق دومينيك دو فيلبان عمّا إذا كانت المنظمة ليست سوى “شيء” عابر. فيلبان، بدوره، استحضر قوة خطابه في الجمعية العامة عام 2003، حيث عارض التدخل العسكري في العراق، مما يبرز التحديات المرتبطة بتمثيل الدول الكبرى لمصالحها بدلاً من مصالح الشعوب.
إننا نشهد حاليًا تغييرات جذرية تبرز ضرورة إعادة تقييم القضايا الدولية المعقدة التي ظلت عالقة لفترات طويلة. لطالما ارتفعت الأصوات للمطالبة بزيادة عدد الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن، مع التركيز على ضرورة منح إفريقيا تمثيلًا مناسبًا. ومع ذلك، رغم مرور أكثر من سبعة عقود على تأسيس المنظمة، لا تزال الآمال في تحقيق هذا الهدف تراوح مكانها، الأمر الذي يدعو للتساؤل حول فعالية النظام القائم.
منذ مؤتمر باندونغ عام 1955، والذي كان بمثابة بروز للتيار الثالث، تم تجاهل صوت دول عدم الانحياز في مسألة الترشيح لمجلس الأمن. ومع ذلك، أصبح للجنوب العالمي صوتٌ يتعزز مع مرور الوقت، ما يستدعي إعادة النظر في هيكلة الأمم المتحدة. اليوم، يتعين على المجتمع الدولي إعادة تقييم متوازناته، خاصة في ظل الصراعات المستمرة والاستراتيجيات المعقدة التي تتبناها الدول الكبرى كأمريكا وروسيا.
تغيرت الأوراق على الساحة الجيوسياسية، مما يتطلب حلولاً جديدة يمكن أن تعيد العدالة إلى المشهد الدولي. بدلاً من الاكتفاء بنقاش خطط أحادية، ينبغي أن نبحث في كيفية تعزيز القوى الناعمة كوسيلة لبناء علاقات أكثر توازنًا واستدامة بين الدول.
إن الوقت حان لفتح الأبواب أمام إصلاحات جادة وتنفيذ سياسات تعكس التنوع والاحترام المتبادل، مما يستدعي من جميع الأطراف أن تتجاوز الانحيازات التقليدية وتعمل نحو عالم أكثر عدلاً وشفافية.
بقلم: الأستاذ محمد عيدني
التعليقات مغلقة.