القنب الهندي التشريع والتجريم والفقر والرعب، أهم سمات معاناة الريف الكبير.

محمد حميمداني

نبتة “القنب الهندي” أو “الحشيش” أو “الشيرا”، أسماء متداولة إعلاميا من خلال حالات الضبط، و الحرب ضدها عبر معابر الطرقات من قبل الأجهزة الأمنية المغربية المتعددة، لا تستورد من الخارج ، بل تزرع في مناطق من شمال المغرب، والحديث عنها وصل قبة التشريع، من خلال نقاش حول الترخيص لهاته النبتة لترى النور في الفضاء القانوني ، لفك تناقض قانون يجرم تداولها و الاتجار فيها ، و واقع يلعب فيه المغرب دور أكبر مصدر للنبتة على الصعيد العالمي،  وواقع فقر يطوي المكان المغيب بقوة التاريخ والجغرافية، وغياب التنمية الشاملة.

“نبتة الكيف” التي يستخرج منها “الحشيش”، تزرع وتنتج في مزارع الشمال، وتصدر لدول المعمور، وخاصة أوروبا، أصبحت حديث الساعة تشريعيا، من أجل تقنين النبتة  الممتدة زراعتها عبر سهول واسعة في منطقة الشمال المغربي، والمجرمة قانونا.

مؤخرا عملت الأمم المتحدة على حذف النبتة من قائمة المخدرات الخطيرة، ودول اعتمدتها عشبة طبية، وقننت تداولها للاستخدام الطبي منذ سنة 2016، كاستراليا التي تعتبر الرائدة عالميا في هذا المجال وذلك منذ سنة 2017.

وتقنين إنتاج هاته النبتة مغربيا سيكون بالضرورة طوق نجاة لساكنة المنطقة من الفقر الذي يرزحون تحت نيره، علما أن هاته الزراعة تعد النشاط الاقتصادي الوحيد في هاته المنطقة، حيث الحرمان و الفقر والتخلف والجهل هو السمة السائدة.

الداخلية المغربية التي قدمت نص المشروع إلى مجلس الحكومة، ترى أن ذلك يدخل ضمن مسايرة القانون الدولي الذي رخص باستخدام نبتة القنب الهندي لأغراض طبية وصناعية، وأن الخطوة ستجلب الاستثمارات العالمية.

فصناعة الحشيش الطبي أصبحت واعدة للمستثمرين المحليين، وكذلك لجذب الاستثمارات الأجنبية وبالتالي تحريك سوق الشغل بالمنطقة، وفي المغرب عموما.

وهو مشروع يكيف النبتة مع الواقع القانوني، ويضمن بالتالي حماية للمنتجين وراحة بال، ويقنن سبل التوزيع بما يحمي السكان والمستهلكين، ويضمن تسلسلا إنتاجيا يعود على السكان بالتنمية، وعلى المغرب بالرساميل والدخول الاستثمارية، مما ينمي خزينة الدولة و يجعلها وسيلة دائمة للتنمية، ويتم تجاوز حالة الفراغ القانوني، والرعب اليومي الذي يعيش تحت كنفه المنتجون والمستهلكون على حد سواء، فالتقارير الإعلامية تشير إلى أن عدد المزارعين الذين يواجهون شبح الاعتقال، أو الذين اعتقلوا بالفعل، يصل إلى عشرات الآلاف اعتمادا على قانون صادر سنة 1974 يجرم إنتاج النبتة بالسجن لمدد قد تصل إلى 10 سنوات و غرامات خيالية.

فالتقنين هو مدخل ليس لتحقيق التنمية فقط، ولكن أيضا لتحقيق الأمان النفسي والقانوني لساكنة المنطقة، المعزولين و الممنوعين من التعبير عن معاناتهم، وعرض أنماط السلب والابتزاز التي يتعرضون لها دون أن يتمكنوا من التعبير عن السخط أو الاحتجاج خوفا من الاعتقال.

فهل سينهي نص المشروع المعروض هذا التعارض القانوني – الواقعي؟، والذي يطال كل “الأنشطة المتعلقة بزراعة و إنتاج و تصنيع و نقل و تسويق و تصدير و استيراد القنب الهندي و منتجاته”، والذي يؤكد على خلق وكالة، تحت إشراف الدولة، يُعهد إليها بالتنسيق العام والمراقبة ومنح الرخص، وفتح المجال أمام “المزارعين للانخراط في التعاونيات الفلاحية”، شريطة التوفر على شهادة ملكية الأراضي التي تزرع فيها النبتة، وحاملا للجنسية المغربية، وتسليم كل المحصول للتعاونيات الزراعية التي تبرم عقود البيع مع شركات عاملة في المجال مرخص لها من طرف السلطات وتلتزم بشروط صارمة، حاصرا الإنتاج بمستوى الطلب الطبي والصيدلاني وصناعة الغداء والتجميل، مانعا تصديرها خارج هاته الأهداف، والعقوبات السجنية في حق المخالفين.

مشروع يلقى معارضة من قبل أحزاب مغربية، من بينها حزب “العدالة و التنمية ” المغربي الحاكم يغذيه صراعه مع الحزب المنافس “الأصالة والمعاصرة” المدافع عن التقنين.

تقارير كثيرة نعتت القنب الهندي ب “الذهب الأخضر”، وأن المغرب قد يربح بشكل كبير في حالة تقنين هذه الزراعة نظرًا للطلب الكبير عليها، وهو ما أشارت إليه مذكرة وزارة الداخلية بقولها إن “السوق الطبي لهذه النبتة يشهد تطوراً كبيرا، يصل على المستوى الأوروبي إلى 60 بالمائة ” وهو ما دفع العديد من الدول إلى تقنين إنتاج هذا الذهب.

المصدر : DW

 

التعليقات مغلقة.