المحكمة الدستورية بالمغرب : التنظيم والاختصاصات

الاسم : محسن الغاليوي mouhssine elghalioui طالب باحث بسلك الماستر تخصص قانون ماستر :الصياغة القانونية وتقنيات التشريع بالمغرب

بقلم:  محسن الغاليوي طالب باحث بسلك الماستر تخصص قانون

ماستر :الصياغة القانونية وتقنيات التشريع بالمغرب
مقدمة

          

يمكن الرجوع بالقضاء الدستوري في السياق المغربي إلى دستور 19‌62 بإحداث الغرفة الدستورية، والتي كانت اختصاصاتها محدودة في مجال الرقابة على القوانين حيث اقتصرت على الرقابة الوجوبية لكل من القوانين التنظيمية وكذا الأنظمة الداخلية للبرلمان، لكن هذه الرقابة ستشهد تطورا ملحوظا مع دستور 1992 بإحداث المجلس الدستوري الذي أضيفت له اختصاصات أخرى الى جانب الاختصاصات السالفة الذكر، من بين هذه الاختصاصات الجديدة : اختصاص الرقابة على القوانين  العادية بناء الإحالة الاختيارية من قبل السلطات السياسية وفق شروط محددة، وهو ما تم تكريسه في دستور 1996 . وقد اكتمل قوام الرقابة الدستورية ونضج مع دستور 2011 ، بإحداث الحكمة الدستورية ، بحيث وسعت من اختصاصات هده الأخيرة لتشمل إضافة الى ما سبق، مراقبة دستورية المعاهدات والاتفاقيات الدولية، وكذا البث في الدفع في عدم دستورية القوانين، وكذا الرقابة على  دستورية الأنظمة الداخلية للمجالس المنضمة بموجب قوانين تنظيمية(1).

وبالرجوع إلى دستور 2011 ، نجد ان المشرع الدستوري نظم مقتضيات العامة المتعلقة بالمحكمة الدستورية في الباب الثامن من الدستور، خصوصا ما يتعلق بإحداثها وتأليفها واختصاصاتها كما يبين الفصل 131 من الدستور ان القانون التنظيمي المتعلق بالمحكمة الدستورية هو الذي سيتولى تحديد قواعد تنظيم المحكمة وسيرها والإجراءات المتبعة أمامها وكذا اختصاصاتها، وهذا القانون هو القانون التنظيمي رقم 066.13 المتعلق بالمحكمة الدستورية .

وتتجلى أهمية الموضوع الماثل بين أيدينا “المحكمة الدستورية بالمغرب : تنظيم واختصاصات” في أن هذه الأخيرة تعتبر أعلى هيئة  تتولى الرقابة الدستورية؛ وأداة لإرساء دولة الحق والقانون من خلال السهر على مراقبة مدى مطابقة القوانين الصادرة عن الهيئات السياسية  للدستور وذلك لتحقيق الأمن القانوني.

ويتمثل الهدف من هذا الموضوع هو من خلال إبراز المستجدات المرتبطة بالمحكمة الدستورية من تأليف واختصاصات .

 

ويثير هذا الموضوع الماثل بين أيدينا إشكالية مفادها :

ماهي تركيبة وقواعد التنظيم داخل المحكمة الدستورية، وما هي  واختصاصات هذه الأخيرة  ؟

وسنقوم بمعالجة هذه الإشكالية من خلال منهج استقرائي تحليلي من خلال استقراء و تحليل فصول الدستور، وكذا القانون التنظيمي رقم 066.13 المتعلق بالمحكمة الدستورية.

ولمعالجة هذه الإشكالية نقترح التصميم الآتي :

المطلب الأول : تأليف المحكة الدستورية وقواعد تنظيم داخل المحكمة 

المطلب الثاني : اختصاصات المحكمة الدستورية

المطلب الأول : تأليف المحكة الدستورية وقواعد تنظيم داخل المحكمة: 

سنتناول في هذا المطلب تأليف المحكمة الدستورية (الفقرة الاولى)، كما سنتناول قواعد التنظيم داخل المحكمة بالتركيز على التزامات أعضاء المحكمة الدستورية وكذا حالات التنافي وانتهاء العضوية بالمحكمة (الفقرة الثانية)

الفقرة الأولى: تأليف المحكمة الدستورية :

تتألف المحكمة الدستورية طبقا للفصل 130 من الدستور 2011، وكذا المادة الاولى من القانون التنظيمي رقم 066.13 المتعلق المحكمة الدستورية، من 12 عضو يتوزعون على الشكل الآتي :

  • ست أعضاء يعينه الملك بظهير من بينهم عضو يقترحه الأمين العام للمجلس العلمي الأعلى

  • ثلاث أعضاء ينتخبون من قبل مجلس المستشارين

  • ثلاث أعضاء ينتخبون من قبل مجلس النواب

يعين الملك رئيس المحكمة الدستورية بظهير من بين أعضاء الدين تتألف منهم

اما بخصوص مدة التعين : فإن أعضاء المحكمة الدستورية يعينون لمدة 9 سنوات غير قابلة لتجديد، يتم تجديد ثلث أعضاء المحكمة كل تلاث سنوات .

