بداية نهاية هيمنة القطبية الواحدة والذب الروسي يعلن التحدي الاستراتيجي دفاعا عن القومة الروسية

محمد حميمداني

اشتعال خط النار على الحدود الروسية الأوكرانية، والغرب تائه في أي موقف من الممكن نهجه، والروس حازمون للضرب بكل الأسلحة حتى الاستراتيجية منها، ومصممون على الدفاع عن وجودهم القومي والاستراتيجي، وعالم البارحة الأحادي القطبية لم يعد له وجود، والروس قادمون في مضمار الصراع وبقوة.

 

وأوردت عدة تقارير صحافية، صدرت اليوم الأحد، أن مناقشات سرية تجري بين الحلفاء الغربيين في موضوع الوضع في أوكرانيا، وتبعات أي تصعيد يمكن أن يقدم عليه الروس، وسبل توفير السلاح الكافي للأوكرانيين للتعامل مع الوضع.

 

الغرب التائه في الملف الروسي الأوكراني لمعرفته أن الأمر لا يتعلق بنزهة بل بأول اختبار جدي يضع الاستقرار الكوني موضع اختبار، الروس جادون في التصعيد والتحدي، وهم قد حركوا ترسانتهم الاستراتيجية التي يديرها رئيس روسيا وبيلاروسيا في غرفة عمليات مشتركة.

 

رئيس وزراء بريطانيا، بوريس جونسون، قال في خطاب أمام مؤتمر ميونيخ للأمن، إن من المصلحة الجماعية للغرب أن “يفشل أي غزو روسي ويُنظر إليه على أنه فاشل”.

 

عجز “جونسون” عن إيجاد الوصفة العسكرية للرد، حوله لباب التمنيات، بدل البحث عن حلول سياسية وإعطاء الروس ضمانات الأمن والسلام على حدودهم بدل الركوب في باخرة في عمق جليدي يغرق الكون من شدة وقع الاختراق.

 

وأضاف جونسون في خطاب العجز عن إيجاد مخرج للأزمة التي خلقها الغرب والناتو وورطوا الرئيس الأوكراني فيها، وهو المغادر لوضع بلاده الصعب الذي أوقعه فيه الغرب ليقوم برحلة المغادرة / الهروب ورهن قرارات بلاده بدعم غربي لن يأتي، “اجتاحت روسيا أوكرانيا بالقوة الغاشمة، فأنا لا أرى كيف يمكن لدولة تغطي ما يقرب من مساحة ربع مليون ميل مربع -وهي أكبر دولة في أوروبا باستثناء روسيا نفسها- أن تُخضع إلى الأبد”.

 

مستشار الأمن القومي الأمريكي، جيك سوليفان، أخبر أعضاء مجلس الشيوخ، بأنَّ “الولايات المتحدة مستعدة لتسليح المقاومة، ولن تقبل انتصاراً عسكرياً روسياً يمحو مبدأ تقرير المصير القومي”، فعن أية “تقرير مصير قومي” يتحدث “سوليفان” والغرب وموالوه من ساسة أوكرانيات يلعبون لعبة حصار موسكو، والتي لن يقبلها الروس بالمطلق ويعتبرون الأمر خطا أحمر، أوكرانيا قاعدة خلفية لضرب ظهر روسيا، وهاته الأخيرة لن تسلم ظهرها للضرب.

 

الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، العاجز عن التعامل مع وضع خطير وضعه فيه حلفاءه الغربيون، يطلب المزيد من الدعم لمواجهة ما أسماه “العدوان الروسي”، داعيا إلى فرض عقوبات صارمة على موسكو قبل بداية الهجوم. 

 

الرئيس الأمريكي الذي وجد نفسه في ورطة وبعد التصريحات النارية، وأمام فهمه الرسائل الروسية وجديتها التي حركت من أجلها أسطولها الاستراتيجي، حفاظا على وجودها ومصالحها، فهم رسائل الذب الروسي، وركن إلى بوابة العودة للحل السياسي من خلال لقاء مرتقب مع سيجمع “بايدن” و”بوتين”، وقد استبعد إرسال القوات الأمريكية إلى أوكرانيا، مبررا الأمر بعدم وجود التزام قانوني يقضي بمساعدة أوكرانيا.

