الاستخبارات الأمريكية: بن سلمان أجاز عملية قتل الصحافي السعودي “خاشقجي”.

محمد حميمداني

 بعد ما يقارب السنتين ونصف السنة على مقتل “خاشقجي” داخل قنصلية بلاده في اسطنبول، أقر تقرير صادر، مساء الجمعة، عن الاستخبارات الأمريكية بتورط ولي العهد السعودي، “محمد بن سلمان”، في مقتل الصحافي السعودي “جمال خاشقجي”، خلص إلى أنّ ولي العهد السعودي “أجاز” العملية.

التقرير، الصادر في أربع صفحات، والذي رأى النور بعد اندحار “ترامب” عن رآسة البيت الأبيض و صعود “جو بايدن”، الذي رفع السرية عنه، أشار إلى أن “بن سلمان” وافق على قتل “خاشقجي”  وعلى الأرجح أنه “أمر بذلك”.

ولم يستبعد التقرير مسؤولية بن سلمان عن اختطاف الصحافي السعودي، الذي دخل قنصلية بلاده في “اسطنبول”، سنة 2018، حيا و لم يخرج منها إطلاقا، دون أن تظهر تفاصيل عن مكان جثته.

وقد استند التقرير على القبضة الحديدية التي يدير بها “بن سلمان” شؤون البلاد، إضافة إلى “سيطرة مطلقة” على أجهزة الاستخبارات والأمن في المملكة منذ سنة 2017، باعتباره الحاكم الفعلي في السعودية، إضافة إلى “التورط المباشر لمستشار رئيسي” ل “بن سلمان”، في جريمة الاغتيال المروعة، مشيرا إلى أنه هو من “أجاز العملية في اسطنبول، بتركيا، لاعتقال أو قتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي”، و دعمه لممارسة سياسة العنف لإسكات الأصوات المعارضة بالخارج، مشيرا إلى أنه من المستحيل أن تتصرف الحكومة في مثل هاته القضايا بدون أوامر عليا، ومن “بن سلمان” تحديدا، مؤكدا أن تلك السلطة المطلقة هي  “ما يجعل من المستبعد جداً أن يكون مسؤولون سعوديون قد نفذوا عملية كهذه من دون الضوء الأخضر الصادر عن الأمير”.

وقد أشار التقرير، إلى مسؤولية ولي العهد السعودي عن مقتل “خاشقجي” اعتبارا ل “تأييد ولي العهد لاستخدام العنف وسيلة لإسكات المعارضين في الخارج”، ولأنه كان يعتبره يشكل “تهديدا للمملكة”، وبالتالي من الضرورة إسكاته بكل الوسائل الممكنة.

الرياض وفي تعقيب على الاتهام، نفت الأمر جملة وتفصيلا وقالت إنها “ترفض رفضا قاطعا” تقييم تقرير المخابرات الأمريكية، الذي قال إن ولي العهد السعودي”وافق على اختطاف أو قتل الصحافي جمال خاشقجي” ، مشيرة إلى ما أسمته تقديم “الجناة للعدالة”، “حيث صدرت بحقهم أحكاماً قضائية نهائية”.

و كانت الخارجية السعودية قد أصدرت، مساء الجمعة 26 فبراير الجاري، بيانا قالت فيه إنها تابعت ما تم تداوله بشأن التقرير، الذي تم تزويد الكونغرس به بشأن جريمة مقتل المواطن “جمال خاشقجي”، مضيفة أن “حكومة المملكة ترفض رفضاً قاطعاً ما ورد في التقرير ..”.

وأضافت الوزارة “إنه لمن المؤسف حقاً أن يصدر مثل هذا التقرير، وما تضمنه من استنتاجات خاطئة وغير مبررة، في وقت أدانت فيه المملكة هذه الجريمة البشعة واتخذت قيادتها الخطوات اللازمة لضمان عدم تكرار مثل هذه الحادثة المؤسفة مستقبلا ، كما ترفض المملكة أي أمر من شأنه المساس بقيادتها و سيادتها و استقلال قضائها”.

و للإشارة، فقد تم استدراج “جمال خاشقجي”، البالغ حينها 59 سنة من العمر، إلى القنصلية السعودية في اسطنبول في الثاني من أكتوبر سنة 2018، حيث نفذت جريمة القتل من طرف فريق من المساعدين المرتبطين بولي العهد، ولم يتم العثور على جثته لحدود الساعة.

وزير الخارجية الأمريكي ” أنتوني بلينكن ” قال إن “تقرير خاشقجي يتحدث عن نفسه ، وخطوات اليوم مهمة جدا لإعادة ضبط العلاقات السعودية الأمريكية”، مضيفا أن “أمريكا اتخذت عددا من الخطوات القوية اليوم لمنع سلوك مماثل من السعودية في المستقبل”، مشيرا إلى أن بلاده شرعت في فرض حظر على تأشيرات السفر تخص 76 سعوديا، حيث قال إن “حكومة الولايات المتحدة تعلن عن إجراءات إضافية لتعزيز التنديد العالمي بهذه الجريمة، وصد حكومات تجاوزت حدودها لتهديد صحافيين و معارضين متصورين والاعتداء عليهم، لممارسة حرياتهم الأساسية”.

الخارجية البريطانية من جهتها قالت إن المملكة المتحدة كانت دائما واضحة بأن مقتل جمال خاشقجي “جريمة مروعة”، وسوف تواصل إثارة الأمر في اتصالاتها مع الحكومة السعودية.

محققة الأمم المتحدة في مقتل “خاشقجي”، “أغنيس كالامار”، دعت من خلال بيان صادر، واشنطن لأخذ زمام المبادرة لضمان تحقيق العدالة، حيث قالت إن على أمريكا ألا تمنح حصانة لولي العهد السعودي من الدعاوى المدنية وأن تضمن كشف السرية عن جميع المعلومات، داعية الحكومة السعودية للكشف عما إذا كانت رفات “خاشقجي” تم التخلص منها في القنصلية بإسطنبول.

من جهتها  قالت وزارة الخزانة الأمريكية إنها فرضت عقوبات على المسؤول السعودي السابق “أحمد حسن محمد العسيري”، “زعيم” المجموعة التي قتلت الصحفي السعودي المعارض.

وتجدر الإشارة أيضا إلى أن “أحمد العسيري” هو النائب السابق لرئيس الاستخبارات العامة، و كان ولي العهد قد أقاله بعد حدوث الجريمة، ليبرئه القضاء لاحقا، لاعتبار عدم كفاية الأدلة، بدعوى أنه أمر بإعادة “خاشقجي” للسعودية ولم يأمر بقتله، وفق ما أورده مكتب النائب العام السعودي.

 

التعليقات مغلقة.