لن أمارس الفعل الانتخابي حقا مدنيا و لا واجبا سياسيا إلا بعد الإصلاح…

مريم عبد المجيد بورداد

حتى وإن تم إخضاعنا في موقف غير مسبوق ضمن تاريخنا السيوسيوسياسي إلى تصويت إجباري.. فالأمر لن يتعدى كونه امتثال إلزامي وقاية من التعنيف المادي أو الجسدي الذي قد يلحق بالمواطنين العازفين عن التصويت… سندخل مكتب التصويت كسلوك حضاري متمدن مسالم؛ لنمارس الفعل السياسي الوحيد الذي يحتاج تدخلا شعبيا في المنظومة الحكومية؛ بشفافية محضة سنصوت بسرية كما جرت العادة؛ فالأوراق البيضاء الفارغة من أي توجه أيضا ديمقراطية وتصويت مشروع يفضي بالواقفين على الشأن السياسي إلى التسليم بفكرة تكاد تكون عامة وسائدة “فئة عريضة من الشعب المغربي فقد الثقة تماما في سيرورة العملية الانتخابية ولا فرق عنده بين لحية ولا ربطة عنق! ذلك أن لديه يقين مسبق أن لا فائدة ترجى ولا تغيير إيجابي قد يحدث بعد الانتخابات”، فالكل يركض خلف الحقيبة السحرية التي ستجعله يسكن القصور ويركب الطائرات ويلبس ماركات عالمية ويرش العطور الفرنسية الباذخة…

مهما أكدت الدراسات الغربية فاعلية ونجاعة التصويت الإجباري في مجتمعاتها فهي لا تنفي اعتبار الفعل الإجباري خرقا بسيطا للحريات الشخصية؛ لأن زيادة عدد الناخبين وزيادة معدل المشاركة في السجلات واللوائح لن يعبر حقيقة عن الاختيار الصائب للناخب لأنه قد يلج مستودع التصويت خوفا من الغرامات فقط مهما كانت تافهة وبسيطة خصوصا ان كان غير مقتنع تماما بنزاهة الانتخابات و المنتخَبين وهذا ما يعاني منه الرأي العام المغربي بالضبط…

فالتصويت حق مدني وحرية مدنية تماما كحرية التعبير والتفكير والتوجه، وليس ابدا واجبا سياسيا يلزم الأفراد باختيار أشخاص في نظرهم غير موثوقين ولا أمناء على الشؤون العامة لمجتمعهم.

السؤال المعلق هنا! هو هل التصويت العشوائي سيكون حلا مناسبا ليخرج المغرب من أزمة العزوف عن التصويت؟

مؤكد أننا لن نعرف الإجابة! لكن جميعا نستوعب أن النظام المغربي حارب الأمية وأهمل محاربة الجهل جراء اعتباطية وعشوائية منظومته التعليمية وفساد أجهزته الإدارية والسياسية بكل قطاعاتها. كلها عوامل تجعل السؤال الفارط معلقا حتى يتم الإصلاح الفعلي… كلنا يعي أن الانتخابات المغربية رغم كل الإجراءات التي تدين الغش والتدليس وشراء الأصوات نقدا أو عينا واستغلال المستضعفين والفقراء بإقامة الولائم لملء البطون الجائعة وإلقاء خطابات تعد بخطط مستقبلية في مجملها كاذبة لتضليل العقول البسيطة الضائعة لم تجدي نفعا و لم تردع أحد عن شراء الذمم علنا أو في الخفاء…

فقد شهدت شخصيا أمورا غير مقبولة ولا منطقية قبل يوم عيد الكعكة السياسية التي تسيل لعاب الكثير من السياسيين صغارا وكبارا وتجعلهم يبذلون الغالي والصعب في سبيل الفوز بمقعد مريح وثير يحقق الطموحات والأحلام ويلبي الغايات والرغبات…. بالأخير يعاني المشهد السياسي المغربي الراهن من تشوهات عظيمة وجذرية، فاللغط حول الإصلاح الفعلي يظل حبرا على ورق وتظل كل الرهانات عقيمة مادام السياسي المغربي لا يرى أبعد من نزوته وغريزته ولا يعمل إلا لمصلحته الشخصية و لمصلحة أسرته الصغيرة؛ يسوس بمبدأ أنا وبعدي الطوفان ولعل الأمثلة الحية على أرض الواقع السياسي المغربي تغنينا عن أي تعليق… شخصيا لن أمارس الفعل الانتخابي كحق مدنيا ولا كواجب سياسي… إلا بعد الإصلاح!!

التعليقات مغلقة.