بقلم محمد عبدني
شباب يموتون في البحر وآخرون ينتحرون في البر وصرخات أمام البرلمان ومن يبالي.
خطاب تلو الآخر من صاحب الجلالة لفتح المجال للشباب و النهوض بأوضاعهم وفي المقابل تعنت المسؤولين و تكرار الممارسات نفسها من قبل بعض المسؤولين على الإدارة الترابية.
كل هذا الغليان و المسؤولون مازالوا يغلقون آذانهم ويحاولون الوقوف ضد رغبات الشباب بشكل غير مفهموم ، لن نكرر الحديث عن الهجرة وعن قوارب الموت ولكن سنتحدث عن المثبطات التي تقف حائلا دون استثمار الشباب.
سنتحدث عن خروقات يندى لها الجبين في زمننا هذا حيث أصبحت غير مقبولة كليا، ولايقبل الشباب ممارستها من أجل الحصول على حقوقهم.
لأنه وعلى مايبدو بعض أعوان السلطة والإدارة الترابية لم يستطيعوا التخلص من عقلية “قهيوة” و “دهن السير يسير”
وهو ما اكتشفته جريدة أصوات في معرض تحقيقها حول مدى تشجيع الدولة شبابها على الإستثمار كبديل عن التشغيل والبحث في مدى إسهام البيروقراطية في عرقلة رغبتهم أو إفشال مشاريعم أو دفعهم إلى مغادرة التراب الوطني بلاعودة.
ومن بين التجارب التي صادفناها في معرض تحقيقنا، نموذج مستثمرة شابة حاولت بشتى الطرق الحصول على رخصة من أجل إنشاء مؤسسة تعليم أولي بالرباط حي الطيران السويسي، لكنها وجدت نفسها أمام مافيا تحاول مساومتها من أجل الحصول على الرخصة.
فقد صرحت لنا الشابة إيمان أن أول ما عرقل عملها هو بلدية اليوسوفية عندما أرادت الحصول على تصميم البناية محل المشروع حيث تمت مساومتها بالفين درهم أو تمزيق التصميم بلغة مباشرة فظة. وهو ما استطاعت تجاوزه من خلال بعض التدخلات التي جعلت الموظف يتراجع عن سلوكه بعد الاتصال بأحد المسؤولين.
ثاني الصعوبات وهي التي واجهتها بالعمالة الحضرية إذ بعد فتح الملف تم رفضه بداية بكون محل المشروع هو اقامة سكنية في الوقت الذي يشتهر فيه بوجود مؤسسات ومشاريع ما يفند ذلك، ليتقرر بعد ذلك اقامة زيارة تقنية للمحل وبعد تدخل مسير المشروع من أجل الإستفسار كانت الإجابة “دهن السير يسير” أو لن تتحصل على شيء وليخبروه أيضا أن كل تلك الإجراءات ليست سوى تراهات يمكن تجاوزها بأداء 50000 درهم.
غير أن الشابة إيمان رفضت رفضا باتا أن تقدم الرشوة لأنها تؤمن بأنها صاحبة حق. حاولت الإتصال بالنيابة العامة غير أنها لم تكمل المساطر ايمانا منها بامكانية حل المشاكل وانتهاء هذا العبث فانتقلت الى الولاية حيث استقبلها الوالي وطالب بالتوصل بملفها وأخبرها أنه يمكنها أن تبدأ في عملية التسجيل لكي لا تضيع لها السنة الدراسية، غير أن قائد المنطقة و أعوانه لم يعترفوابأوامر الوالي ليخبروها أنها مطالبة بتقديم وثائق كتابية، ولم يتوانو عن مداهمة المبنى الذي اشترته في كل مناسبة مطالبا اياها بافراغه وعدم استقبال أي كان في المحل وإلا سيقوم بإغلاقه ومنعها من ولوجه مقابل تلميحات ب “قهيوة”، مسائلة إياه عن مدى قانونية ما يقوم به لتشي لها إحدى معاوناته أن هناك أياد خفية تدفع من أجل إيقاف مشروعها من بينهم المسير السابق لمشروعها و الذي قامت بإعفائه من مهامه بعد أن اكتشفت قيامه بخروقات مالية وأنها إن أرادت حل مشاكلها فعليها أن “تدهن السير يسير” . و تتساءل المستثمرة الشابة من سيؤدي لها ثمن الخسائر التي تلحق بها خاصة وأن الموسم الدراسي بدأ منذ زمن وكانت قد استعدت للدخول المدرسي لهذه السنة لتجد نفسها مضطرة لأداء مستحقات المستخدمين رغم أنها لم تستأنف نشاطها بعد، في الوقت الذي ارتأى البعض من العاملين البحث عن عمل في أماكن أخر.
هي قصة من بين عدد من القصص التي يعيشها شبابنا والتي تظهر أن خطابات جلالة الملك لا تنفذ و أن البيروقراطية و الرشوة متجدرة وستبقى إن لم نجد لها الحل تحول دون الرفعة بالإستثمار. فكيف إذن نطلب من شبابنا البقاء في بلادهم ونحن نحرمهم التشغيل؟ و نحرمهم الإستثمار ؟ ما الذي يريد هذا النوع من المسؤولين فعله بهذه الأمة.
ألا يكفي أن جل شبابها أصبح يرمي بنفسه في قوارب الموت بلا أدنى تردد؟.
التعليقات مغلقة.