رحيل الصحافي والفوتوغرافي عبد الجليل بونهار صاحب مؤلف”أنفا، الدار البيضاء،كازابلانكا، ثلاثة أسماء، مدينة واحدة”

عزيز مفضال

غادرنا، صباح الخميس، الفوتوغرافي و الكاتب عبد الجليل بونهار، بعد صراع مرير مع المرض، وشهدت مواقع التواصل الاجتماعي، العديد من الرسائل والمواقف التي لا تنسى التي جمعته بزملائه في الوسط الصحافي والفني….

عبد الجليل بونهار تلقى تعليمه الابتدائي بمسقط رأسه بالدار البيضاء والإعدادي بمراكش، بعد حصوله على الباكلوريا رحل إلى فرنسا حيث تابع دراسته بالمدرسة الوطنية العليا لوي لوميير بباريس، ليتخرج مديرا فوتوغرافيا عام 1982 ويخضع لتدرب بالمدرسة ذاتها من خلال إعداد ديبلوم متخصص.

رحيل الصحافي والفوتوغرافي عبد الجليل بونهار صاحب مؤلفأنفا، الدار البيضاء،كازابلانكا، ثلاثة أسماء، مدينة واحدة (1)
رحيل الصحافي والفوتوغرافي عبد الجليل بونهار صاحب مؤلفأنفا، الدار البيضاء،كازابلانكا، ثلاثة أسماء، مدينة واحدة (1)

 

ولدى عودته إلى المغرب عام 1985، اشتغل مراسلا فوتوغرافيا لوكالة “أ.ف.ب” التي غادرها في يناير 1987 إلى وكالة رويترز إلى غاية 1990، حيث التحق عام 1991 بالقسم الباريسي بوكالة أسوشيتد بريس قبل أن يعين في 1997 مراسلا بالمغرب.

 

تجدر الإشارة إلى أن مؤلفه “أنفا، الدار البيضاء، كازابلانكا، ثلاثة أسماء، مدينة واحدة”، هو عنوان مؤلف للفوتوغرافي عبد الجليل بونهار، الذي يصف تاريخ المدينة في حوالي 700 صورة.

 

وضمن هذا العمل الضخم، الذي ابتدأ الفنان العمل فيه منذ عام 1988، الصادر عن منشورات “لي كروازي دي شومان” في 380 صفحة، قام المؤلف بعمل دؤوب، أثمر، بعد 21 سنة، كتابا رائعا، غني بالصور الفوتوغرافية لحقب ماضية، حول تاريخ ومستقبل فضاء حضري “بالرغم من أن الفنان لا يدعي أنه مؤرخ أو كاتب”.

الدار البيضاء التاريخ العريق والمستقبل المفتوح على الجمال
الدار البيضاء التاريخ العريق والمستقبل المفتوح على الجمال

 

ويعد هذا الكتاب، باكورة أعمال عبد الجليل بونهار، وهو أيضا تكريم للفوتوغرافيا والفوتوغرافيين، في سياق أن هذه المدينة الكبيرة، كما كان يقول الفنان، “تعد من المدن المغربية النادرة التي تتوفر على رصيد من الصور التي خلفها لنا فوتوغرافيون من قبيل ج. بوسيج، برتو، الحمراء، فلاندران، مايي، ليفي ونوردين…”.

 

وكان الراحل يؤكد أن “القيمة الكبرى لهذا الرصيد الوثائقي تعطينا إمكانية متابعة التحولات التي بدلت المدينة الصغيرة من “الدار البيضاء”، أنفا القديمة، إلى حاضرة شمال إفريقيا”.

 

وأضاف أن هذا العمل هو “مرافعة دفاع من أجل الدار البيضاء وذاكرتها”، في محاولة ترميم “ما دمره المستعمر منذ 1921”.

الدار البيضاء التاريخ العريق والمستقبل المفتوح على الجمال (1)
الدار البيضاء التاريخ العريق والمستقبل المفتوح على الجمال (1)

 

وانطلاقا من هاته الرؤية، كان يأسف للتدمير الذي طمس معالم المدينة القديمة وأسوارها وأبوابها.

 

كما حاول الراحل في هذا العمل، إعادة سرد التطور التاريخي للمدينة الكبرى التي أصبحت تحمل إسم الدار البيضاء، من خلال جرد مراحل تطورها منذ أن كان يطلق عليها السكان بالماضي إسم أنفا، حيث كانوا يقيمون في الجزء السفلي من خليج صغير على المحيط الأطلسي، عند مصب نهر واد بوسكورة شرقا، والذي تعود أولى المستوطنات البشرية فيه إلى ما قبل التاريخ.

 

إضافة إلى الجانب التاريخي، استعرض مؤلف الكتاب مختلف المخططات الحضرية التي عرفتها المدينة، مروروا بمخطط بروست وإكوشار، إلى مخطط التهيئة والتعمير بالدار البيضاء الكبرى الذي تم اعتماده في 1984.

 

واهتم أيضا بأبواب المدينة العتيقة التي كان يبلغ عددها ستة، وهي (باب المرسى، باب الخوت مزاب، باب الرحى، باب السوق، باب مراكش وباب السور الجديد)، إضافة إلى مختلف المواقع والأحياء وشوارع المدينة.

 

ومن خلال هذا العمل، توخى “بونهار” دحض الثنائية المانيسية التقليدية بين الحضارتين، التي تمجد صورة المستعمر الصالح الخدوم الذي يهتم بمصالح الإنسان “البدائي”، وتقلل من عطاء ومساهمة المجتمع الأصلي.

 

وتوخى الراحل أيضا من خلال الصور، تتبع آثار تطور المدينة والتحول الذي عرفته فضاءاتها، حيث كان رحمه الله يقول إن “الثرات المعماري للدار البيضاء هو ثراث هؤلاء الذين لا يتوفرون على ثرات”، مؤكدا على ضرورة القيام بجرد للمباني التي يجب إنقاذها.

 

ولاعتبارات وثائقية، التقط عبد الجليل بونهار العديد من الصور، وخاض مغامرة التنقيب عن صور قديمة وبطاقات بريدية وكتب عتيقة في أسواق بأوروبا.

 

ونوه في هذا الصدد بالمساهمة القيمة للمنتج ساريم الفاسي الفهري والرسام أحمد توفيق ونبيل الزياتي (من ستروك أندوسترري).

التعليقات مغلقة.