السياسي و القضاء

الشأن العام و الشأن الخاص، خيط رفيع يفصل بينهما، و حدود رفيعة تنقل صاحبها من الخصوصية المحمية بقوة القانون، نحو العمومية في التتبع و النقد بما تقتضيه قواعد تدبير الشأن العام.

إن ما يقع فيه العديد من المتصدرين للشأن العام، و المتطوعين لترأس المنشآت العمومية، و الإدارات الرسمية، هو فهمهم الخاطئ لمفهوم الخصوصية، و مقتضيات العمل السياسي اليومي، حيث أن العديد منهم، إن لم نقل كلهم، أنهم يتذمرون من كثرة تداول أسمائهم، و تتبع كيفية تسيير و تدبير أموال و مشاريع دافعي الضرائب، الذين يعتبرون ممولون مباشرون لميزانية جميع صناديق الدولة، لذلك فتتبع المنتخبين و السياسيين، يعتبر من ضرورات الديمقراطية و المراقبة المستمرة جزء لا يتجزأ عن حلقات الديمقراطية.

فالمنتخببن، أو ما أسميهم بالمتطوعين، حيث أن لا أحد أجبرهم أو ضربهم على أيديهم، من أجل يترشحوا و يصرفوا الأموال مع الوقت، يعترفون و يقرون ضمنيا، أنهم ينفتحون على المجتمع، و يعطون الصلاحية لكل من يهمه الأمر أن يمارس الرقابة لتتبع مآل ضرائبه و امواله التي يتعب من أجل تحصيلها.

فحين تنعدم المراقبة المستمرة فإن الخلل يكون واقعا منذ البداية، لأن السلطة مغرية بكل تجلياتها، و إغراآتها. و حين تكون المراقبة قوية، معارضة و صحافة، و الشأن العام مفتوح للمراقبة على جوانحها، فإن عين الصواب يكون قد استكمل نضجه حيث العمل السياسي، و تدبير الشأن العام يصل لأوجه و المال العام يكون محميا من شطط السلطة و غواية الفساد.

و تأسيسا على ما أسلفت، فإني أرى معتقدا، أن السياسة و التدبير للشأن العام، يستوجب دراسة تكوينية ابتداءا، و تعليما مستمرا، حتى يكون المتطوع للشأن العام على دراية كاملة بما ينتظره لكي لا يحزن و لا يتذمر أو يلجأ للقضاء في مسائل تعتبر منذ البداية تطوعية و ليست إلزامية.
د. العمراني عثمان

التعليقات مغلقة.