 

وكل ما استطاع الغرب أن يحققه من دعم لأوكرانيا حتى الآن هو الكلمات والخطب، جونسون يقول في خطابه أمام مؤتمر ميونيخ، بأن على الغرب أن يقف إلى جانب أوكرانيا، مضيفا “علينا أن نحضر أنفسنا لاحتمال حدوث أزمة طويلة الأمد، مع استمرار روسيا في الضغط والبحث عن نقاط الضعف على مدى فترة طويلة، ويجب علينا معاً أن نرفض الاستنزاف”.

 

تصريحات عكست تراجعا في الالتزام الغربي الذي دفع الغربيون إليه الرئيس الأوكراني وتركوه وحيدا، فأقصى ما يمكن أن يحصل وفق تصريحات “جونسون” هو توريد السلاح، والغرب عموما يتجنب صداما أوسع بين “الناتو” وموسكو، لما له من انعكاسات تدميرية للكون.

 

الغرب يعي أن روسيا لن تتراجع في القضية وتعتبر الأمر خطا أحمر بما أنه يهدد أمن روسيا القومي الاستراتيجي، وهو ما اعترف به رئيس الوزراء البريطاني، بوريس جونسون، حيث قال، إن روسيا تخطط “لأكبر حرب في أوروبا منذ عام 1945″، فيما أعلنت واشنطن أن الرئيس الأمريكي، جو بايدن، سيعقد اجتماعاً للأمن القومي بخصوص الأزمة الأوكرانية، اليوم الأحد، بحسب ما قالته المتحدثة باسم البيت الأبيض، جين ساكي. 

 

“جونسون” نقل أيضا الخطط الروسية في الحرب، بناء على تقارير استخباراتية، وفق قوله “روسيا تعتزم شن غزو سيطوق العاصمة الأوكرانية كييف”، مضيفا، أن الرئيس الأمريكي “بايدن” أبلغ الحلفاء بأن المعلومات الاستخباراتية تفيد بأن القوات الروسية تخطط لدخول أوكرانيا من الجهات الشرقية من “دونباس”، ومن الجهات الشمالية من المناطق المحيطة ببيلاروسيا، وحيث قال جونسون “أخشى أن تكون الخطة التي رأيناها تتعلق بما يمكن أن تكون أكبر حرب في أوروبا منذ عام 1945″، في إشارة إلى الحرب العالمية الثانية.

تتزامن تصريحات رئيس الوزراء البريطاني مع تأكيد البيت الأبيض، أمس السبت، مجدداً، أن روسيا يمكن أن تشن هجوماً على أوكرانيا “في أي وقت“.

الروس لا يلعبون وأمنهم القومي الاستراتيجي لا تفريط فيه

 

كرسائل عملية قدمها الروس للغرب وللناتو أجرت روسيا يومه السبت 19 فبراير/شباط 2022، أضخم مناورات عسكرية في تاريخها أعطى انطلاقتها وتابعها الرئيس الروسي بنفسه رفقة الرئيس البيلاروسي، وفي هذا الصدد قال الكرملين إن روسيا أجرت بنجاح تجارب إطلاق صواريخ تفوق سرعة الصوت، وصواريخ كروز في البحر على أهداف برية، خلال مناوراتها العسكرية.

 

أما وزير الدفاع الروسي، سيرغي شويغو، فقال إن هاته التدريبات تضمنت إطلاق صواريخ بالستية فرط صوتية من طراز “كينجال”، وصواريخ كروز فرط صوتية من طراز “تسيركون”، وهي أسلحة روسية جديدة، كان “بوتين” قد وصفها في وقت سابق بأنها “لا تقهر”، وفقاً لما أوردته وكالة الأنباء الفرنسية.

 

رئيس هيئة الأركان الروسية، فاليري غيراسيموف، قال إن “الهدف الرئيسي للتدريبات الحالية هو تدريب القوات الهجومية الاستراتيجية لإلحاق هزيمة مضمونة بالعدو”.

 

واشنطن المبهورة بالرد الروسي الحازم والصادم والقوي أوردت على لسان وزير دفاعها، أوستن، الذي قال “إن التدريبات النووية تثير القلق بين قادة الدفاع في جميع أنحاء العالم، إذ يركز الجيش الروسي على حشد هائل للقوات حول أوكرانيا، وهناك خطر من وقوع “حادث أو خطأ”.

 

 

وفي آخر الأخبار الواردة فقد أفاد الكرملين إن الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، ونظيره الفرنسي، إيمانويل ماكرون، أكدا خلال اتصال هاتفي جرى بينهما، اليوم الأحد، جدوى تكثيف العمل عبر صيغة “نورماندي” لإيجاد حلول دبلوماسية للأزمة المتصاعدة في أوكرانيا.

 

التعليقات مغلقة.