تازة : تراجع غير مسبوق يخص وضع المدينة الثقافي الى حين..

عبد السلام انويكًة

ما يوجد عليه وضع الحركة الثقافية عموما بتازة من حالة نمطية وركود معبر وانحسار وتراجع غير مسبوق، أمر غير خاف عن أعين الجميع. ولعل واقع الحال هو نِتاج عوامل ذاتية وموضوعية مرتبطة بغياب تبصر في علاقة الثقافي بالتنمية المحلية وموارد المدينة، ومن رؤية ايضا وبرنامج تنشيط سنوي واضح لدى المعنيين، من إدارة ثقافة وادارة شباب ورياضة ومصالح بمهام وأدوار منوطة عن هيئات منتخبة. فضلا عما يطبع الشأن الثقافي المحلي هذا من هزالة عرض وما ينبغي أن يكون رافعا محفزا من تجهيز، باستثناء قاعة عرض يتيمة تم انشاءها قبل أزيد من عقد من الزمن، إنما في مكان غير مناسب لعزلته، وقد جعلها بحضور باهت بخلاف ما كان منشودا منها لفائدة حركة ثقافة ودينامية مثقفين ومبدعين وجمعويين، فضلا عن واقع تحفيز بئيس لما هو كائن من مجتمع مدني، ناهيك عما يسجل من ضعف دعم وتواضع برامج ومبادرات.

 

جدير بالاشارةالى أن تازة بكثافتها السكانية وإرثها الحضاري وامتداد مجالها الحضري بين مدينة عتيقة(تازة العليا) وحديثة (تازة السفلى)، لا تتوفر على قاعات ثقافة قرب خاصة بأنشطة مستهدفة لأطفال مبدعين وشباب وغيرهم، باستثناء القاعة السالفة الذكر والتي بحكم موقعها لم تكن استثمارا موفقا، بحيث لم تحقق ما كان منشودا من أثر على صعيد انعاش المدينة العتيقة، التي توجد هذه القاعة خارج أسوارها وتفاعلها المجتمعي، ناهيك عما يرتبط بموقعها هذا من إكراه بيئي مناخي غير محفز، بكيفية خاصة خلال فصل الشتاء حيث هبوب الرياح وشدة البرد. وهي القاعة نفسها على علتها لا تخلو من ارتباك تدبير وردود فعل نوادي وجمعيات من حين لآخر.

وتعلق ساكنة تازة ومعها الفعل الثقافي الجمعوي فضلا عن مهتمين متتبعين، آمالا واسعة على الجميع كل من موقعه. من أجل رد الاعتبار لوضع المدينة الثقافي واسترجاع ما كانت عليه من اشعاع لعقود من الزمن، بكيفية خاصة ما طبع فترة تسعينات القرن الماضي ومعها العقد الأول من الألفية الجديدة. حيث يلتقي رأي عام واسع حول افتقاد تازة لمساحة معبرة من بريقها الثقافي الابداعي وفعلها الجمعوي، عندما شهدت ما شهدته من تراجعات كبيرة غير خافية عن الأعين، مقارنة على الأقل بما كانت عليه الى عهد قريب، باستثناء ما يسجل من مواعيد مضيئة محدودة ومحطات مؤسَّسة رصينة من حين لآخر.

 

ويرى عدد من المهتمين ومنهم جمعويين أن ما طبع تازة من دينامية ثقافية في الماضي، لا يمكن القفز في نجاحه عما كان من أثر فيه لمجالس منتخبة، وما كان لهذه الأخيرة من تتبع ودعم ومقترح وحضن مادي ولوجستي. لدرجة أن ما حصل من اشعاع أنشطة ثقافية سنوية بالمدينة ومن مواعيد قارة، كانت بما كانت عليه من صدى وبما تعودت عليه المدينة من أنشطة محددة في تيمتها ووقعها واشعاعها وبصمتها على المستوى الوطني والدولي، كما بالنسبة لمهرجان الشعر والأغنية الوطني والمهرجان الدولي لمسرح الطفل…، كل هذا وذاك من أثاث تازة الثقافي الى عهد قريب، يعود لِما كانت عليه الثقافة في أجندة الهيئات المنتخبة، دون نسيان ما كانت عليه مندوبية الثقافة من كاريزما تدبير وبادرة وتجديد وبعد نظر، صوب هذا الفعل في علاقته بتنمية المدينة.

 

وغير خاف ما كان للفعل الجمعوي خاصة فروع منظمات وجمعيات وطنية، من دور رافع للحركة الثقافية مقارنة بما توجد عليه المدينة من واقع حال، من جملة ما يحكمه وضع بمئات الجمعيات لا يقابله ما ينبغي من أداء ثقافي لأسباب عدة. ولعل خجل فعلها على تعدد ألوانها وأحلامها وما يسجل حولها من ضعف مردودية ومواكبة واستمراية وهزالة أنشطة، يجعلها بنوع من المناسباتية، ومن ثمة مجرد رقم لا غير في خريطة حقيقة وسلطة الثقافة وفعل المجتمع المدني. ولا شك أن واقع الحال يدفع لطرح جملة اسئلة، من قبيل عدد الاطارات الجمعوية الثقافية المنخرطة حقا؟ وأية مشاريع وبرامج وبعد نظر تنموي ترابي وبشري ترومه؟، وأية وجهة وفئة وقضية وتيمة مستهدفة وبأية خطة؟. وهذا ما يحيل المدينة ليس فقط على أزمة ثقافة وفعل ثقافي، بل ايضا على أزمة وعي وجدل تأطير وتكوين وإعداد وتجهيز وأهداف واستشراف.

التعليقات مغلقة.