لماذا أصبح الشباب لا يحبون الزواج ويتجنبونه رغم توفر الإمكانيات، ولماذا أصبح الطلاق سريعًا؟
بدر شاشا
لم يعد الزواج كما كان في الماضي حلم الشباب ولا غاية يسعون لتحقيقها، بل تحول عند الكثير منهم إلى عبء يحاولون تفاديه بكل الطرق. رغم توفر الإمكانيات المادية عند البعض، إلا أن فكرة الزواج لم تعد تغري الكثير من الشباب كما كانت من قبل، وأصبح البعض يفضل العزوبية والعيش بحرية بعيدًا عن الالتزامات والمسؤوليات. وفي المقابل، حتى الذين يقررون خوض هذه التجربة سرعان ما يجدون أنفسهم في طريق الطلاق، وكأن الزواج فقد معناه الحقيقي وأصبح مجرد محطة عابرة في حياة الكثيرين.
الأسباب متعددة، والمجتمع يتغير بوتيرة سريعة. لم يعد الزواج قائمًا على البساطة والتفاهم كما كان سابقًا، بل أصبح محاطًا بتوقعات عالية ومطالب مادية مرهقة، سواء من جهة الرجل أو المرأة. الشاب اليوم يرى أن الزواج ليس مجرد بناء أسرة، بل هو مشروع طويل يتطلب تضحيات قد لا يكون مستعدًا لها، خصوصًا في ظل التغيرات الاقتصادية والاجتماعية التي فرضت نمط حياة مختلفًا تمامًا عن الماضي.
من جهة أخرى، أصبح الشباب أكثر تعلقًا بحريتهم الشخصية، فهم يعتبرون الزواج قيدًا يمنعهم من تحقيق طموحاتهم أو عيش حياتهم بالطريقة التي يرونها مناسبة. الاستقلالية أصبحت قيمة أساسية عند الجيل الجديد، والزواج في نظرهم قد يكون عقبة أمام تحقيق الذات والاستمتاع بالحياة دون قيود أو التزامات دائمة.
أما الطلاق السريع، فقد أصبح ظاهرة متفشية بسبب ضعف القدرة على التحمل، وعدم وجود استعداد حقيقي لمواجهة تحديات الحياة الزوجية. في السابق، كانت المشاكل الزوجية تحل بالحوار والتفاهم، أما اليوم فالحل الأسرع والأبسط هو الطلاق، دون محاولة لإصلاح الأمور أو البحث عن حلول وسطى. كل طرف يدخل العلاقة وهو يحمل قائمة طويلة من التوقعات، وعند أول صدمة أو اختلاف يجد الحل في الانفصال، وكأن الزواج تجربة يمكن إنهاؤها بسهولة بمجرد الشعور بعدم الراحة.
المجتمع يتغير، والقيم الأسرية لم تعد كما كانت، لكن السؤال الأهم: هل هذه التغيرات إيجابية أم أنها تساهم في خلق جيل يعاني من الوحدة وفقدان الاستقرار العاطفي؟
التعليقات مغلقة.