حقائق دوار”المحيجر” من أفواه الغلابة المقهورين الذين أحسوا بالحكرة والإدلال عكس ما نقله الإعلام المخدوم

عاش دوار “المحيجر” بالصخيرات وضعا عصيبا، موزعا بين قهر الزمن، وضيق الحال، وعنف الواقع وقساوته، وقهر ضيق الإمكانيات الضامنة للاستقرار المادي، وبين قهر آخر تفجر بقوة تدخل السلطات للقذف بهم في الشارع، واستعمال العنف ضدهم، وتفريغهم بالقوة المفرطة من مساكنهم واعتقال فلذات أكبادهم الذائدين عن الاستقرار سلميا، ليواجهوا بالسياط التي انضافت إلى سياط الواقع الصعب، ساكنة عبرت عن غضبها من سياسة اللامسؤولين ودوسهم حتى على الاتفاق الذي وقعوا عليه.

مواطنة من دوار "المحيجر" إذا لم يطلق سراح ابني سأحرق نفسي، وآخر افتحوا الحدود والله لن نبقى هنا
مواطنة من دوار “المحيجر” إذا لم يطلق سراح ابني سأحرق نفسي، وآخر افتحوا الحدود والله لن نبقى هنا

واقع لمسناه من خلال تصريحات مزجت بين الدموع والإحساس بالحكرة في وطن لا يسع كل أبنائه إلا في الشعارات، فيما القمع والقهر يبقيان ملازمان لواقع عيش المواطن، والإدلال سلطة تمارس من خلال نزع إنسانية هؤلاء الدراويش المحرومين من كل شيء، حتى من التعبير عن الرفض كمعطى سيكولوجي، ليقابلوا بالزرواطة والاعتقال.

تصريحات عكست السخط والغضب والشعور بعدم الأمان في وطن نزع منهم كل مقومات الصمود والاحساس بالانتماء لخريطة تملؤها الإرادة والمسؤولية والقرب من هموم الناس الغلابة.

ما وقع عكس حقيقة حضور قوة الرساميل في مصادرة كل بسمة حياة، ولوبيات يسيل لعابها على أراض لتحويلها إلى مشاريع مذرة ربحا للجيوب، لكنها ليست مذرة لأية بسمة أو نقطة ضوء بأفق جميل لمغرب جديد.

مواطنة من دوار "المحيجر" إذا لم يطلق سراح ابني سأحرق نفسي، وآخر افتحوا الحدود والله لن نبقى هنا
مواطنة من دوار “المحيجر” إذا لم يطلق سراح ابني سأحرق نفسي، وآخر افتحوا الحدود والله لن نبقى هنا

ليس غريبا أن تصرخ مواطنة مسكينة مغلوبة بالقهر المادي والفقر واعتقال ابنها الذي لم يتجاوز السبعة عشر ربيعا، من قبل القوات العمومية لا لشيء إلا لأنه مثل باقي الدراويش صدع وقال “احنا فين غادي نمشيو”.

قالت المواطنة والدمع يلازم مقلتها مع وميض من غضب وحسرة على وطن جميل لن يعود، ما دام الرأسمال المالي متحكما في الرأسمال البشري، صرخت بأعلى صوتها “علاش يعتاقلو ولدي، علاش” ناقلة قوة الغبن واعتداء السلطات على الحق في الكلام ومصادرة له “ما ضربنا، هذرنا فقط وداو ليا ولدي”، مضيفة “دري فعومرو 17 سنة واش عندهوم شي حق باش يديو ليا ولدي، كل هادشي باش يبتزونا”.

وتقف المواطنة في لحظة إحساس بالمذلة والحكرة لسلطات حرمت البسمة من المنزل، وأطفأت ضوء الحياة، فكان الرد خنجرا سيبقى معلقا على رقاب المعتقلين ليس من الأمن طبعا، ولكن مصدرو الأوامر، حيث هدد بحرق نفسها هي وجنينها، لأنها حامل، إن لم يتم إطلاق سراح ابنها حيث قالت “يلا ما طلعوش ليا ولدي، غادي نحرق راسي، والله وما طلعوه حتى نموت وانا حاملة وذنوبهم على راسهوم”، في تعبير صادم عن حقيقة وجود مغربين داخل الوطن الواحد، ومسؤولين ليس لهم من المسؤولية سوى خدمة مصالحهم الشخصية على حساب عموم الشعب الفقير والمكلوم والمصادرة حقوقه.

مواطنة من دوار "المحيجر" إذا لم يطلق سراح ابني سأحرق نفسي، وآخر افتحوا الحدود والله لن نبقى هنا
مواطنة من دوار “المحيجر” إذا لم يطلق سراح ابني سأحرق نفسي، وآخر افتحوا الحدود والله لن نبقى هنا

وفي نفس الزاوية من الألم والغضب تقف مواطنة أخرى أخد منها الزمن العظم واللحم، عيناها جاحظتان دمعا ودعاء بفرج من خالق الكون، أمام عثمة واقع التسلط والإهانة والحكرة، الذي حرمتها وهي تعانق تراب هاته البقعة الجغرافية منذ ذكرى المسيرة الخضراء المظفرة التي كان زوجها أحد المتطوعين فيها.

قالت والدموع محبوسة بقوة الصوت وغلاظة القسوة التي تعتصر دواخلها “أنا فالزنقة وهانا برا، الراجل كان كيعسس السيارات حتى حاجة ما بقات، غادي نموتو بالجوع وانا مريضة”.