 

الفقرة الثانية : قواعد التنظيم داخل المحكمة الدستورية :

سنتناول في هذه الفقرة  التزامات أعضاء المحكمة الدستورية وكذا حالات التنافي وانتهاء العضوية بالمحكمة

بخصوص التزامات أعضاء المحكمة الدستورية : بالرجوع إلى المادة 8 من القانون التنظيمي رقم 066.13 المتعلق بالمحكمة الدستورية، فأن أعضاء المحكمة يلتزمون بواجب التحفظ، وعموما بالامتناع عن كل ما من شأنه أن يمس باستقلالهم ومن كرامة المنصب الذي يتقلدونه . كما لا يجوز لهم بوجه خاص خلال مدة عضويتهم:

أن يتخذوا أي موقف علني أو الإدلاء بأي فتوى في القضايا التي سبق للمحكمة الدستورية ان قضت فيها أو يحتمل أن يصدر قرار في شأنها .

ان يشغلوا داخل حزب سياسي أو نقابة أو أي هيئة ذات طابع سياسي أو نقابي كيفما كان شكلها أو طبيعتها منصب المسؤول أو قيادي او بصفة عامة ممارسة نشاط فيها يتنافى و عضوية داخل المحكمة

أن يسمحوا بالإشارة الى صفتهم كأعضاء بالمحكمة الدستورية في أي وثيقة يحتمل أن تنشر، سواء كانت متعلقة بنشاط عمومي أو خاص .

بخصوص حالات التنافي :

بالرجوع الى المادة 5 من القانون التنظيمي رقم 066.13المتعلق بالمحكمة الدستورية فإنه :

لا يجوز الجمع بين العضوية المحكمة الدستورية وعضوية الحكومة او مجلس النواب أو مجلس المستشارين أو المجلس الأعلى لسلطة القضائية، أو مجلس الاقتصادي والاجتماعي و البيئي، أو هيئة ومؤسسة منصوص عليها فب الباب الثاني عشر من الدستور .

لا يجوز الجمع بين عضوية المحكمة الدستورية وممارسة أي وظيفة عامة أخرى أو مهمة انتخابية أو منصب مهما كان مقابل أجر في شركة تجارية أو مزاولة يؤدى عنها من قبل دولة أجنبية أو منظمة دولية سواء كانت حكومية أو غير حكومية. كما تنص المادة 8 من نفس القانون التنظيمي على أنه لا يجوز الجمع بين عضوية المحكمة الدستورية وممارسة أي مهنة حرة .

 

اما بخصوص انتهاء العضوية بالمحكمة الدستورية:

بالرجوع إلى المادة 12 من القانون التنظيمي المتعلق بالمحكمة الدستورية، فإنه تنتهي العضوية في الحالات التالية :

  • انتهاء مدة العضوية المحددة
  • بوفاة العضو
  • باستقالة العضو، ويجب ان تقدم الاستقالة الى رئيس المحكمة الدستورية ويبدئ مفعولها من تاريخ تعيين أو انتخاب من يحل محل العضو المستقيل.
  • الإعفاء في لحالات الأتية:

مزاولة نشاط أو قبول منصب او نيابة انتخابية تتنافى مع عضوية بالمحكمة الدستورية .

فقدان التمتع بالحقوق المدنية والسياسية .

حدوث عجز بدني مستديم يمنع بصفة نهائية عضوا من الأعضاء من مزاولة مهامه.

وتشير المادة 13 من نفس القانون التنظيمي إلى أنه تباشر مسطرة تعيين أو انتخاب أعضاء المحكمة الدين سيحلون محل الأعضاء الدين ستنتهي عضويتهم قبل انتهاء المدة المذكورة ب15 يوما على الأقل .

وتنص المادة 14 من نفس القانون التنظيمي رقم 066.13، على أنه في حالة وفاة عضو أو استقالته أو إعفائه تباشر مسطرة تعين من يخلفه خلال 15 يوما من تبليغ الحالة إلى الملك إن كان تعين الخلف يرجع إليه، وإما إلى رئيس مجلس النواب أو رئيس مجلس المستشارين في حالات الأخرى .

 

المطلب الثاني : اختصاصات المحكمة الدستورية:

سنتناول في هذا المطلب الاختصاصات المخولة للمحكمة الدستورية بناءا على القانون التنظيمي رقم 066.13 المتعلق بالمحكمة الدستورية، وكذا فصول الدستور.

