وطني في وقت الشدة والحكمة في اتخاد القرار

ذ. هلال تاركو الحليمي :محامي بهياة المحامين بريوش
اسبانيا.

 

بدأنا نتعود على اتخاد القرارات الحكيمة والصاءبة التي يقوم بها مغربنا الحبيب.

قرارات كسبت اعتراف دولي ونوهت به عدة صحف دولية ذات قوة إعلامية مهمة كما هو شأن بقرار سد الحدود وتعليق الرحلات الجوية والبحرية و البرية حفاظا على صحة أبناء الوطن.

وها هو اليوم ورغم الظروف الاقتصادية العسيرة التي تعيشها شعوب دول العالم يفاجئنا بقرار اخر تطبعه الإنسانية الحقة والعناية الفائقة بابناء الوطن المقيمين بالخارج وخاصة في وقت الشدة.

انه لصدى طيب ترك في نفوسنا قرار المغرب الخاص بالتكفل بدفن افراد الجالية المغربية المقيمة بالخارج بعد تعذر نقل الجثة بسبب حالة الطوارىء الصحية التي فرضتها الحكومة الإسبانية الشيء الذي يقوي في نفوسنا حب الانتماء لوطننا المغرب الحبيب وتشبتنا بملكنا و يلزمنا ضميريا بالتنويه بذلك القرار المسؤول و الصاءب.

 

فعلا القرار الذي اتخدته وزارة الخارجية المغربية هو قرار صاءب يدخل في واجب الوطن نحو ابناءه و الوقوف بجانبهم وقت الشدة.

لكن كما يعلم الجميع أن هناك العديد من المتوفين لهم تأمين نقل الجثة لكن الإعلان عن حالة الطوارىء بسبب الأزمة الصحية علق تنفيد ذلك من طرف الابناك وشركات التأمين و حتى بعض الجمعيات التي ساهمت و تساهم في هذه الخدمة.

لكن ما أثار انتباهي هو تصرفات بعض الابناك و شركات التأمين وبعض الجمعيات اللواتي رفضن تحمل صواءر الدفن ببلد الاقامة بحجة أن التأمين يخص فقط نقل الجثة إلى البلد الاصل.

 

نعود مرة ثانية و نؤكد على ان قرار المغرب قرار صاءب و مسؤول لكن يحمل في طياته تحملات مادية مهمة من المال العام الشيء الذي يطرح السؤال التالي:

هل تكفل القنصليات المغربية بصواءر الدفن يعفي الابناك و شركات التأمين وكذا الجمعيات من تعويض ورثة الفقيد او الفقيدة؟

وهل القنصلية المغربية لها الحق في مطالبة الورثة و التأمين باسترجاع الأموال المنفوقة؟

بدءا ببدء الاضرار المترتبة عن اعلان حالة الطوارىء بسبب الأزمة الصحية تتحملها الدولة لمقتضيات الدستور الاسباني الصادر سنة 1978 وكذا قانون المسطرة الإدارية و قانون حالة الطوارىء الصادر يوم 1 يونيو 1981 . لكن مسؤولية الدولة ليست بلب موضوعنا بقدر ما يهمنا أموال الشعب المغربي التي ستصرف بسبب التصرفات اللامسؤولة للشركات و الابناك و الجمعيات التي تحملت مسؤولية تأمين نقل الجثة و استغلت إعلان حالة الطوارىء لتتملص من مسؤوليتها و بالتالي الحصول على الغنى الغير المشروع و هو ما أثار انتباهي في هذه الايام الأليمة بعد رفضهم لتحمل صواءر الدفن بسبب تعدر نقل الجثة لبلد الام.

ومن هنا بدأت تساؤلاتي التي راودتني في العديد من المرات : هل من حق شركة التأمين و الابناك و الجمعيات و في هذه الضرفية بالذات (حالة الطواريء) رفض تحمل صواءر الدفن في بلد الاستقبال ا و تعويض الورثة؟

فيما يخص السؤال الأول الذي يتعلق بحق والقنصليات في المطالبة باسترجاع الأموال المنفوقة في الدفن، الجواب نجده في القانون المدني الاسباني بحيث يعطي الحق لمن تحمل الصواءر استرجاع ما نفقه اللهم تبث أن ما قام به هو خير او تنازل عن المطالبة به. وعلى هذا تكفل القنصليات المغربية بصواءر دفن افراد الجالية لا يعفي قطعا الشركات و الابناك المعنية من التعويض المادي لورثة الفقيد وهؤلاء بدورهم إعادتها للقنصلية المتدخلة لانها هي من تحملت أداء الفاتورة.

