المنع التعسفي… -من وحي خطاب جلالة الملك للعرش-

حنان أتركين:  عضو مجلس النواب

 

تمنعني، كغيري من المشتغلين في قر الصيف، التزامات العمل، وتزاحم أجندته ومتطلبات المرضى، من مغادرة مدينة العمل لقضاء الوقت بعيدا، في مدن مهيأة طبيعيا لاستضافة المصطافين…؛ لكن فكرة راودتني، وهي لماذا لا أوهم نفسي بقضاء عطلة هنا بمراكش، وهي التي يحج إليها الجميع من كل فج عميق؟ من الوطن وخارجه، لا سيما وأن فنادقها تتوفر بداخلها عن ما يغنيك عن مغادرتها، من أنشطة ترفيهية، ومن مأكل، وفضاءات للرياضة…، إنه كل ما يحتاجه المرء لكي يكسر به ضجر الروتين، ويستعيد به توازنه لكي يقبل من جديد على العمل ومتطلباته…

 

فاتحت صديقة عزيزة علي في الموضوع، واقترحت عليها الذهاب معا، لأن صحبتها، من المؤكد أنها ستضيف دفئا لهذه العطلة القصيرة التي نعقد عليها آمالا عريضة…، فكان جوابها، أن ذلك غير ممكن، فسألتها عن السبب؟ وبوثوقية، أجابت، إن فنادق مراكش لا تحجز للفتيات وللنساء القاطنات في مدينة مراكش…، لم أصدق ما سمعت، من هوله، ومن فجائيته، ومن عدم مفهوميته…، لكن ما المبرر، الذي تقدمه الفنادق لطالبات الإيواء؟ وأين يوجد هذا المنع ومبرره، هل في القانون الجنائي، أم في مدونة الأسرة، أم قرارات ومناشير إدارية لا تنتهي إلى علم العموم، أم أنه المزاج الذي يتحول بحكم العادة والاعتياد إلى قانون للممارسة؟

لم تكن صديقتي مهيئة لا بحكم تكوينها ولا المعطيات التي تحصلت عليها، قادرة على مواكبة موجة الأسئلة التي انتابتني في حالة غضب تصرفت فيها كأنثى أساسا…، فقررت أن أتحقق بنفسي من الموضوع، دون الاعتماد على وسطاء الخبر، ولا على أذن سمعت…، فتحصلت على رقمي فندقين بمراكش، أحدهما في منطقة “جليز”، والآخر في “الحي الشتوي”…، فلما رن الهاتف بالنسبة للأول، سمعت صوتا رجوليا، يقدم لي المعتاد من الكلمات في مثل هذا الوضع…، فعبرت له عن رغبتي في القيام بحجز لديهم، علما أنني أقطن بالمدينة، وبطاقة تعريفي تشير إلى ذلك…، فأجابني، بأن ذلك غير ممكن…، والسبب، هكذا سألته…، الشرطة تمنعنا سيدتي من ذلك، فهي تحضر علينا استقبال النساء القاطنات في المدنية…، أقفلت الخط، فليس هناك من داع لاستمرار هذه المكالمة، فالمنع حسب مستقبل المكالمات، هي الشرطة، هكذا بكل بساطة، وهو من جانبه، يترجم بأمانة المنع في عمله…؛ في المكالمة الثانية، صوت نسائي يرحب بي، فعرفته بطلبي، فاستأذن مني استشارة قاعدة معطيات الفندق للتحقق من غياب حجوزات في التاريخ المطلوب…، فاستدركت، فقلت لها بأني قاطنة في مدينة مراكش…، حتى يكون تحققها وبحثها كاملا…، فطلبت مني البقاء على الخط لهنيهة…، لأن هذا الموضوع لا تعرف عنه شيئا…، بعد لحظات لم أحس بها… أتتني، بالخبر، معذرة سيدتي فنحن لا نستقبل القاطنات في مدينة مراكش…، والسبب سيدتي…، هكذا قيل لي، وهكذا أبلغتك…، فأقفلت الخط…، لأن المحاججة في الموضوع تبدو غير مجدية…

هل هذا يتفق مع دستورنا، ومع دولة القانون، ومع المساواة، ألا يتعارض مع التمييز المحظور دستوريا والمجرم في قانوننا الجنائي؟ ثم أين هي القاعدة التي تقول بأن “المنع لا بد له من نص”….، إن هذا الموقف، يبقي على المرأة في وضع للدونية، ويلصق بها بقوة الأشياء، كل النعوت القبيحة والقدحية…، إن المرأة تعاقب لأنها امرأة، وليس لأنها اقترفت شيئا مجرما قانونا وأخلاقا…، إن المرأة في وضع إدانة مستمرة، في وضعية شبهة دائمة…، أهكذا نريد للمرأة المغربية أن تصير وأن تكون…؟ هل يمكننا أن ننشد الديمقراطية، وأن ننجح في مشروعنا الحداثي، وأن ندخل مرحلة التفكير الجماعي حول تعديل مدونة الأسرة بمثل هذه التصرفات وبمثل هذه العقليات التي تقف ورائها…

التعليقات مغلقة.