مفارقات صفريوية : التراث المادي بين التثمين والإهمال

محمد كمال المريني

يضم جبل بينّا ، بالنظر لطبيعة تكوينه وعوامل التعرية ،عددا كبيرا من التجويفات أهمها ” كاف البقرة ” و ” كاف ليهودي ” أو ” كاف المومن ” حسب المعتقدات الدينية لأهل صفرو.

ارتبط ” كاف المومن ” في الذاكرة الصفريوية بكثير من الطقوس والممارسات الغرائبية والعجائبية ،فبداخله كانت تضاء الشموع تقربا وتنحر الأضاحي ( ديكة في الغالب )، كانت تقصده الفتيات الراغبات في الزواج والمصابات بالعقم قصد التبرك ،فكانت الفتيات يستحممن في عتمة المغارة وهي طقوس كانت تتقاسمها اليهوديات والمسلمات على حد سواء ،فالرَّبٍّي مول الجبل الكبير كما يُسمى في عدد من الكتابات العبرية يعتبر واحدا من الأولياء المقدسين من طرف المغاربة يهودا ومسلمين .

ارتبط مزار الرَّبٍّي مول الجبل الكبير المتعارف على تسميته بكاف ليهودي ثم كاف المومن بكثير من الروايات ،فالذاكرة الشعبية المسلمة اعتبرته مسكونا بجني ،في حين اعتبره اليهود ضريحا للرَّبٍّي المذكور آنفا بالرغم من عدم وجود قبر داخل المغارة ،فيما يذهب يهود آخرون إلى اعتباره ضريحا للرَّبٍّي عمران بن ديوان دفين اشجن بضواحي وزان ،والأرجح أنه مزار لهذا الأخير بالنظر لتردده عليه كثيرا وفتواه حين رخص لمريديه من اليهود بإمكانية الحج إلى مغارة الرَّبٍّي مول الجبل الكبير إن تعذرت عليهم زيارته بأشجن ،فيما زعم عبد الحي الكتاني لمريديه من الطائفة الدرقاوية أن المغارة تضم رفات النبي دانيال .تجدر الإشارة إلى كون كاف ليهودي يعتبر من أقدم المواقع التعبدية الطبيعية إذ كان موقعا لطقوس تعبدية وثنية وإحيائية وهو ما كشفت عنه التنقيبات الأركيوليوجية التي أنجزت في محيطه خاصة في كاف البقرة المحاذي له المنشورة سنة 1954 ضمن منشورات Bulletin de la la Société Préhistorique de France ،يعتبر مزار الرَّبٍّي مول الجبل الكبير واحدا من 126 مزارا ووليا يشترك المسلمون في زيارتهن والتبرك بهم .

بالرغم من القيمة الثقافية والتاريخية لموقع الرَّبٍّي مول الجبل الكبير لا نجد اهتماما به سواء من طرف وزارة الثقافة التي لم تهتم بتصنيفه موقعا أثريا أو تاريخيا مما يمكن من تثمينه وحمايته وحماية محاطه واعتبار هذا الأخير منطقة لحماية الموقع une zone de protection du site ،خاصة مع الحي الغير المهيكل المحيط به والذي تم إحداثه في تواطؤ مريب للجماعات الترابية المعنية بالموقع .

التعليقات مغلقة.