وزارة السياحة تفشل في استقطاب السياح الدوليين وحجم مداخيل العملة الصعبة يطرح أكثر من علامة استفهام

الزوبير بوحوت

الزوبير بوحوت/  عرفت ليالي المبيت بالنسبة لعدد الوافدين اتصالا بالسياحة الدولية تراجعا عكس ما تورده الإحصائيات الرسمية مقارنة بالسنة المرجعية، وهو ما يعكس وجود اختلال اساسي في تركيبة الأسواق، إذ أن مداخيل السياحة الدولية قياسية بالفعل لكنها تبقى ضعيفة مقارنة مع مستوى النمو العالمي، فيما شهدت ليالي المبيت الخاصة بالمغاربة المحليين ارتفاعا.

 

 

السياحة الدولية: تراجع في عدد ليالي المبيت ونمو ضعيف لعدد الوافدين مقارنة مع السنة المرجعية

 

 

عرف عدد السياح الدوليين الذين زاروا المغرب خلال سنة 2023 ارتفاعا بنسبة 1,5% فقط مقارنة مع سنة 2019 وهي نسبة ضعيفة بالمقارنة مع الإمكانيات المتوفرة، حيث بلغ عددهم حوالي 7 مليون و150 الف سائح  مسجلين 16,71 مليون ليلة سياحية، والتي تشكل  انخفاضا ب10%، مقارنة بالسنة المرجعية 2019 التي سجلت 17.47 ليلة سياحية.

 

في المقابل، شهدت ليالي المبيت الخاصة بالمغاربة المحليين، خلال الفترة نفسها، ارتفاعا بنسبة 10.22%، حيث انتقل عددها من 7.76 مليون ليلة سياحية سنة 2019، إلى 8.55 مليون سياحية خلال سنة 2023.
وارتفع عدد ليالي المبيت السياحية لمغاربة العالم، من 53 ألف ليلة سياحية سنة 2019 الى 104 ألف ليلة سياحية سنة 2023 بزائد 95%، وتؤكد هذه الارقام بالملموس أن الأداء على مستوى السياحة الدولية ما يزال ضعيفا جدا، لأن سياسة وزارة السياحة فشلت في استقطاب السياج الأجانب.

 

 

14,5 مليون وافد رقم قياسي يخفي اختلال أساسي في تركيبة الأسواق

 

 

سجل عدد السياح الوافدين على المغرب، رقما قياسيا بلغ 14 مليون و525 ألف سائحا مع متم شهر دجنبر المنصرم، ومن ضمن السياح الوافدين، مغاربة العالم الذين انتقل أعدادهم من 5 ملايين و889 ألف سنة 2019 إلى 7 ملايين و400 ألف سنة 2023 بتسجيل زيادة 25%، في حين انتقل عدد السياح الدوليين الذين زاروا المغرب من 7 ملايين و43 ألف سنة 2019 إلى 7 ملايين 150 ألف سنة 2023، أي بزيادة  1,5%، وهو ما يؤكد أن الزيادة التي جرى تسجيلها  بخصوص عدد السياح الوافدين كان أساسها مغاربة العالم.

 

 

وفي الوقت التي تعلن فيه وزارة السياحة أن المغرب باستقطابه 14,5 مليون سائحا سنة 2023 فهو يكون قد  تجاوز بمليون وافد الهدف المسطر ضمن خارطة الطريق بالنسبة لسنة 2023، تصر الوزارة على عدم إعطاء تدقيق غاية في الأهمية وهو أن المغرب كان يهدف إلى استقطاب 5,9 مليون من مغاربة العالم و 7,6 مليون من السياح الاجانب.

 

 

ذلك لأن هذا التدقيق بالضبط سيظهر لنا أننا لم نصل الى الهدف المنشود بالنسبة للسياحة الدولية حيث تصل الفجوة الى ناقص 500 ألف سائح دولي، ثم تعويضها بمليون و500 ألف وافدا إضافيا من مغاربة العالم وهو الذي سيؤدي إلى تسجيل رقم يتجاوز السقف بمليون وافد سنة 2023.

 

 

وبهذا، ففي سنة 2019 كان لدينا في الحجم الإجمالي 55% من السياح الأجانب و45% من مغاربة العالم، لكن اليوم انقلبت الآية وأصبحت 51% من مغاربة العالم و49% من السياح الدوليين، ما يعني أن نسبة مساهمة  السياحة الدولية تراجعت من 55% إلى 49%.

 

 

لكن ما هي أهمية هدا التدقيق ؟

 

 

أهمية هدا التدقيق هو أن 7،15 مليون سائح دولي قد سجلوا 16,71 مليون ليلة سياحية بالمؤسسات السياحية المصنفة، في حين أن 7,4 مليون وافد من مغاربة العالم لم يسجلوا إلا 104 ألف ليلة سياحية فقط. 

 

 

فالوجهات السياحية الرائدة تعمل جادة لاستقطاب السياح الدوليين على وجه الخصوص، وكمثال على النجاح في الاستقطاب ممكن ان نستشهد بأرقام تركيا التي استقطبت اكثر من 57 ميون وافد سنة 2023، (أكثر من 90٪ منهم أجانب) دون ان ننسى البرتغال وكرواتيا إلخ.

