ثورة 14 أكتوبر 1963م .. تحضيرات وكفاح منظم “الجزء الأول”

بقلم: الدكتور  علي محمد الزنم/ عضو مجلس النواب اليمني

بداية التهاني والتبريكات للقيادة والشعب اليمني وكل مناضل “سبتمبري أكتوبري وحدوي” أينما كان على أمتداد تربة هذا الوطن، كان فوق الأرض أو تحتها، الكل “سلام جمهوري” وتهاني ثورية بالعيد ال 59 لثورة ال 14 من أكتوبر المجيده 1963م 2022م

أولاً: التحضيرات لثورة 14 أكتوبر:

بنجاح ثورة السادس والعشرين من سبتمبر 1962م ضد الحكم “الإمامي” في شمال الوطن بدأت التحضيرات الجادة والمنظمة لثورة 14 أكتوبر، حيث انطلق الشعب اليمني شمالاً وجنوباً يحمل السلاح دفاعاً عن ثورته الشعبية “السبتمبرية” في الشمال، والتفكير بعمل دفاعي ضد الاعتداءات العسكرية التي بدأت تشن في مناطق الجنوب بدعم من الاستعمار والسلاطين وبالذات في منطقة “بيحان”، حيث كانت تنطلق العمليات العسكرية لدعم الملكيين في مأرب تحت إشراف السلطان “الهبيلي” شريف بيحان آنذاك.

صنعاء تحتضن الثوار من أبناء الجنوب لتحديد أساليب المواجهة ضد الاستعمار:

لتحديد أساليب المواجهة والكفاح ضد الاستعمار وعملائه، فقد تم دعوة ممثلين عن الأحزاب والقبائل والشخصيات الوطنية في الجنوب للاجتماع في “صنعاء” في شهر فبراير من عام 1963م، حضره “حزب الشعب الاشتراكي” و”حركة القوميين العرب” و”التنظيم الناصري” و”تنظيم القبائل” وممثلين عن المناطق في الجنوب، وخرج هذا الاجتماع بميثاق وطني حدد شكل الجبهة وتسميتها ب”الجبهة القومية لتحرير الجنوب المحتل”، ولكن الإعلان عن البداية للكفاح المسلح الذي أقر في هذا الاجتماع كأسلوب رئيسي للنضال قد تأخر نتيجة الخلاف الذي برز حول تشكيل القيادة وضرورة توسيع التحالفات مع الأحزاب والقوى السياسية الأخرى.

وقد بادرت “حركة القوميين العرب” إلى تنظيم هذا اللقاء وتقديم مشروع الميثاق الوطني ومن ثم مواصلة الحوار مع القوى الشعبية السياسية الأخرى، ولم تصل إلى نتيجة مع “حزب البعث” وانسحب “حزب الشعب الاشتراكي” من صيغة الجبهة، لتقرر “حركة القوميين العرب” مع بقية المنظمات والشخصيات الأخرى إعلان بداية الكفاح المسلح في 14 أكتوبر 1963م باسم “الجبهة القومية لتحرير الجنوب اليمني المحتل”.

ولا بد من الإشارة إلى أن قيادة “ثورة 26 سبتمبر” في الشمال والقيادة المصرية قد ساعدت على تبني الأحزاب والقوى السياسية والقومية في إيجاد إطار سياسي لها لتشديد عملية المقاومة ضد الاستعمار البريطاني في الجنوب، واتباع شكل النضال المسلح كشكل رئيسي في عملية المواجهة، خاصة وأن الجماهير اليمنية في كل مناطق الجنوب قد انتقلت بحماس إلى مدينة “تعز” والعاصمة “صنعاء” تطالب بحمل السلاح ضد الاستعمار وحماية الثورة “السبتمبرية” من الأعداء الذين تكالبوا عليها في الشمال ومن الاستعمار وعملائه في الجنوب.

الكفاح السياسي والعسكري المنظم في الجنوب:

كانت البداية للعمل المسلح قد أخذت بالعمل المنظم وكان لحركة القوميين الدور الرئيسي في ابتكار الأشكال التنظيمية لتجنيد طاقة الجماهير على كل المستويات في الكفاح ضد الاستعمار والسلاطين العملاء.

وتشكلت قيادات محلية للجبهة في كل المناطق التي كان الاستعمار يتواجد فيها من خلال قواته العسكرية أو من خلال نشاطه الإداري المكثف وفي إطار هذه القيادات المحلية كانت هناك أشكال قيادية للعمل السياسي وأخرى للعمل الطلابي والمرأة والنقابات والجيش والأمن حيثما يتواجد، وكذا للعمل الفدائي العسكري وتجمع هذه التشكيلات قيادة واحدة في المنطقة.

ومن ثم هناك من يمثل هذه القيادات المحلية في القيادة المركزية الداخلية على صعيد الجنوب كله، وتتحرك اليومية المباشرة وتتوزع حسب الظروف بهذا الأسلوب المنتظم والدقيق، وبإعطاء الصلاحيات للقيادات المحلية في المبادرة واتخاذ القرار لمواجهة المصاعب والمهام اليومية استطاعت الثورة التعامل مع الأوضاع في السلطنات والمشيخات حسب أولوية كل منطقة.

وقد بدأت جبهة عدن تنشط عسكرياً في النصف الثاني من عام 1964م، وهكذا توالت عملية فتح الجبهات في “ردفان” و”الضالع” و”رثينة” و”أبين” و”العوالق” و”الشعيب” و”حالمين” و”يافع” وغيرها من المناطق الأخرى، إلا أن الكفاح لم يكن مكثفاً في “شبوة” و”حضرموت” و”المهرة” كما كان عليه الحال في “ردفان” و”عدن” و”الضالع” و”حالمين” و”الشعيب” في عشية الاستقلال عندما تم إسقاط تلك المناطق وهروب السلاطين منها.

التعليقات مغلقة.