لا أحد يعذر بجهله للقانون… فهل أنت مثقف قانونيا؟

كريم الهاني

لعل جلنا يقرأ الروايات وكتب الفكر والمجلات وما إلى ذلك؛ لكن، كم مرة أخذت في يديك كتابا يتحدث عن القانون تقرأه حتى تكتسب بعضا من الثقافة القانونية، مما يعينك على معرفة حقوقك والتزاماتك القانونية ضمن المحيط الذي تعيش فيه؟

كم مرة دخلت إلى مرفق عمومي أو إلى مؤسسة إدارية لقضاء غرض ما أو تريد الحصول على وثيقة ما، ثم اكتشفت أنك لا تعرف شيئا عن الإجراءات والمساطر التي تمر منها؟ كم مرة في حياتك وقفت أمام حقيقة أنك تجهل القانون الذي تمارس مواطنتك في إطاره؟

قال الرومان قديما: “حيثما يوجد مجتمع يوجد قانون”. بعبارة أخرى؛ لا مجتمع بلا قانون، ولا قانون بلا مجتمع. المجتمع المغربي، إسوة بكل المجتمعات إذن، تضبطه مجموعة من القواعد القانونية التي تساعد على تنظيم الشؤون العامة والخاصة، وحفظ مصالح المواطنين فيه بما يسهم في استقراره أولا وتقدمه ثانيا.

إحدى المبادئ الأساسية في القانون أن لا أحد يعذر بجهله، أو كما ورد في الفصل الثاني من القانون الجنائي المغربي: “لا يسوغ لأحد أن يعتذر بجهل التشريع الجنائي”؛ بمعنى أن أي شخص حدث له أن وقف أمام القاضي يوما ما لتهمة من التهم، لا يمكن له أن يتعلل بعدم معرفته بالقانون.

لكن، من أين لك أن تعرف بقانون ما، بينما تُنتج شهريا عشرات القوانين والتعديلات؟ الجريدة الرسمية تعد الوسيلة الرئيسة لإخطار المواطنين في هذا الباب؛ فبمجرد نشر نص قانوني بها، يعتبر داخلا حيز التنفيذ ما لم يكن واقفا على شرط… فهل هذا وحده كاف؟.

قبل الإجابة عن هذا السؤال، دعونا نتناول قليلا مبدأ “لا يعذر أحد بجهله للقانون”. يقول محام بهيأة الرباط لـ”مرايانا”، إن هذا المبدأ قائم على فرضية أن الأمور الممنوعة سيفهمها الناس بالفطرة؛ غير أن ذلك صعب جدا؛ فليس الإنسان العادي وحده من قد يجهل القانون، بل حتى المحامي والقاضي أحيانا؛ ذلك أن القانون أصبح بحرا.

في الواقع، وُجد هذا المبدأ لكي لا يتذرع أحد بأنه كان يجهل القانون، يضيف المحامي، موضحا أن من يرتكب مخالفة أو جريمة ما، لا يمكن أن يقول للمحكمة بأنه لا يعرف القانون… رغم أن هذا الأخير قد أصبح بحرا، ورغم أن عشرات القوانين والتعديلات تصدر كل شهر.

القانون سيطبق في جميع الحالات إذن، سواء علمت به أو لم تعلم. في المغرب، المواطنون مختلفون، فمنهم من يملك معرفة قانونية تضاهي المحامي، بخاصة إذا كان متمرسا بالقضايا والمحاكم، ومنهم من لا يملك أدنى فهم للمساطر وكيفية الدفاع عن حقوقهم، وبين هؤلاء وأولئك، يوجد من يفهم القانون إذا شُرح له.

محمد التغدويني، أستاذ القانون الخاص بجامعة عبد المالك السعدي، ومؤلف كتاب “إشكالية التجريم في التشريع الجنائي المغربي”، يذهب في نفس الاتجاه، معتبرا أن المشرع المغربي أصبح غير مكترث بمضمون مبدأ “لا أحد يعذر بجهله للقانون”، أمام تدخله في كل لحظة لتجريم الأفعال المباحة، بحيث أصبح من المستحيل على المعنيين به (أي المواطنين) إدراك ما هو ممنوع وما هو مباح، بسبب تضخم المادة الجنائية.

المبدأ الذي نتحدث عنه، يمكن تفسيره وفق التغدويني من زاوية الخطاب التشريعي الذي يتضمنه، بحيث يبدو منه أن المشرع المغربي يتوجه به إلى القاضي لا إلى المواطنين، وذلك حتى يستطيع إقحام المبدأ السابق في نطاق القانون الجنائي المغربي.

لكن، وبالرغم مما توفره مؤسسات الدولة من وسائل لنشر القواعد القانونية بغية إخطار المواطنين بها، حتى يكونوا على علم بما لهم وما عليهم من واجبات والتزامات قانونية، يبقى ذلك قاصرا، يقول أشرف الصابري، الباحث في القانون الخاص بجامعة محمد الخامس لـ”مرايانا”. بالنسبة لهذا الباحث، فإن الثقافة القانونية لا يطلع عليها في الغالب إلا من ولج الجامعة واختار الدراسات القانونية.

كن، وبالرغم مما توفره مؤسسات الدولة من وسائل لنشر القواعد القانونية بغية إخطار المواطنين بها، حتى يكونوا على علم بما لهم وما عليهم من واجبات والتزامات قانونية، يبقى ذلك قاصرا، يقول أشرف الصابري، الباحث في القانون الخاص بجامعة محمد الخامس لـ”مرايانا”. بالنسبة لهذا الباحث، فإن الثقافة القانونية لا يطلع عليها في الغالب إلا من ولج الجامعة واختار الدراسات القانونية.

التعليقات مغلقة.