تمارة – الصخيرات: الاشتراكي الموحد يدين تدخل السلطات ويعلن التضامن مع ساكنة “المحيجر” + فيديو

أم حالمة بركن يلفها وفلذات أكبادها أصبحت عرضة للتشرد، لا النوم اقترب من جفنيها، كما أبناؤها، وزوجها، ينتظرون قدوم الجيوش التي ستهدم الأسقف فوق رؤوسهم حيث قالت “بتنا فايقين، ما نعسناش”. 

وأضافت بلوعة: “من عام المسيرة واحنا هنا وراجلي مشى للمسيرة، قالوا لينا سيرو للمحكمة، ما عندنا حتى ورقة باش غادي نمشيو للمحكمة”، وروت بقوة الفاقد للحياة، المحكوم عليه بالقهر الأبدي، كما سيزيف، عارضة لقوة القمع والاضطهاد، في مقابل عسر الحال وقلة الحيلة، مضيفة قالوا لنا “خرج برا سير تموت، راه حكرة هادي، فين غادي نمشيو، راه حكرة هادي، باش كنتسماو مغاربة، واش واش انا وبنتي نبقاو مشردين”.

مواطن آخر حمل مليون معاناة مع قلوب لا ترى في القانون سوى القهر، حتى القتل الرحيم تعدمه، قررت استباحة فسحة أمل في الحياة، ومصادرتها بالقمع والمنع والتهجير والاضطهاد، ضدا على كل قيم الإنسانية، والمواطنة التي استبيحت بكل أنواع المصادرة، عارضا أن الأرض التي يهجرون منها هي عبارة عن هبة ملكية منحت لهم، وأن لهم وثائق تؤكد ذلك قائلا “الشطر الأول استافذو،  والشطر الثاني باقي،  الملك هو اللي وقف على هاد المشروع” مضيفا “الأرض كاين لبلان ديالها هادي هبة ملكية عطاها لينا سيدنا، فين غادي نمشيو، الدولة غادي تدينا لبؤرة اجرام”.

مواطنة من دوار "المحيجر" إذا لم يطلق سراح ابني سأحرق نفسي، وآخر افتحوا الحدود والله لن نبقى هنا
مواطنة من دوار “المحيجر” إذا لم يطلق سراح ابني سأحرق نفسي، وآخر افتحوا الحدود والله لن نبقى هنا

وعن الوضع القائم وما يحسه كل مقهور من ساكنة الدوار نقل ذات المواطن واقع ضيق الحال، وقوة القهر المسلط، يتكلم والدموع تقارب عيناه، في إحساس بالمذلة والإهانة والحكرة، وكما يقال حينما يبكي الرجال فتلك هي قمة الإحساس بالظلم، عارضا لواقع الفساد الذي شاب المشروع وعن دور السلطات في خلق الفتنة عبر أعوانها وزبانيتها، وعن دور الإعلام المخدوم الذي تغاضى عن هجوم السلطات على هؤلاء الدراويش وأسرهم بالحجارة، وهو ما أحدث إصابات في صفوف النساء والشيوخ، فيما الإعلام المصنوع لا يركز إلا على ردة فعل هؤلاء الدراويش المقهورين، والملقى بهم للمزابل.

وفي هذا السياق قال المواطن ” المشكل كاين في العمالة والقياد والمقدمية اللي هما دايرين الفتنة، دخلو الناس ماشي من حقهوم يستافدو، حقنا هذا عطاه لينا سيدنا وحنا ما مسلمينش فحقنا”.

وعن ما وقع البارحة قال ذات المواطن “وقع إنزال، ومورس في حقنا ترهيب، واللي ضربوا بالحجر هم أعوان السلطة، واش أنا ماشي مغربي، واش أنا كلب، الصحافة المتملقة كتصور غير الناس، ما صورتش السلطة كيضربو فينا، رسالة لجلالة الملك، وهو الشخص الوحيد الذي نثق فيه، راه كاينة مافيا باغيا تدي هاد البلاد”.

تمارة – الصخيرات: الاشتراكي الموحد يدين تدخل السلطات ويعلن التضامن مع ساكنة “المحيجر” + فيديو

وختم قوله بحرقة من فقد الامل في العيش بكرامة في بلد صودرت فيه كل الحقوق حتى البسيطة منها حيث قال “حلو الحدود والله لا بقينا فهاد البلاد”.

مواطن آخر وبنفس الحرقة والإحساس بالغبن وقلة الحيلة أمام سلطة لا ترحم قال “الناس ساكنين فالغابة والروضة والواد، احنا فين غادي نمشيو، واش باغيينا حتى احنا نمشيو لنفس المكان، نطالب بأن يعاد الإحصاء، ناس غير مقيمين بالدوار واستافدو”.

الأكيد أن ما وقع يعكس حقيقة البون الشاسع بين الخطاب الرسمي التلفزيوني، وبين واقع حال هؤلاء الغلابة المغلوبين بكل أنواع القهر المادي والمعنوي والنفسي، وهو وضع ليس غريبا، ما دام صاحب الجلالة الملك محمد السادس، نصره الله، عكسه في أكثر من خطاب، حينما فكك واقع حال المجتمع والبون الكبير بين الأغنياء والفقراء من أبناء شعبه الوفي، وتفكيك جلالته للامسؤولية المسؤولين حينما قال جلالته بقوة المسؤول وصدقه اتجاه هؤلاء أشباه المسؤولين، حينما قال جلالته: إذا كنت أنا كملك للبلاد غير راض على تذبيركم، فماذا سيقول الآخرون، مضيفا جلالته إما أن تتحملوا المسؤولية أو تنسحبوا.

التعليقات مغلقة.