 

 

ففقدان 500 ألف وافد أجنبي مقارنة مع السقف المحدد لسنة 2023 يعادل فقدان أكثر من 1,1 مليون ليلة سياحية على أدنى تقدير.

 

 

بطبيعة الحال هناك أسواق دولية كان بها عمل جيد مثل السوق الإنجليزية بزيادة 22%، السوق الأمريكية بزيادة 17%، السوق الكندية بزيادة 15%، السوق الإسبانية بزيادة 13%، السوق الفرنسية بزيادة 4%، بينما هناك أسواق أساسية مثل ألمانيا التي فقدنا منها حوالي 50% من ليالي المبيت  مقارنة مع 2019 علما أنها سوق قوية، وكذلك الصين بأقل من 50%، كما فقدنا اكثر من 75% من ليالي المبيت للسوق اليابانية، السويد بأقل من 64% من نسبة الاسترجاع، روسيا بأقل من 65%، وبلجيكا بأقل من 88% وهولندا بأقل من 94% (من نسب الاسترجاع).

 

 

مداخيل السياحة الدولية قياسية لكنها تبقى ضعيفة مقارنة مع مستوى النمو العالمي

 

 

حقق المغرب حوالي 105 مليار درهم، وهو ما أدى إلى تعزيز مداخيل الميزان التجاري الى جانب مداخيل قطاع تصدير السيارات التي حققت 141 مليار درهم وتحويلات مغاربة العالم التي تجاوزت 115 مليار درهم، وهي المداخيل التي ساهمت في تراجع عجز الميزان التجاري بحوالي 7,3%.

 

 

صحيح أن 105 مليار درهم من المداخيل سنة 2023 يعتبر رقما قياسيا بالنسبة للمغرب، لكن حجم هاته المداخيل يطرح اكثر من علامة استفهام نظرا لمجموعة من العوامل لعل أهمها أن هاته المداخيل تمثل زيادة 12% فقط مقارنة مع سنة 2022، في حين أن حجم ليالي المبيت ارتفع ب53% مقارنة مع 2022، حيث سجلنا 16,7 مليون ليلة سياحية سنة 2023 مقابل 10,9 ليلة سياحية سنة 2022، وهو ما يطرح مشكل له علاقة بالمردودية.

 

 

كما أن نفقات  السياحة العالمية ارتفعت ب40% سنة 2023، حيث انتقلت من 1000 مليار دولار سنة 2022 الى 1400 مليار دولار سنة 2023, وهو ما يعني أن آداءنا في جلب العملة الصعبة كان ضعيفا بالمقارنة مع المستوى العالمي ( 12+٪ بالنسبة للمغرب مقابل +40٪ للمعدل العالمي)، حيث أن هناك جهات منافسة حققت أرقاما هامة مقارنة مع المغرب.

 

 

ففي الوقت التي سجلنا حوالي 10  مليار أورو، كان نصيب مصر 15 مليار دولار، 25 مليار اورو بالنسبة للبرتغال, 54 مليار دولار بالنسبة لتركيا و 108 مليار أورو بالنسبة لإسبانيا، وهو ما يتطلب القيام بمجهودات كثيرة وجدية لتدارك هدا الخصاص المهول.

 

 

أما بخصوص السياحة الداخلية، ورغم الأرقام المهمة التي سردناها والتي تؤكد على أهميتها ودورها في الاتعاشة، فإن وزارة السياحة، لا تنتبه لأهميتها إلا في فترة الأزمات التي قد يمر منها هذا القطاع، نتيجة لظروف معينة، وهو ما يعبر عن قصور في الرؤية لهذا القطاع.

 

 

فالسياحة الداخلية تشكل في الدول المتقدمة ما بين 60 و80% من حجم النشاط السياحي، في حين أنها لا تتجاوز حجم 30% في المغرب، وهو رقم ضعيف إذا ما قورن بتلك الدول.

 

 

ولتجاوز بعض هاته  الإشكالات المطروحة، يتوجب  اعتماد برامج تروم تحقيق الإدماج الفعلي والواقعي لمغاربة العالم ضمن السياسات السياحية من خلال تنويع العرض السياحي ومراعاة القدرة المادية وتجويد الاثمنة والخدمات، بما يحفز مغاربة العالم ومعهم مغاربة الداخل، الأمر الذي سيعود على السياحة الوطنية الداخلية والدولية بالإيجاب.

 

 

ومن أجل استشراف مستقبل مشرق للسياحة، على الوزارة الوصية أن تشتغل بجد لإيجاد طريقة لتطوير وإعادة الأسواق الدولية المتراجعة، واستثمار الإشعاع والصورة الايجابية التي تم تسجيلها على المغرب في العالم.

 

 

كما  أن المجلس الأعلى للحسابات، أوصى في تقريره السنوي برسم 2022- 2023، بتوفير عروض سياحية متنوعة وموزعة على جميع الوجهات السياحية الوطنية، للارتقاء بالسياحة الداخلية وجعلها ركيزة أساسية للقطاع السياحي ورافعة للاقتصاد الوطني ولنمو مستدام، من خلال تنشيط مشاريع “بلادي” ومشاريع تطوير السياحة القروية والسياحة المستدامة، وتعزيز النقل الجوي الداخلي عبر توفير خطوط جوية إلى مختلف الوجهات السياحية الوطنية بأسعار مناسبة للقدرة الشرائية للسياح الداخليين.

التعليقات مغلقة.