عبد الاله الجوهري
يجلس باسترخاء وراء الحاسوب، يرتشف جرعة من كأس شاي منعنع، شاي أرغم زوجته رغم تعبها الظاهر على إعداده، يمسح جبهته من عرق قلة الحياء، و يبدأ في الكتابة الشعبية الشعبوية، ضاربا أخماسا في أسداس، مهاجما المغاربة و الفرنسيين و الروس و اليابانيين والناس أجمعين، صابا جام غضبه على عائلة اليسار، خالطا بكل فجاجة بين الماركسية والإشتراكية و العدمية، مثنيا على الإسلامويين وأتباع الإسلام السمح، خاصة منهم البقية المتبقية من السلفية العوجاء وأيتام القاعدة و داعش و شاربي ماء الوضوء وأتباع شيخ القومة و الطوفان، و قبلهم الرافلين في ثياب الحكم و تمرير القرارات المخزنية بكل فجاجة وعنجهية.
ينهي تدوينته المترعة بقلة العمق و الفهم و كثرة ممارسة العادة السرية البلاغية، يتنفس ملئ الروح المثقلة بمجاهدة النفس و محاربة الباءة وإرسال الكلام على عواهنه، عند الحديث عن العقل و المنطق و مراحل التاريخ، و التمييز بين الحق و الباطل، و وضع الحدود الفاصلة بين من يحب و من يزايد في حب الوطن.
يعيد مسح الجبهة العريضة المتقاطرة عرقا، و يرشف جرعة ثانية من الكأس المترعة بنشوة الإنتصار على فلول الماركسية و الوطنية و باقي رموز العقلانية، قبل أن يتراجع للخلف منتظرا تعليقات القراء، فاغرا الفاه. بعين يقظة مفتوحة و ذهن متفتح للرد على كل من سولت له النفس الأمارة بالسوء، في قول ما لا يتوافق و ظنه المسكوك و عقيدته السامية في حب الله أكثر من حبه للبلد و مصلحته الآنية، يستجمع قواه الخائرة من كثرة المجاهدة وقيام الليل في تتبع الصفحات والتنسيق بكل حذق بين جحافل غزاة الفايسبوك و الكسالى الناجحين بمعدل 20/10، قبل أن تتلقفهم كليات الشريعة الفارغة، وشعب الدراسات الإسلامية الجائفة والجمعيات الظلامية الممولة من تجار الدين و شاربي بول البعير القادمين من بعض دول الخليج أو المستوطنين في بلاد الفرنجة.
بعد أن يحس بلا مبالاة جموع العاقلين و تصفيق و تجاوب جموع الجاهلين، يمر للسرعة القصوى من خلال توجيه الإتهام و الضرب من تحت الحزام و الإغراق في البسملة والحوقلة و ترديد فارغ الكلام، ساعيا للاستفزاز و النط فوق الحبال، محاولا التأكيد على شجاعته القائمة على حشيان الهضرة و إرسال الرسائل الخضراء الممهورة بالتهم الجاهزة الخانزة بذل إهدار الدم و القتل المشروع لكل من يقول للتطرف و التخلف كلمة لا .
للمناضل الفيسبوكي الرافع عقيرته بالسباب الواقع في أسر المزايدة و المشاحنة و تقديم شهادة النضال الكلامي، نقول لك: سلاما سلاما سلاما و لتشرب ماء البحر لكي يحررك من سحر النخوة و النشوة المستعارة من زمن الصحابة و قتل الخلفاء و مقايضة الموت و الشهادة بأنهار من الخمر و الجواري و الغلمان الرافلين في لباس شفاف من حرير.. .
التعليقات مغلقة.