الفقرة الأولى : الرقابة بناء على إحالة وجوبية

تشمل هذه الرقابة :

الرقابة على القوانين التنظيمية :

بالرجوع الفصل 132 من الدستور، وكذا المادة 21 من القانون التنظيمي، فإنه لا يمكن اصدار الامر بتنفيذ القوانين التنظيمية الا بعد ان تبث المحكمة الدستورية في مدى مطابقتها لدستور، بناءا على إحالة من قبل الملك أو رئيس الحكومة أو رئيس مجلس المستشارين أو رئيس مجلس النواب أو خمسة أعضاء مجلس النوب أو أربعين عضوا من مجلس المستشارين .

الرقابة على القوانين الداخلية لمجلسي البرلمان:

حسب الفصلان 69 و 132 من الدستور، وكذا المادتان 22 و 26 من القانون التنظيمي رقم 066.13، فإنه لا يتم العمل بالأنظمة الداخلية لمجلسي البرلمان إلا بعد أن تصرح المحكمة الدستورية بمطابقتهما لدستور.

الرقابة على القوانين الداخلية للمؤسسات المنظمة بموجب قانون تنظيمي :

بالرجوع الى المادة 22 من القانون التنظيمي  فإنه لا يتم العمل بالأنظمة الداخلية لتلك المؤسسات إلا بعد أن تصرح المحكمة الدستورية بمطابقتها لدستور، بناء على إحالة من رؤساء تلك المجالس أو المؤسسات .

 

الفقرة الثانية : الرقابة بناء على الإحالة الاختيارية :

تشمل :

المنازعات الانتخابية لأعضاء البرلمان:

تقدم الطعون المتعلقة بهذا الامر داخل أجل 30 يوما الموالية لتاريخ الاعلان عن نتيجة الاقتراع . واشترط المشرع لرفع النزاعات الانتخابية لأعضاء البرلمان إلى المحكمة الدستورية، أن يتم بواسطة عريضة مكتوبة لدى  الأمانة العامة أو لدى والي الجهة أو عامل العمالة أو الإقليم الذي جرت فيه هذه العمليات أو لدى رئيس كتابة الضبط بالمحكمة الابتدائية التي يجري الانتخاب بدائرتها، الدين يحيلون العريضة إلى المحكمة الدستورية التي يمكن لها بعد الاطلاع على العريضة، إما أن تقبلها وبالتالي أن تلغي انتخاب العضو المتنازع فيه، أو أن ترفضها حسب منطوق المادة 32 من القانون التنظيمي رقم 066.13.

الرقابة على الالتزامات الدولية :

بالرجوع الى المادة 24 من القانون التنظيمي رقم 066.13، وكذا الفقرة الأخيرة من الفصل 55 من الدستور، فإن المحكمة الدستورية تبث في مدى مطابقة المعاهدات الدولية والاتفاقيات الدولية لدستور، بناءا على إحالة برسالة من قبل الملك أو رئيس الحكومة أو رئيس مجلس النواب أو رئيس مجلس المستشارين .

الرقابة على القوانين العادية :

بناء على الفقرة 3 من الفصل 133 من الدستور، وكذا المادة 23 من القانون التنظيمي رقم 066.13، فإن المحكمة الدستورية تبث في مدى مطابقة القوانين العادية لدستور، بناءا على احالتها من قبل الملك أو رئيس الحكومة أو رئيس مجلس المستشارين أو رئيس مجلس النواب أو برسالة تتضمن امضاءات عدد من أعضاء لا يقل عن 5 اعضاء، أو أربعين عضوا من مجلس المستشارين؛ وذلك قبل اصدار الامر بتنفيذها .

الدفع بعدم دستورية القوانين :

ينص الفصل 133 من الدستور، على أنه تختص المحكمة الدستورية بالنظر في كل دفع  متعلق بعدم دستورية قانون، اثير اثناء النظر في قضية، وذلك إذا دفع أحد اطراف أن القانون الذي سيطبق في نزاع يمس بالحقوق والحريات العامة التي يضمنها لدستور .

الخاتمة :

يمكن القول أن قوام الرقابة على دستورية القوانين اكتمل ونضج مع المحكمة الدستورية، من خلال الاختصاصات المخولة لها في مجال الرقابة . ويمكن القول أن المحكمة الدستورية تلعب دورا هاما في الحفاظ على استقرار القانوني، من خلال أنها تسهر على احترام القوانين الصادرة عن الهيئات السياسية لدستور . إلا أنه دائما ما يثار تساؤل حول لجوء المواطنين للمحكمة الدستورية لدفاع عن حقوقهم وحرياتهم، خصوصا أن قانون التنظيمي المتعلق بالدفع بعدم دستورية القوانين لم يصدر بعد .

 

المراجع المعتمدة :

  • المدور، تطور الرقابة الدستورية في المغرب: الغرفة الدستورية، المجلس الدستوري، المحكمة الدستورية: file:///C:/Users/hp/Pictures/____.pdf

  • دستور المملكة المغربية 2011

  • القانون التنظيمي رقم 066.13 المتعلق بالمحكمة الدستورية

التعليقات مغلقة.