فيما يخص التساؤل الثاني الذي يتعلق برفض شركات التأمين و الابناك و الجمعيات تحمل صواءر الدفن ببلد الاستقبال، يمكن أن نقول بان التصرف المشار إليه هو مخل بمبدأ حسن النية و مخالفا للقانون و بالتالي هم ملزمون بتعويض ورثة الفقيد او الفقيدة.

فطبقا للاجتهادات القضاءية للمجلس الأعلى الاسباني، تأمين الوفيات والخدمات اللسيقة به يعتبر تامين “تقديم خدمات” و إلزامية تقديمها تنشأ مباشرة عند وفاة الطرف المؤمن وبالتالي عدم تنفيد العقد يفتح باب تعويض ورثة الفقيد بالقدر المحدد في العقد المبرم بين الطرفين.

وجوابا على السؤال المطروح الذي يخص رفض الشركات و الابناك و الجمعيات تحمل صواءر الدفن بحجة أن العقد يخص نقل الجثة و ليس بالدفن. حقيقة لم نجد صعوبة في الحصول الجواب بحيث أن القانون جد واضح و لا يترك منفدا للتأويل.

فالمشرع الاسباني استدرك الموقف و في يوليوز 2015 قام بتعديل القانون الصادر 1980 بتاريخ 8 أكتوبر وأدمج تلاثة مواد التي دخلت حيز التطبيق ابتداء من 1يناير 2016 والتي نصت على إجبارية التعويض بالقدر المحدد في العقد في حالة استعصاء او استحالة تقديم الخدمات المتفق عليها او خدمات مماثلة او موازية لذلك بسبب الظروف القاهرة والخارجة عن الاستطاعة.

لا ننسى أن تأمين الجثة يشمل كل الاجراءات الشكلية و المادية والنقل إلى مكان الدفن. يعني كل ما يخص تكلفة إعداد الجثة و الإجراءات الإدارية وكذا نقل الجثة من مكان الوفاة إلى المطار و من المطار إلى المطار الأكثر قربا من مكان الدفن و من هذا الأخير يتم النقل برا إلى مكان الدفن هي تكلفة تتحملها الشركة او البنك او الجمعية المسؤولين بالتأمين. فمن الغباء أن تتعامل الشركات و الابناك و الجمعيات مع زبناءها بهذه الانتهازية و حتى بجهل القانون رغم انه يصب لصالحها.

فبناء على ما تم عرضه يمكن ان نقول مايلي: اولا قرار المملكة المغربية في حق ابناءها قرار يقوي روح الوطنية و حب الانتماء. و ثانيا الحرص و الحفاظ عن المال العام امر يفرض نفسه لكونه مسؤولية على عاتق كل مواطن وكل مسؤول. وثالثا أن رفض شركات التأمين و الابناك و الجمعيات تحمل صواءر الدفن هو قرار مخل ببعض المبادىء التي ترتكز عليها العقود و مخالف للقانون.

و المال العام الذي تصرفه القنصليات المغربية على دفن أبناء الوطن المؤمنين يجب استرجاعه و المطالبة به في أجل لا يتجاوز سنتين كما ينص عليه القانون.

ملاحضة: حق طلب استرجاع صواءر الدفن من طرف القنصليات المغربية يجب أن يمارس فقط ضد الأسر التي تتوفر على تأمين الجثة بحيث الشركة او البنك او الجمعية هي من سيحكم عليها بأداء التعويض.

فكل الصواءر المنفوقة على الأسر المعوزة والغير المتوفرة على تأمين نعتبرها عناية من الوطن في حق ابناءه.

أتمنى ان كنت قد ساهمت في نصرة الحق و تنوير الراي العام . فما ضاع حق وراءه طالب و من الله التوفيق.

التعليقات مغلقة.